ملفات وتقارير

فلسطينيو لبنان يشتكون "العنصرية" والتضييق في العمل

يمنع الفلسطينيون في لبنان من العمل في عشرات المهن- جيتي

تتحضر المخيمات الفلسطينية في لبنان لموجة احتجاجات ضد سياسة التضييق الأخيرة التي تمارسها الأجهزة اللبنانية بحق العمال والمؤسسات التابعة للاجئين الفلسطينيين تحت ذريعة عدم توفر تصاريح عمل لديهم.

وتمنع السلطات اللبنانية اللاجئ الفلسطيني من العمل في نحو 72 مهنة، إضافة إلى سياسة التضييق المختلفة التي تطال المخيمات الفلسطينية، أبرزها التضييق في إجراءات الخروج والدخول منها وإليها.

وأكدت مصادر لـ"عربي21" أن لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني منزعجة جدا من تضييق وزارة العمل الأخير بحق الفلسطينيين، وقررت دراسة مقترحات بشكل عاجل ورفعها في إطار توصيات إلى الحكومة لتبنيها، في وقت تتكثف فيه الدعوات على الصعيد الفلسطيني لتنظيم احتجاجات وفعاليات حاشدة لمواجهة "العنصرية" بحقهم.

 

وفي بيان لها، وصل "عربي21"، أكدت لجنة الحوار اللبناني الفلسطينية، أنها تتابع الإجراءات الأخيرة من وزارة العمل اللبنانية، والتي أدت إلى اقفال العديد من المحال والمؤسسات وختمها بالشمع الأحمر، ووقف عمل أعداد كبيرة من العمال اللاجئين الفلسطينيين عن العمل.

 

وقالت اللجنة، إن وزارة العمل تغيب في إجراءاتها المسماة "مكافحة العمالة الاجنبية غير الشرعية على الاراضي اللبنانية"، الخصوصية التي يتمتع بها اللاجئون الفسطينيون بموجب تعديل القانونين 128 و129 اللذين أقرهما المجلس النيابي في العام 2010 ، وتقوم الوزارة بشمولهم بوصفهم عمالا أجانب متجاهلة ما نص عليه التعديلان من الحفاظ على خصوصية العامل الفلسطيني وعدم معاملته بالمثل. 

 

وأشارت إلى أن وثيقة الرؤية اللبنانية لقضايا اللاجئين الفلسطينيين التي أصدرتها مجموعة العمل المكونة من الأحزاب السبعة الرئيسية في لبنان، والتي تضمنها البيان الوزاري الأخير لحكومة الرئيس سعد الدين الحريري، قد وضعت معالجات لمسألتي العمل والضمان الاجتماعي وآليات لتنظيم العمالة الفلسطينية اللاجئة.

 

ونوهت إلى أنه وحتى تاريخه ورغم صدور التعديلين للقانونين رقمي 128 و129 في 24 / 8 / 2010 وتضمين ما جاء في وثيقة الرؤية في البيان الوزاري، لم تصدر المراسيم التنظيمية اللازمة التي تخرج هذه القوانين من دائرة توجهات وزراء العمل المتعاقبين . وقد سبق للجنة الحوار منذ العام 2015 أن رفعت إلى وزير العمل اقتراحات بشأن مشروع المرسوم التطبيقي لتفعيل تعديل القانونين والمتعلق بمنح إجازة العمل المجانية دون معوقات ما كان يحول دون الحصول عليها للنسبة الكبرى من العمال الفلسطينيين.

 

اقرأ أيضا: غضب لملاحقة سلطات لبنان العمال من اللاجئين الفلسطينيين

وشددت على أن اللاجئ الفلسطيني لا يستطيع العودة إلى بلاده ، وكل ما ينتجه داخل لبنان يبقى فيه، ما يعزّز الدورة الاقتصادية للبلاد سواء أكان مصدرها من أصحاب المشاريع الصغيرة أو من تعب العمال والحرفيين، كما أن لبنان يستفيد من حجم الأموال المتدفقة من خلال موازنة الاونروا والبالغة 80 مليون دولار ، إضافة إلى ما تصرفه المنظمات الدولية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وما يرسله المهاجرون الفلسطينيون إلى ذويهم اللاجئين في لبنان والتي تقدر بعدة مئات الملايين من الدولارات. 

ةحذرت لجنة الحوار، من أن عدم احترام والتزام لبنان بالمواثيق والقوانين الدولية الخاصة بحماية حقوق اللاجئين، والتقيد بقانوني العمل والضمان، وتفعيلهما بإصدار المراسيم التنظيمية من شأنه إلحاق الضرر بالعلاقات اللبنانية – الفلسطينية وبسمعة لبنان أمام المؤسسات والمنظمات الدولية ما يؤدي إلى تدهور علاقاته مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي . 

