صحافة دولية

كاتبة بريطانية: عدم مصداقية ترامب مع حلفائه تدفعهم للبحث عن خيارات أخرى

ترامب تبرأ من المسؤولية عن هجوم قطر وزعم بأنه من فعل نتنياهو- جيتي
ترامب تبرأ من المسؤولية عن هجوم قطر وزعم بأنه من فعل نتنياهو- جيتي
قالت المعلقة في صحيفة "الغارديان" نسرين مالك بمقال نشرته الصحيفة، إن القادة حول العالم يلتقون في اجتماعات وقمم عاجلة، فبعد الغارات الإسرائيلية ضد  قادة حماس في الدوحة، وهو خرق ضخم لسيادة بلد قريب من الولايات المتحدة ويلعب دورا في محادثات السلام، تدفق قادة الخليج لإظهار التضامن، حيث وصل رئيس الإمارات محمد بن زايد في زيارة غير مرتبة وتضامن مع حاكم قطر.

وأضافت أنه كان إظهارا عاما للإخوة والذي لم يكن أحد يفكر به قبل عدة سنوات، عندما فرضت دول عربية منها الإمارات مقاطعة على دولة قطر. ودعت السعودية التي شاركت في المقاطعة إلى رد عربي إسلامي دولي لمواجهة العدوان الإسرائيلي و "الممارسات الإجرامية".

وفي يوم الأحد كان قادة الدول العربية والإسلامية في طريقهم إلى الدوحة للمشاركة في قمة طارئة.

وقبل أكثر من أسبوع بقليل، أشار اجتماع آخر إلى تحالفات جديدة أخرى فقد اجتمع قادة الهند والصين وروسيا في تيانجين، ما أسفر عن صورة من الدفء الحميمي. وقد تم الاتفاق على القمة في أعقاب عزل دونالد ترامب لحليف آخر، ناريندرا مودي.

وأوضحت الكاتبة، أنه بعد انتخاب ترامب للمرة الثانية، كان رئيس وزراء الهند، مودي من أوائل القادة الذين زاروا واشنطن العاصمة، حيث وصف بأنه "صديق عظيم"، وحددت الدولتان هدفا لمضاعفة تجارتهما إلى نصف تريليون دولار بحلول عام 2030. وبعد بضعة أشهر من ذلك، صفع ترامب الهند بتعرفة جمركية بنسبة 50 بالمئة على السلع المستوردة من البلاد، وهي تعرفة تضاعفت كعقاب على شراء الهند للنفط الروسي.

وتابعت، "ثم شرع ترامب في وصف الاقتصاد الهندي بأنه ميت، وعلق على قمة تيانجين في منشور: "يبدو أننا فقدنا الهند وروسيا  في أعماق الصين المظلمة"، كما يمارس الآن الضغوط على الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الهند والصين.

وترى الكاتبة، أنه قبل بضعة أشهر فقط من الضربة الإسرائيلية على الدوحة، قال ترامب، وأثناء زيارته للعاصمة القطرية "فلنشكر الله على نعمة هذه الصداقة"، لكن حملك صفة صديق لترامب، لم يعد، كما تقول الكاتبة، ضامنا لعلاقات جيدة، بل نذير خيانة.

وتشير كاتبة المقال، إلى أن بعض هذه التجمعات وبيانات التضامن الجديدة وتعزيز التحالفات الإقليمية، هي من نواح أخرى ، مجرد مظاهر. فلا الهند ولا قطر لديها أي مصلحة في معاداة ترامب علنا. وتعبيرات الغضب الصادرة وتظاهرهما بالصداقة تهدف إلى إظهار أن هذين البلدين ليسا عميلين للولايات المتحدة وأن لهما خيارات، ذلك أنه يتعين على الحلفاء الذين خانهم ترامب إدارة رد فعلهم على الإذلال الأمريكي مع التركيز على سمعتهم المحلية والإقليمية.

ووفقا لنسرين مالك، فإنه من نواح أخرى، تعد هذه التجمعات محاولات حقيقية لاستكشاف كتل القوة التي يمكن تشكيلها، فما يعول عليه ترامب، وبطريقة ما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو قدرتهما على تحمل ما يعرف في عالم المال بـ"محدد الأسعار" - أي الجهة القادرة على تحديد تكلفة السلع والخدمات في ظل سوق غير تنافسية.  

وعليه، فإسرائيل قادرة على قصف من تشاء، والولايات المتحدة قادرة على انتهاك الاتفاقيات الأمنية وإملاء الشروط الاقتصادية بدون أن يكون لأحد حق الرد.

