نشرت صحيفة "
فزغلياد" الروسية تقريرا
تحدثت فيه عن طلب السلطات السورية الجديدة من
روسيا دفع
تعويضات من أجل
"استعادة الثقة".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن القيادة السورية الجديدة بدأت التفاوض مع كافة الأطراف الفاعلة
في الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن الوكالة العربية السورية
للأنباء أن السلطات الجديدة في
سوريا تقدمت بطلب دفع تعويضات "من أجل استعادة
الثقة" إلى الوفد الروسي خلال أول مفاوضات ثنائية جمعت بين موسكو ودمشق بعد
سقوط نظام بشار الأسد، تم خلالها مناقشة قضايا "احترام السيادة والسلامة
الإقليمية" لسوريا.
وفي أعقاب الاجتماع، أفاد نائب وزير الخارجية
ميخائيل بوغدانوف أن وضع القواعد العسكرية الروسية في سوريا لا يزال دون تغيير.
وبحسب قوله فإن القرار النهائي بهذا الشأن يحتاج إلى مشاورات إضافية. من حيث
المبدأ، لا يمانع الجانبان إجراء المزيد من المناقشات بشأن زيادة التعاون.
وقال بوغدانوف: "أعربنا عن امتناننا لعدم
تعرض مواطنينا ومنشآتنا لأذى نتيجة الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة.
أعلق آمالا في الحفاظ على هذا الاتجاه وعلى مصالحنا في سوريا".
وتجدر الإشارة إلى أن مواقع تواجد القوات
الروسية في سوريا تشمل قاعدة حميميم الجوية ونقطة الإمداد اللوجستي البحرية في
طرطوس. وقد استخدمت موسكو هذه المواقع بناء على اتفاقية تم توقيعها مع حكومة بشار
الأسد في سنة 2017 تنص على استخدام المنشآت لمدة 49 عاما.
من جانبها، أشارت وكالة بلومبرغ إلى تراجع
النشاط الروسي في حميميم، مضيفة أن سفينتي نقل روسيتين انتظرتا عدة أسابيع للحصول
على إذن من السلطات السورية لدخول الميناء لنقل ممتلكاتهما. ونقلت الوكالة عن
مسؤولين أتراك أن دمشق لن تسمح لموسكو بالحفاظ على تواجدها العسكري بعد وقوفها إلى
جانب الجيش السوري ضد المعارضة. وذكرت وكالة رويترز للأنباء نقلا عن مصدر أن
السلطات السورية الجديدة طلبت من روسيا تسليم الأسد. في حين لم يتم تأكيد هذه
المعلومة من وسائل الإعلام الغربية.
وأوردت الصحيفة أنه بالتوازي مع روسيا، تجري
السلطات الجديدة في سوريا مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة لرفع العقوبات.
ومن بين الشروط التي يضعها الاتحاد الأوروبي إغلاق القواعد الروسية. وفي هذا
السياق، صرحت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن وزراء الخارجية في
الاتحاد اتفقوا على تخفيف القيود ضد دمشق.
وتنقل الصحيفة عن محلل الشؤون السياسية
والعسكرية الشرق أوسطية الروسي كيريل سيمينوف: "من المحتمل التفاوض في الوقت
الراهن على شروط التعويض عن استخدام القواعد. القيادة الجديدة على عكس بشار الأسد
لا تحتاج إلى القوة الجوية الروسية لدعم العمليات العسكرية ضد المعارضة، بل تحتاج
إلى المال. وعليه، فإن الفوائد الاقتصادية لوجود موسكو مهمة بالنسبة لها".
من جانبه؛ يرى الخبير العسكري يوري ليامين أن
الحديث عن التعويض في حد ذاته يعني أن سوريا مستعدة لدراسة المزيد من التعاون مع
روسيا.
ويقول ليامين: "يبدو أن السلطات السورية
تتفاوض في الوقت الراهن مع روسيا ومع الاتحاد الأوروبي ومع تركيا، في محاولة
للحصول على تفضيلات مختلفة. إن قضية مستقبل القواعد الروسية تستخدم أيضا كموضوع
للمساومة".
وأشار ليامين إلى حاجة السلطات الجديدة إلى
المال ومعاناة سوريا من عجز تجاري. ويضيف ليامين في هذا السياق: "ليس لديهم
مصادر دخل كافية. وتحاول الإدارة السورية تثبيت السلطة لأنه في حال لم تتمكن من
دفع تكاليف عمل القوات المسلحة، فلن تتمكن من الاحتفاظ بها".
وتابع ليامين بالقول: "يمكنها طلب المزيد
من الاتحاد الأوروبي نفسه مقابل إغلاق القواعد الروسية، عندها تتم معالجة المسألة
من منظور تجاري بحت، من يحدد المبلغ الأكثر جاذبية، سوف يصبح صديقا لدمشق. تكمن
الحاجة العادية إلى المال وراء كل الصيغ الدبلوماسية".
وأورد ليامين: "يمكن لروسيا تزويد سوريا
بالسلع، مثل الحبوب أو الوقود، وتقديم أنواع أخرى من المساعدة. في نفس الوقت، لا
يمكن للحكومة السورية أن تقدم لموسكو شيئا غير السماح لها بالحفاظ على القواعد
العسكرية".
وبحسب سيميون باغداساروف، مدير مركز
دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، فيفترض على الدبلوماسيين الروس تجنب الالتزامات
غير الضرورية، قائلا: "إذا وافقنا على دفع التعويضات، فقد يتم مطالبة روسيا
بفاتورة جديدة غدا".
ويتابع باغداساروف: "أذكركم أن أردوغان
أعلن أن أضرار الحرب الأهلية في سوريا تناهز 500 مليار دولار. هل يستحق الأمر كل
هذا العناء؟ إذا كنا قلقين بشأن لوجستياتنا العسكرية، وبشأن لعب سوريا دور جسر
التواصل مع أفريقيا، فهناك خيارات لوجستية بديلة، على سبيل المثال ليبيا".
وأفاد باغداساروف أن: "القضية مع سوريا لم
تغلق بعد. وبحسب بعض التقديرات، فإن الحكومة الجديدة في دمشق تسيطر فقط على حوالي
60 بالمئة من أراضي البلاد. وعليه، يتوجب علينا مراقبة ماذا سيحدث في سوريا".
وفي ختام التقرير، نقلت الصحيفة عن باغداساروف
اعتقاده أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن القواعد الروسية، مشيرا في ذات الوقت إلى ضرورة التفكير في بديل وإجراء مراجعة شاملة لوضع روسيا في سوريا.