من المسؤول؟

وأكد الحقوقي محمد الشولي أن "وزارة العمل هي التي كلفت الأجهزة الأمنية بملاحقة العمال والمؤسسات الفلسطينية بما يتناقض مع قرار القوى اللبنانية الذي أقرته وشرعته السلطات اللبنانية في عام 2010 عندما سمحت للفلسطينيين بالعمل في نحو 40 مهنة بناء على منحهم إجازات عمل مجانية".

وأضاف منسق العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أن "الإشكالية ليست في مسألة إجازات العمل بل في الآليات البيروقراطية التي تمارسها وزارة العمل خلال عملية إصدارها لتلك الإجازات، حتى إن عددا قليلا منح للفلسطينيين في عهد وزراء العمل كافة منذ عام 2010".

وأشار الشولي في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن التبريرات اللبنانية وفق وزارة العمل تستند إلى كون "الفلسطيني ضيفا لا يحق له منافسة مضيفه اللبناني على فرص العمل"، رافضا هذا التصنيف "لأن الفلسطيني يعمل بكد وجد في سبيل تأمين لقمة عيشه ولا ينافس اللبناني في قوته ورزقه".

ووصف الشولي إجراءات التضييق الأخيرة على الفلسطينيين بـ"الإجراءات التعسفية"، قائلا: "لا يحق للحكومة اللبنانية القيام بهذه الخطوات بما يتنافى مع الشرائع الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، لافتا إلى أن "لبنان لم يُوقع وتحفظ على القرار العربي في الدار البيضاء عام 1965 والذي ينص على معاملة اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم معاملة المواطن الأصيل من حيث الحقوق الإنسانية كافة".

واعتبر أن الاستمرار في هذه الإجراءات يدلّل على سياسة ترقى إلى "مرتبة التمييز العنصري تمارسها الدولة اللبنانية بحق الفلسطينيين"، مستغربا "استهداف مؤسسات فلسطينية تحت الذريعة نفسها، علما بأنها قانونية وتنتظم في دفع الضرائب والوفاء بالتزاماتها".

ودعا إلى ضرورة النأي بالفلسطيني عن أي حملات داخلية شعبوية في لبنان في إطار الصراعات السياسية بين الأقطاب اللبنانية، وقال: "نرفض استخدام الفلسطينيين ورقة في صراعات السياسيين وعمليات الاصطفاف الانتخابي".

 

وعن دور المؤسسات الحقوقية في الضغط على الحكومة اللبنانية للتراجع عن إجراءاتها، قال: "لا بد من حراك حقوقي كبير لتسليط الضوء الحقوقي والقانوني على التجاوزات الحاصلة"، كاشفا عن "إعداد تقرير حقوقي يوضح المخالفات القانونية التي ارتكبتها وزارة العمل بما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية".

ذروة "التمييز"

وتحدث مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس، أبو أحمد الفضل، عن خطوات تمهيدية سبقت إجراءات التضييق، فقال: "لاحظنا منذ فترة تصاعد الحملة التي تستهدف الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات بالتوازي مع تضييق في عملية إدخال مواد البناء"، مشيرا إلى أن "التفسيرات لم تذهب حينها باتجاه تصنيفات  سلبية، فرغم مرارة وقساوة الإجراءات السابقة فإننا كنا نعتبرها وسيلة وقائية مبالغا فيها في إطار المبررات الأمنية للطرف اللبناني".

وتحدث في تصريحات لـ"عربي21" عن أن موقف الفلسطينيين "ثابت تجاه رفض مشاريع التصفية والتوطين بما فيها ورشة البحرين، غير أننا نتفاجأ في الوقت عينه بخطوات أقل ما توصف به هو أنها عنصرية تستهدف اللاجئين المقيمين في لبنان منذ نحو سبعين عاما، وكأنهم يدفعون بهم بشكل فاضح نحو اتخاذ خطوة الهجرة، في الوقت الذي يحتاج فيه الفلسطينيون إلى دعم كبير للحفاظ على تمسكهم بحق العودة".

 

اقرأ أيضا: الفصائل الفلسطينية تحذر: المخيمات مستهدفة أمنيا

وردا على ما وصفه بمحاولة تهجير الفلسطيني من لبنان، قال: "باقون ولن نهاجر حتى العودة إلى فلسطين".

ودعا إلى "حراك فلسطيني واسع بمشاركة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا للتصدي لهذه الخطوات التعسفية التي بلغت ذروتها"، كاشفا عن أن "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ستناقش، الثلاثاء المقبل، الخطوات الأخيرة آملا في اتخاذ خطوات جادة للدفع باتجاه التراجع عن التضييقيات الأخيرة".

وحذر الفضل من أن "الإجراءات اللبنانية تمهد لأرباب العمل الطريق للتنكيل بالعمال الفلسطينيين عبر الإمساك بورقة تسريحهم من دون تعويض، في الوقت الذي يدفع فيه العامل الفلسطيني بدل الضمان الاجتماعي من دون الاستفادة منه"، مستنكرا محاولة "إبقاء الفلسطيني في لبنان حبيس الإعانات والمساعدات الأممية الشحيحة أصلا".