على
الرغم من تأكيد السلطات
المصرية الدائم من أن البلاد خالية من فيروس
كورونا (كوفيد
-19)، أعلنت وزارة
الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن إصابة 12 مصريا
دفعة واحدة بجنوب البلاد، ما أثار المخاوف من انتشار خامل للمرض.
الوزارة أكدت أن جميع المصابين كانوا على متن إحدى البواخر النيلية القادمة
من مدينتي أسوان للأقصر السياحيتين جنوب مصر، وذلك بعد مخالطتهم سائحة تايوانية من
أصول أمريكية لمدة أسبوعين.
وأعلنت
مصر الأيام الماضية عن ثلاث حالات، الأولى: لأجنبي غادر مستشفى الحجر الصحي في مرسى
مطروح (غرب البلاد)، والثانية: لأجنبي أُعلن عنها أول آذار/ مارس الجاري، تتلقى العلاج
بمستشفى العزل التي تقبع بها الثالثة كأول حالة لمصري، وهي لعائد من صربيا عبر فرنسا،
الخميس.
وزارة
الصحة أكدت أنها تواصل رفع درجات الاستعداد بالمنافذ والمطارات واتخاذ الإجراءات الوقائية،
مع انعقاد غرفة إدارة الأزمات من الوزارات كافة، فيما أعلنت وزيرة الصحة هالة زايد،
الجمعة، إجراء تحاليل لـ1904 حالات مشتبه بإصابتها منذ كانون الثاني/ يناير الماضي،
وجميعها سلبية.
ويأتي
الإعلان عن الرقم الكبير دفعة واحدة ليثير المخاوف من كمون المرض بين المصريين دون
اكتشافه، خاصة أن اكتشاف الحالات الجديدة تم التأكد منها بعد مرور نحو 14 يوما من مغادرة
السائحة التايوانية لمصر.
وما
يزيد من تلك المخاوف إعلان فرنسا عن إصابة 12 مواطنا عائدين من مصر، إلى جانب إصابات
في إيطاليا وكندا وأمريكا ولبنان، ومن قبلهم الصين لسواح كانوا بمصر.
"أخطاء التعاطي
الحكومي"
وفي
تعليقه قال الدكتور مصطفى جاويش، إنه "منذ إعلان وجود فيروس كورونا منتصف كانون
الثاني/ يناير 2020، كان الخطاب الإعلامي للحكومة المصرية هو التطمينات واستبعاد وصول
العدوى".
وحول
الإجراءات المصرية أشار جاويش، بحديثه لـ"عربي21"، إلى خطوة استقدام المصريين
العالقين بمدينة ووهان مركز العدوى بالصين، وتجهيز مستشفى خلال يومين بمرسى مطروح لاستقبال
حالات الحجر الصحي للقادمين من الصين".
وأضاف
أن "الضجيج الإعلامي بلغ مداه حين توجهت الوزيرة لفندق عسكرى بمرسى مطروح لتعلن
فض المعسكر، وتظهر مع أطفاله بالأحضان والقبلات وكأنه إنجاز مبهر، ما أعطى انطباعا للشارع
أن المرض انتهى، وهي الرسالة الإعلامية المطلوب ترسيخها".
المسؤول
السابق بوزارة الصحة، أوضح أن "ملامح الفشل الحكومي بدت بإعلان الصين اكتشاف مصابة
قادمة من مصر، ما اضطر الحكومة لإعلان وجود حالة ومعها 17 مخالطة واجبة العزل، وهذا
يعني عدم القدرة على اكتشاف المصابين مبكرا".
وأكد
أن "الفشل زاد وضوحا بتتابع الإعلان عن وجود مصابين عائدين من مصر بفرنسا وكندا
وتايوان ولبنان"، مضيفا أنه "الجمعة، كانت فضيحة النظام بالإعلان مضطرا
عن وجود 12 مصريا خالطوا مريضة تايوان".
وحول
جاهزية مصر، قال جاويش إن "منظمة الصحة العالمية، حددت أربعة سيناربوهات لبيان
مدى جاهزية الدول لكشف الوبائيات، وأولها: القدرة على اكتشاف المصابين وهو ما فشل فيه
النظام"، مشيرا إلى أن "التكتم كان سبب الكارثة بإيران".
وأشار
إلى "خطأ تناقض التصريحات الحكومية وعدم منطقيتها، ما أدى لانتشار الشائعات، وخاصة
بإعلان وزيرة الصحة أن كورونا قادم ولكنه غير مميت، بجانب تصريحات المتحدث باسم الوزارة
بأن مصر خالية من كورونا، ثم طلبه من الصين إرسال وفد للمشاركة بحفل إعلان مصر خالية
من الفيروس".
وختم
بقوله: "هذا التخبط والتعاطي الحكومي دفع بعضو بالبرلمان للمطالبة بغلق المدارس،
ونشر التوعية الصحية إعلاميا، وتوفير مستلزمات التحكم بالعدوى وسهولة تداولها بين الناس".
"ليست مؤهلة..
والخسائر كبيرة"
واقتصاديا،
وحول دلالات اكتشاف 12 إصابة بكورونا دفعة واحدة، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد
ذكرالله: "تأكد ما كانت تخفيه الإدارة المصرية"، مضيفا أنه "من المنطقي
والمقبول بعد اكتشاف حالات كثيرة لانتقال الفيروس كانت مسافرة لمصر".
فهل
تفاجأت السلطات أم أنها تعمدت إخفاء هذه الحقيقة؟
يعتقد
الأكاديمي المصري، بحديثه لـ"عربي21"، أن "ما تقوله وزارة الصحة المصرية
لم يكن لينطلي على أحد أن هذا هو الحقيقة، ودائما ما نشك بأرقام الإدارة المصرية، وللأسف
ظهرت الحقيقة".
وتساءل: "لماذا تفتح الإدارة المصرية أراضيها لاستقبال وفود سياحية
من الصين التي انتشر بها المرض؟ وما فوائده من وجهة نظر الدولة؟ وأعتقد أن نتيجة ذلك
انتشار كبير للفيروس".
وحول
جاهزية القطاع الصحي المصري، يرى ذكرالله أنه "ليس مؤهلا لاستقبال أية أزمة"،
مشيرا إلى أزمة "استقالات ألفي طبيب لتعنت الدولة بالرواتب، وعدم تأمين المستشفيات
الحكومية، والاعتداء المتكرر على الأطباء وأطقم التمريض، وعدم مراعاة الدولة لهذا القطاع
كما ينبغي".
استشارى
التدريب ودراسات الجدوى، أضاف أن "كثيرا من المستشفيات المصرية ونسبة ليست بسيطة
من قطاع الصحة من مستشفيات معامل التحاليل وخلافه، انتقل للعمل بالاستثمار الإماراتي
بهذا القطاع بمصر".
وفي
توقعاته للقطاعات الأكثر تأثرا، قال ذكرالله: "حدثت بالفعل خسائر بالبورصة، وفي
رسوم المرور بقناة السويس، والسياحة، والصادرات، والاستثمار الأجنبي، وتحويلات العاملين
بالخارج، وشركات الطيران والسفر بعد إلغاء رحلات العمرة".
"كارثة
حقيقية"
سياسيا،
يعتقد السياسي المصري طارق مرسي أن "الإعلان عن 12 إصابة فعلية ودفعة واحدة من
كورونا، ما هو إلا محاولة لحكومة الانقلاب الفاشلة للخروج من حالة التكتم عن الوضع الصحي،
واستجابة للضغوط الخارجية للإفصاح عن عدد الحالات الحقيقية".
مرسي
قال لـ"عربي21": "لا أظن أبدا أن 12 أو 15 حالة أعلنتهم مصر هي الأعداد
الحقيقية، وإن كنت أتمنى ذلك، لكن كيف وأمريكا وكندا وإيطاليا ولبنان أعلنت عن مصابين
جاؤوا من مصر، لفرنسا وحدها 12 حالة"، متسائلا: أين عاش هؤلاء ومن خالطوا؟".
وأشار
إلى "مصيبة كبيرة فعلتها حكومة الانقلاب بمنتهى اللامبالاة والغباء وربما عن قصد؛
عندما استقبلت طائرة تقل 114 سائحا صينيا بذروة تفشي المرض، وبوقت أغلق العالم أبواب
مطاراته أمام الصين"، متسائلا: "ماذا نتوقع من حكومة كهذه وتعامل كهذا؟".
ويعتقد
البرلماني المصري "أننا أمام كارثة حقيقية؛ وأخشى من تفشي الوباء، خاصة أن حوارات
أهلنا في مصر بوسائل التواصل عن أعداد لقيت حتفها بالمرض، وسُجِلت شهادات الوفاة بأسباب
أخرى منها الالتهاب الرئوي".
وأكد
أنه "لا أمل لنا بالسيسي وعصابته وحكومته، ولا ننتظر منهم حرصا على صحة المصريين وحياتهم، ونهيب بكل طبيب ومستشفى بذل الجهد لوقاية المصريين وعلاجهم، ونطالب الأطباء
ونقابتهم بالإعلان عن حجم المرضي الحقيقي لاتخاذ إجراءات وقائية؛ كإيقاف المدارس والجامعات،
وتخفيف الأعداد بالمواصلات، وعمل خطة وقائية لكبح انتشار المرض".
اقرأ أيضا: "كورونا" ينعش تجار الأزمات بمصر.. وسعر الكمامات يتضاعف