وأشارت إلى أن استمرار الحال ولوقت طويل، قد يدفع الجهات العقلانية الفاعلة للبحث عن سبل للتكيف مع ظروف السوق غير المثالية. ولا يعود ذلك إلى اعتراض هذه الدول المنعزلة حديثا على قوة الولايات المتحدة وإسرائيل العسكرية بل إن دول الخليج، على وجه الخصوص، رحبت بالولايات المتحدة وأثنت عليها بحرارة وتسامحت مع إسرائيل أو طبعت علاقاتها معها ولكنها تبحث الآن عن جهات أخرى لأن ترامب، ببساطة، غير متزن عقليا، فيما أصبحت إسرائيل خارجة عن السيطرة.

ومضت قائلة، "يبدأ الناس في البحث عن خيارات، لأنك عندما تخون حليفا موثوقا، يدرك الجميع ألا أحد في مأمن بعد الآن، ومن اللافت للنظر كيف أن الإمارات العربية المتحدة، الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، تنتقد إسرائيل بشدة وبشكل غير معهود منذ قصف قطر. وبالفعل، أصبح مصير هذه الاتفاقيات موضع تساؤل".

اظهار أخبار متعلقة



وفي تيانجين، حثت الصين أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون على الاستفادة من "أسواقهم الضخمة" لدعم التجارة والاستثمار فيما بينهم، وأعلنت عن "مبادرة حوكمة عالمية"، في مسعى واضح لتصوير الصين وحلفائها كداعمين لنظام عالمي جديد. وحضرت القمة دول أخرى، مثل تركيا ومصر، اللتين تقعان أيضا في مرمى النيران سياسيا واقتصاديا في أزمة الشرق الأوسط.

وفي المرحلة الجديدة من سياسة ترامب الخارجية، يتفاقم القلق بشأن عدم موثوقيته وأن الإفراط للمضي مع أهواء نظامه ونزواته أمر خطير والسبب هو عدم وجود ما يضمن أن الاستثمار به سيؤتي ثمارا، ولا يستحق "صانع الصفقات القاسي" التعامل معه إلا عندما يلتزم بقاعدة أساسية واحدة: بمجرد إبرام الصفقة، حتى لو كانت سيئة، يجب الالتزام بها بحسب الكاتبة.

وذكرت أن ترامب انتهك هذا المبدأ، وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، لم يعد ترامب يبدو شخصا يمكن إقناعه وإطراؤه وإغراؤه من الدول العربية، ببساطة، لا يملك ترامب القدرة على منع الصراع من التمدد بطرق تعيد رسم الخريطة المادية والسياسية للشرق الأوسط بشكل متزايد.

ويبدو، كما تقول مالك، مثل إمبراطور كسول ومتقلب، يحكم أمة تعصف بها أعمال العنف والأزمات.

وأوضحت أن إعادة اصطفاف الدول وترتيب الأدوار العالمية عادة ما يكون بطيئا ومعقدا، وقد تكون مزعجة وفوضوية للدول المرتبطة بالولايات المتحدة عبر علاقات اقتصادية وعسكرية، فمن جهة تعد الولايات المتحدة أكبر اقتصاد استهلاكي في العالم، وتشكل مظلتها الأمنية ومبيعات أسلحتها ركيزة أساسية لاستقرار العديد من الدول، لا سيما في العالم العربي، من جهة أخرى.

وقالت إن الخيار الآن أمام العديد من حلفاء الولايات المتحدة هو بين تسليم سيادتهم لترامب، أو البحث عن سبل لتعزيزها بوسائل أخرى، بدون استعداء الرئيس لهم.

كما أن هناك ضرورة لتنفيذ هذا الأمر بحذر مما يوحي بأن الصفائح التكتونية لا تتحرك. لكن الحماس غير المسبوق الذي تحتضن به الدول بعضها بعضا حرفيا يوحي بعكس ذلك.

وأردفت، أنه في الوقت الحالي، قد ينظر ترامب ونتنياهو إلى القمم والتصريحات باعتبارها مجرد تظاهرات لا أهمية لها صادرة عن الضعفاء، لكن قوة بلديهما هي في جزء منها قوة نفسية، فقد كان التسامح معهما قائما على إدراك أن الجميع متحدون للحفاظ على الوضع الراهن، مما يعني أن الحلفاء لن يتعرضوا للقصف أو لتدمير اقتصاداتهم. وبمجرد أن تزول هذه التعويذة، ستتوقف كل الرهانات.
التعليقات (0)

خبر عاجل