التطبيع العلني بين عدد من الدول العربية (الإمارات والبحرين وقد تلحق بها دول أخرى)، سيدخل القضية الفلسطينية في مسار جديد في المواجهة وإعادة تشكيل الأنظمة والمنطقة كلها.
ففلسطين كانت طوال التاريخ هي محور الأحداث الكبرى في العالم وفي المشرق، وهي مهد الأديان التوحيدية، ففيها كنيسة القيامة ومهد المسيح ومسرى الرسول محمد، ولقد فتحها الخليفة عمر. وكانت هدف الغزاة والملوك والإمبراطوريات، فمن يسيطر على فلسطين يسيطر على الشرق كله. وكانت محور الصراعات الدينية والسياسية طوال قرون عديدة، ولذا كانت هدف الفرنجة الذين كانوا يأتون باسم الدين لكن هدفهم كان السيطرة على المنطقة كلها وثرواتها، وكانت هي الطريق للوصول إلى الحكم والسلطان، وقد حاول نابليون السيطرة عليها للسيطرة على الشرق كله.
ولذا، عندما حررها صلاح الدين بعد مسيرة طويلة من الصراعات والحروب تغيرت خريطة المنطقة، وخلال الحرب العالمية الأولى وعندما وصل القائد البريطاني اللنبي إلى القدس؛ قال مقولته الشهيرة: لقد عدنا يا صلاح الدين.
وعندما اختيرت كي تكون هدفا للمشروع الصهيوني بدعم غربي لم يكن ذلك خيارا عاديا، بل كانت مدخلا للسيطرة الغربية على المنطقة كلها، ومن أجل تقسيم العالم العربي وكي تكون قاعدة متقدمة للمشروع الغربي وحاجزا لأي وحدة مستقبلية.
القضية الفلسطينية هي العامل الأساس في تغيير خريطة المنطقة، والعامل المؤثر في واقع كل الأنظمة العربية، والسبب الأساس للانقلابات ونشوء الأحزاب والمشاريع النهضوية، ولذا عند كل تطور تاريخي ومهم على صعيد القضية الفلسطينية أو يتعلق بها؛ تحدث تغييرات في كل المنطقة
ستكون لمرحلة التطبيع العلنية بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني واستكمال تطبيق صفقة القرن؛ انعكاسات مباشرة على كل دول المنطقة، وبدأنا نشهد هذه المؤشرات بوضوح.
فبعد عشر سنوات من الصراعات ومحاولة تقسيم المنطقة على أساس مذهبي أو قومي أو عرقي، ورفع شعارات طائفية وقومية حول صراعات المنطقة، والحديث عن هلال شيعي أو محور فارسي أو إيراني، أو استعادة صراعات تاريخية قديمة أو الصراعات على السلطة في دول المنطقة، ها هو الصراع الأساسي حول فلسطين يعود إلى الأولوية وواجهة الأحداث.
ونحن سنكون في المرحلة القادمة بين محورين: محور التطبيع مع العدو الصهيوني وتطبيق صفقة القرن وتصفية القضية الفسطينية والمقاومة، ومحور رفض التطبيع والدفاع عن القضية الفلسطينية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، ومواجهة الاحتلال ودعم المقاومة وكل من يرفض التطبيع.
بعد التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني سنشهد تطورات وأحداثا في كل المنطقة، هذا ما يقوله التاريخ والمنطق وسياق كل الأحداث في هذه المنطقة، فالأنظمة التي ستكون شريكة للكيان الصهيوني ستكون عارية أمام شعوبها، ولن تستطيع إخفاء هذه الحقيقة أو تغيير طبيعة الصراعات في المنطقة.
الأنظمة التي ستكون شريكة للكيان الصهيوني ستكون عارية أمام شعوبها، ولن تستطيع إخفاء هذه الحقيقة أو تغيير طبيعة الصراعات في المنطقة
ما خفي أعظم: المقاومة والتطبيع.. فرق تدوير المخلفات
جامعة الدول العربية: العيد 75 في خدمة بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل