بعد جدل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي
والفضائيات والصحف
المصرية، وصل الصراع بين نقابة "المهن الموسيقية" المصرية
وبين مطربي "
المهرجانات" بتراجع مجلس النقابة عن قراره السابق بمنع هذا النوع
من
الغناء الشعبي.
النقابة، قررت مساء الأربعاء منح تصاريح
لمطربي المهرجانات، عبر "شعبة الأداء الشعبي"، وحصول أعضائها على ترخيص سنوي
بالغناء، شرط الالتزام بالمعايير الرقابية، مع احتفاظ النقابة بحق إلغاء الترخيص حال
المخالفة.
الأزمة كانت تفجرت بعد حفل لمطربي المهرجانات
حسن شاكوش وعمر كمال بـ"عيد الحب" 14 شباط/ فبراير الماضي باستاد القاهرة، حضره 80 ألف متفرج، أطلقا فيه أغنية "بنت الجيران" -حققت 7 مليون مشاهدة
بـ24ساعة- التي اعتبرها المصريون غير لائقة بالذوق العام، لتضمنها دعوة لتناول
"الخمور" و"المخدرات".
وطالبت نقابة المهن الموسيقية، الأحد
16 شباط/ فبراير الماضي، الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار بتفعيل قرار النقابة
بمنع جميع مطربي المهرجانات من الحفلات العامة والخاصة، والمنشآت السياحية والأفراح؛ حفاظا على الذوق العام.
وبعد القرار بيومين تحدى مطرب المهرجانات
حمو بيكا "المهن الموسيقية"، وقام وطرح أغنية مهرجان باسم "فيرس كورونا"
بموقع "يوتيوب"، حملت كلماتها جملة لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، مع إشادة
به وبالجيش.
وامتدت حالة الجدل لتشمل الممثل ومطرب
المهرجانات محمد رمضان، حيث وجه له نقيب الموسيقيين، هاني شاكر، انتقادات بمداخلة مع
الإعلامي أحمد موسى، وأكد أنه لم يتم منحه تصريحا لحفله الأخير، لكن رمضان تحدى القرار
معلنا عن أغنية "أيوه جدع" عبر "يوتيوب".
وفي الوقت الذي طالب فيه شاكر، عبر برنامج "كل يوم" بفضائية
"ON E"، وزير الإعلام بمنع ظهور مطربي
المهرجانات بالإعلام، استضاف برنامج "من مصر" عبر فضائية "سي بي سي"
المطرب الشعبي عمرو كمال.
ووصلت أزمة مطربي المهرجانات أروقة القضاء
بعد أزمة أغنية "بنت الجيران"، حيث قدم المحامي حاتم السعيد بلاغا للنائب
العام ضد رئيس نقابة المهن الموسيقية وقناة "DMC"، بسبب ألفاظ
الأغنية الخادشة للحياء، فيما أقام مطرب المهرجانات حمو بيكا دعوى قضائية ضد النقيب
هاني شاكر، مطالبا بمنحه ترخيصا بالغناء.
ورغم الصراع الدائر بينهما، استضافت الفضائيات
المصرية مطربي المهرجانات.
ولم تغب تلك الأزمة عن دهاليز البرلمان،
حيث أشاد رئيس حزب "الحرية" صلاح حسب الله بموقف المهن الموسيقية، فيما أعلن
البرلماني محمد الحسيني دعم مطرب المهرجانات حسن شاكوش، بحديث لموقع "القاهرة
24".
"الأزمة في النقابة"
وحول الخطوات التي يجب على النقابة
اتخاذها لتهذيب هذا النوع من الغناء، وضم هؤلاء المطربين إلى جوقة الغناء الجيد، يرى
الناقد الفني طارق الشناوي، أن "النقابة لا تلعب دورها من الأساس في صناعة مناخ
صحي للغناء، وتكتفي فقط بالاعتراض على الأغاني، دون أن تكون قادرة على خلق وصناعة مناخ
يساهم في إنتاج نوع مغاير من الغناء أو المهرجانات".
الشناوي أكد في حديثه لـ"عربي21"
أن "النقابة تبدد طاقتها بمنع تلك الأغاني، وأن هذه الواقعة ليست الأولى، وسبقتها
أخرى قبل 5 سنوات، قام فيها مجلس النقابة ذاته بمنع عدد من المطربين من الغناء لفترة، ثم أباح لهم مرة أخرى"، معتبرا أن "هذه ليست مهمة المقابلة الأصيلة".
ووصف أستاذ "النقد الفني" بكلية
الإعلام جامعة القاهرة مجلس نقابة الموسيقيين بأنهم "مترددون، ولا يعرفون الحل
الصحيح للأزمة"، مؤكدا أنه "يكمن في عدة خطوات أهمها عودة حفلات أضواء المدينة
مجددا، وبشكل دائم، لتضم كل المطربين بالتتابع الكبار والجدد".
وأشار إلى أن هناك أزمة "تكمن في
عدم عدالة توزيع الأغاني بالإذاعات، خاصة إذاعة الأغاني"، موضحا أن "الإذاعة تذيع أغاني النقيب هاني شاكر بشكل دائم
ومنتظم، دون أن تمنح هذا الحق لباقي جيله من الفنانين مثل علي الحجار، ومدحت صالح، ومحمد
الحلو، وغيرهم"، متسائلا: "أين جيل هاني شاكر من إذاعة الأغاني التابعة للدولة؟".
ويرى الكاتب الصحفي أنه "من غير الطبيعي
ألا تلعب النقابة دورها بتحقيق العدالة الغنائية المفتقدة بين أجيال المطربين، أو صناعة
الطرب والغناء والموسيقى، وليس فقط لإرضاء النقيب"، معتقدا أن "النقابة هي
سر الأزمة".
وأشار إلى دور حفلات أضواء المدينة في
ظهور مطربين، مثل عماد عبدالحليم الذي قدمه عبدالحليم حافظ في حفل جامعة القاهرة عام
1975، موضحا أن الفنانة شادية قدمت هاني شاكر نفسه بحفل أضواء المدينة، ووقفت بجانبه".
"على هوى النظام"
لكن الكاتب الصحفي والإعلامي علاء مطر
يرى أن "هاني شاكر وحده لن يفعل شيئا"، موضحا أنه "بالأيام الماضية
وفي أتون الأزمة، استضاف التلفزيون المصري لأول مرة من يدعى محمد رمضان، بحوار تلميعي،
وبعدها بأيام تمت استضافة حسن شاكوش على غير العادة، على مسؤولية أحمد موسى، وأكثر
من إعلامي آخر".
مطر، قال لـ"عربي21" إن
"تراجع نقابة الموسيقيين إن حدث بالفعل، فهو أمر متوقع، فالموضوع بيزنس وسبوبة عالية
لكثيرين، بجانب ممارسة ضغوط من أولئك المهرجين والسمعية من الجمهور المستجد من المراهقين
والشباب".
وأكد أنه "بالطبع فنوعية الموسيقى
تلك والمهرجانات على هوى النظام والمسؤولين"، معتبرا أنها "وسيلة جيدة وفعالة
لتغييب العقول، وتغييب أي انتماء وأصالة وقيم لدى الأجيال الجديدة".
وختم بقوله: "تلك المهرجانات والمهرجون أصبحوا واقعا فجا وبغيضا، وجمهورهم من طبقات أثرت بلا حساب، وتريد وتبحث عن غياب العقل، ولا تبالي بأي قيم أو أصالة".
"عربي21"، تواصلت مرارا عبر
الهاتف مع نقيب الموسيقيين هاني شاكر، لسؤاله حول رؤيته لكيفية تهذيب هذا النوع من الغناء،
دون رد.