دخل العمل العسكري إلى مرحلة من السكون بعد انكسار قوات حفتر في الغرب الليبي وتراجعها إلى ما بعد مدينة سرت التي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 450 كم. قوات الوفاق تقف الآن على حدود سرت التي أصبحت، هي والجفرة ومناطق حقول وموانئ النفط، نقطة التجاذب السياسي بين الأطراف المعنية كثيرا بالمسألة الليبية.
وتدور تصريحات الأطراف الإقليمية والدولية حول كيفية تسوية النزاع بعد التطورات العسكرية التي عززت من موقف حكومة الوفاق التي أعلن رئيسها الاستمرار في القتال حتى بسط النفوذ على كافة التراب الليبي، فيما ركزت حليفتها تركيا على سرت والجفرة والهلال النفطي، لترد القاهرة بأن الأخيرة خط أحمر، ولتتحدث الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن ضرورة وقف القتال وعودة تدفق النفط.
ملف تقاسم الثروة لقي رواجا بعد الحرب على طرابلس، خاصة بعد أن تبين لأطراف عدة فشل العدوان وضياع فرصة سيطرة حفتر على مقاليد الأمور في البلاد.
التطور اللافت هو دخول عناصر الفاغنر إلى حقل الشرارة النفطي الذي استأنف الإنتاج بعد توقف دام 6 أشهر، ولهذه الخطوة دلالتها الكبيرة والخطيرة في حال لم تكن مجرد جس نبض لردود فعل الأتراك والأوروبيين والأمريكيين.
أما إذا لحق هذه الخطوة خطوات مماثلة في حقول وموانئ النفط وتمركزت فيها قوات الفاغنر، فإن ذلك يعتبر منعطفا خطيرا سيفاقم الأزمة الليبية ويدفعها إلى مستوى متقدم من الصراع.
خطة نفوذ استراتيجي روسي
مجلة الفورين بوليسي (FP) الأمريكية الشهيرة تحدثت في تقارير سابقة عن ما اعتبرته استراتيجية روسية لتعزيز النفوذ الخارجي من خلال منافسة الغرب الأمريكي الأوروبي في إمدادات النفط خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وأسهب أحد تقاريرها الذي كان عنوانه: مستقبل النفط العراقي روسيّا، أسهب في توصيف التغيير الواضح في خارطة الشركات التي تستكشف وتنتج النفط في العراق، وكيف أن ثلاث شركات أمريكية عملاقة خرجت لتحل محلها ثلاث روسية.
وإذا أضفنا إلى ذلك العلاقة الروسية مع إيران والتهديد الذي تواجهه صناعة النفط السعودية، فإن وضع روسيا يدها على النفط الليبي، أو إدخاله في دائرة صراع، يعني أن المنطقة الأهم في إنتاج وتصدير النفط تواجه صعوبات كبيرة لن تكون في صالح الأمريكيين والأوروبيين.
تحرك تكتيكي له ما بعده
من المتوقع أن نشهد تصعيدا أمريكيا أوروبيا إزاء الخطوة التي أقدمت عليها روسيا، وقد يكون رد الفعل الروسي التراجع، إلا أن ذلك سيكون بشروط تتعلق بكيفية إدارة عوائد النفط ونتيجته إنهاء سيطرة حكومة الوفاق عليه كليا، وتوزيعه بشكل يرضي جبهة الشرق. وهو ما يمكن أن يكون ضمن تسوية تشرف عليها واشنطن وموسكو، كما أن هناك احتمال مقاومة تكتيك موسكو إلا إذا اقترن بخروج روسيا كليا من ليبيا.
تقاسم الثروة منعا لتقسيم البلاد
ملف تقاسم الثروة لقي رواجا بعد الحرب على طرابلس، خاصة بعد أن تبين لأطراف عدة فشل العدوان وضياع فرصة سيطرة حفتر على مقاليد الأمور في البلاد. فصدحت القاهرة، التي ترجو أن تكون أول المستفيدين من المال الليبي، بضرورة تقاسم الثروة، واستجابت عواصم عدة عربية وغربية للمطلب حتى صار ضمن مقررات لقاء برلين.
التطور اللافت هو دخول عناصر الفاغنر إلى حقل الشرارة النفطي الذي استأنف الإنتاج بعد توقف دام 6 أشهر، ولهذه الخطوة دلالتها الكبيرة والخطيرة في حال لم تكن مجرد جس نبض لردود فعل الأتراك والأوروبيين والأمريكيين.
حالة الاستقطاب التي انتقلت من المحلي إلى الدولي تنذر بتقسيم البلاد، وآخر تصريحات وزير الخارجية الأمريكي هي التأكيد على ضرورة سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط على إدارة الخام الليبي من الناحية الفنية، وهناك اتجاه إلى تبني آلية لتوزيع عوائده خارج نطاق سلطات المؤسسات التقليدية (الحكومة والمصرف المركزي)، وهذا قد يسهل التوافق على توزيع النفط بشكل يرضي الجبهة الشرقية المدعومة روسيا، لكن ما قد يربك هذا السيناريو هو نوايا روسيا وإذا ما كانت ستنسحب من ليبيا.. إذن سيكون هذا هو المطلب الحيوي الأمريكي الأوروبي والذي إن تعثر فستتعثر معه ملفات أخرى وربما سيكون مبررا للتصعيد العسكري.
سياسة القاهرة تجاه ليبيا.. فشل يورث الندامة
هل تدفع الإمارات مصر إلى الغرق في ليبيا وشرق المتوسط؟
ليبيا.. زلزال ميداني ومآلات سياسية غامضة