ملفات وتقارير

كيف فضح القرض الصيني لمصر هروب المستثمرين من العاصمة الإدارية؟

حذر خبير من خطة الصين بالإقراض والتي تعتمد على تقديم تسهيلات وعندما تفشل الدولة بالسداد تحصل الصين على نسبة في المشروعات

أكد خبراء اقتصاديون أن الاتفاق على قرض الـ 3 مليارات دولار الذي وقعته مصر مع الصين لتمويل مشروعات بالعاصمة الإدارية كشف عدم وجود استثمارات مباشرة للأجانب في المشروع الذي بدأ قبل خمسة أعوام، وحمّل الموازنة المصرية ضغوطا هائلة.

ويوضح المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن حصول الحكومة المصرية على القرض الأخير، فضح ادعاءات السيسي بأن تمويل مشروعات العاصمة الإدارية بعيد عن موازنة الدولة، كما فضح خدعة جذب العاصمة للمستثمرين الأجانب، وخاصة الصينيين، وإلا كان من الأفضل أن توجه الصين هذه المبالغ للاستثمار المباشر، وليس في شكل قروض تمويلية تتحملها الموازنة المصرية.

وكان وزير الإسكان المصري عاصم الجزار، أعلن خلال مشاركة رئيس نظام الانقلاب العسكري في اجتماعات مبادرة الحزام والطريق بالصين، أن حكومته ممثلة في وزارة الإسكان وقعت اتفاقا مع بنك ICBC الصيني، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، لتمويل تصميم وإنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية.

وأكد الوزير المصري أن قيمة الدفعة الأولى من القرض وقيمتها 834 مليون دولار، سوف تغطي تكاليف تصميم وإنشاء 7 أبراج شاهقة الارتفاع، تضم برجين إداريين، و5 أبراج سكنية، بارتفاعات تصل إلى 206 أمتار (51 طابقا)، على أن يتبعها سلسلة أعمال أخرى لإنشاء 15 برجا باستخدامات متنوعة، من بينها البرج الأيقوني، الذي يعد الأعلى بإفريقيا، وأن هذه المشروعات سوف تقوم بتنفيذها شركة (cscec) الصينية.

وحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام مصرية فإن هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، سوف تقوم بسداد 15% من قيمة القرض كدفعة أولى وقت استحقاقها، بينما الدفعات المتبقية وقيمتها 85% سوف يتم تمويلها من تدوير عوائد القرض نفسه، مع اعتبار فترة الإنشاء كلها مدة سماح، على أن يبدأ السداد بعد ذلك على 10 سنوات، بفائدة بنكية بسيطة.

ويأتي القرض الصيني في ظل مخاوف أطلقها مختصون من التأثيرات السلبية لتوسع الحكومة المصرية في الحصول على القروض الصينية، وهو ما يمكن أن يدفع لتكرار التجربة السريلانكية، حيث فشلت الحكومة هناك في سداد القروض التي حصلت عليها من الصين، ما دفع الأخيرة لتملك المشروعات التي قامت بتمويلها.

"أين الاستثمارات؟"

وفي تعليقه لـ"عربي21" يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أيمن النجار، أن القرض الأخير "فضح أكاذيب السيسي التي رددها أكثر من مرة، بأن تمويل مشروعات العاصمة الإدارية ليس له علاقة بموازنة الدولة، رغم أن الحكومة المصرية هي التي قامت بالحصول على القرض ممثلة في بنك الإسكان والتعمير، وبضمان البنك المركزي، مع اشتراط أن تقوم شركة (cscec) الصينية بتنفيذ المشروع، وهي نفسها الشركة التي أعلنت انسحابها من ضخ استثمارات مباشرة في نفس المشروع وفي نفس حي الأعمال المركزية".

ويضيف النجار: "عودة شركة (cscec) الصينية للمشروع، ولكن عن طريق قرض تموله البنوك الصينية، يؤكد أن الشركة العملاقة المتخصصة بالإنشاءات، كان لديها مخاوف من الخسارة المباشرة، ولذلك فضلت عدم المجازفة، وفضلت الاستثمار عن طريق القرض الذي تتحمله الحكومة المصرية فقط، وهو ما يدعم الدراسات التي أكدت أن العاصمة الإدارية تمثل عبئا على الاقتصاد المصري، ولن تحقق عوائد إيجابية مقابل ما تم ضخه فيها من أموال وتسهيلات".

ويوضح النجار أن نظام السيسي "يعتمد في المشروعات التي يقوم بتنفيذها بالعاصمة الإدارية على القروض، وتحديدا الصينية، في ظل انسحاب الشركات الكبرى سواء العالمية أو الإقليمية، وهو ما كان سببا في تأجيل افتتاح العاصمة أكثر من مرة، رغم تصريحات المسؤولين عنها، عن الإقبال الدولي والإقليمي على الاستثمار فيها".

"التجربة السريلانكية"

ويدعم خبير التمويل المصرفي سليم الشال، الرأي السابق، مؤكدا أن العاصمة الإدارية "ما زالت حتى الآن تبتلع مدخلات عديدة في الموازنة المصرية، رغم عدم إدراجها ضمن مشروع البيان الختامي لمشروعي الخطة والموازنة التي قدمتها الحكومة للبرلمان تمهيدا للموافقة عليها".

ويبدي الشال تعجبه من وجود قرض بهذه القيمة الكبيرة، والذي يعادل ربع القرض الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولي، ولا يتم عرضه على البرلمان، أو إدراجه ضمن موازنة الدولة، أو على أقل تقدير الاستماع لخبراء التمويل والاقتصاد عن أهميته وقيمته المضافة للاقتصاد القومي.

ويحذر الشال من خطة الصين في الإقراض، والتي تعتمد على تقديم تسهيلات للدول الطامحة، وبفائدة أقل من المعدلات العالمية، ولكن عندما تفشل الدولة في السداد، تقوم الصين بالحصول على نسبة في المشروعات التي قامت بتمويلها، "ما يجعلها شريكا بملكية المشروعات، دون أن تتعرض للمخاطرة الاقتصادية، كما حدث مع سريلانكا، ومن المتوقع أن يحدث مع مصر".

ويضيف الشال:" القرض الصيني يضاف لقائمة القروض التي توسع فيها السيسي، وفي النهاية فإنها تلتهم موازنة الدولة، ويقع عبء سدادها على الأجيال القادمة، كما يتحمل تكلفة سدادها الفقراء، بينما يتمتع بالقرض نفسه الأغنياء الذين سوف يسكنون بالعاصمة الإدارية الكارثية".

 

اقرأ أيضا: عاصمة السيسي الجديدة تقترض 3 مليارات دولار من الصين