صحافة دولية

واشنطن بوست: هجمات المستوطنين تتزايد والغليان يتصاعد

واشنطن بوست: الارتفاع في عنف المستوطنين الإسرائيليين يعكس قلة فرض القانون- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفيتين لوفداي موريس وروث إغلاش من بلدة دير دبوان، قرب رام الله في الضفة الغربية، حيث استيقظ الفلسطينيون يوما خلال الشهر الماضي، ليجدوا أن مسجدهم تم الاعتداء عليه وتخريبه، وترك عليه رسم لنجمة داود بجانب عبارات دهنت على الجدران باللغة العبرية تتهم المسجد بالتحريض.

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن إمام المسجد بركات محمود، قوله: "وصلنا إلى مرحلة خطيرة.. لم يحصل من طرفنا أي مواجهات مباشرة مع المستوطنين في هذه البلدة".

 

وتشير الكاتبتان إلى أن هذا الحادث كان واحدا من مجموعة هجمات اتهم فيها المستوطنون، لافتتين إلى قول المسؤولين على الجانبين، إن هناك ارتفاعا مفاجئا في هذه الهجمات، وقد وثقت الشين بيت 295 حادث "إرهاب يهودي" العام الماضي، وهو ما يشكل ارتفاعا بنسبة 40%.

 

وتجد الصحيفة أنه مع غياب الأرقام لدى الحكومة الإسرائيلية لشهر كانون الثاني/ يناير، إلا أن الأمم المتحدة قد سجلت ما لا يقل عن 30 حادثة هذا العام، قام فيها المستوطنون اليهود بإصابة فلسطينيين، أو إحداث أضرار لممتلكات، حيث كان عدد الفلسطينيون المصابون 14، فيما قتل واحد.

 

ويلفت التقرير إلى أن أخطر تلك الحوادث حصلت في قرية المغير في الضفة الغربية، حيث تم إطلاق النار على فلسطيني ما تسبب بمصرعه، واتهمت بذلك مجموعة من المستوطنين المنضمين إلى فريق أمني طوعي للمستوطنة القريبة، مشيرا إلى أنه بحسب الأمم المتحدة، فإن تسعة فلسطينيين آحرين أصيبوا بجروح عندما فتح المستوطنون النار خلال مواجهة في أطراف القرية.

 

وتورد الكاتبتان نقلا عن مجموعات الرصد الإسرائيلية، قولها بأن الارتفاع في عنف المستوطنين الإسرائيليين يعكس قلة فرض القانون، وهو رد فعل لعدد من الهجمات المقلقة قام بها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين. 

 

وتقول الصحيفة، إنه مع أن عدد الهجمات الفلسطينية في الضفة الغربية تراجع العام الماضي، إلا أن حدتها على ما يبدو زادت، وبحسب الشين بيت فإن ستة مدنيين وخمسة عسكريين قتلوا، وقالت الوكالة إن 1153 حادث "إرهاب" فلسطيني وقع في الضفة الغربية، وهذا الرقم يحتوي على رمي الحجارة.

 

ويفيد التقرير بأن ما أثار حفيظة الإسرائيليين، وفاة طفل ولد قبل أوانه، بعد أن أصيبت أمه في حادث إطلاق نار من سيارة بالقرب من مستوطنة عوفرا، وكانت تلك واحدة من عدة هجمات شبيهة، بالإضافة إلى أن حادثة اغتصاب فتاة في التاسعة عشرة من عمرها من مستوطنة أخرى، في الوقت الذي كانت فيه تمشي في أحد الأحراش في القدس، صدمت كثيرا من الإسرائيليين، وجعلت اليمين المتطرف يدعو للثأر.

 

وتقول الكاتبتان إن "مثل تلك الحوادث، قد تشعل ما يسمى هجمات (دفع الثمن)، وهو ما أطلق أصلا على هجمات اليهود المتطرفين ضد المجتمع الفلسطيني، وأحيانا القوات الأمنية الإسرائيلية ردا على العنف أو أي إجراءات ضد المستوطنات والمستوطنين، والآن يستخدم هذا التعبير للإشارة إلى هجمات انتقامية ضد المجتمع الفلسطيني".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات التي تتابع حوادث العنف التي يقوم بها المستوطنون، أعربت عن قلقها حول تزايد الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل منذ 1967، فيما هناك 450 ألف يهودي يعيشون في مستوطنات يعدها معظم المجتمع الدولي غير شرعية.

 

ويذكر التقرير أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تنتقد توسع المستوطنات في الضفة الغربية، وتقول إنها حجر عثرة أمام السلام، لكن هذا الأمر تغير خلال حكم ترامب، وقال السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان إنه يرى المستوطنات جزءا من إسرائيل.

 

وتنقل الكاتبتان عن لوير أميهاي الذي يرأس جمعية ييش دين لحقوق الإنسان، التي تتابع الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، قوله إن سياسة أمريكا المتعاطفة مع المستوطنات قد تكون شجعت الشباب المتطرفين الذين يقومون بهجمات انتقام، وأضاف أميهاي: "من بين الفكر الاستيطاني هناك أشخاص يقولون إنه لا سبب هناك لأن يمنعنا أحد من تحقيق طموحاتنا السياسية، فهناك حكومة يمينية في إسرائيل وصديق في البيت الأبيض".

 

وأشار أميهاي إلى وجود مجموعات يمينية تستخدم الهجمات لتحقيق مكاسب سياسية، قائلا: "عندما لا يحققون طموحاتهم يصابون بالإحباط"، وأضاف أنه ربما يكون سبب زيادة الهجمات هو غض السلطات الإسرائيلية الطرف عنها، ففي عامي 2016 و2017 تراجع عنف المستوطنين بشكل حاد، وهو ما عزاه المراقبون إلى حملات السلطات الإسرائيلية ضده.

 

وتفيد الصحيفة بأنه بعد هجوم 2015 على قرية دوما، الذي تسبب بمقتل زوجين وابنهما البالغ من العمر 18 شهرا، الذي اتهم فيه المتطرفون اليهود، فإن الجيش الإسرائيلي استخدم أوامر إدارية بمنع أي شخص يتورط في مثل تلك الأنشطة من دخول الضفة الغربية، أو يتم اعتقالهم دون محاكمة.

 

ويشير التقرير إلى أن المحاكم نادرة، إلا أنه تم توجيه تهمة الشهر الماضي لطالب مدرسة دينية يهودية، عمره 16 عاما، بقتل أم فلسطينية عندما ألقى حجرا على سيارتها، وقد وجد الحمض النووي الخاص به على الحجر، وأطلق سراح الأربعة الآخرين الذين كانوا معه بسبب عدم توفر الأدلة.

 

وتنقل الكاتبتان عن مسؤول عسكري إسرائيلي، رفض التصريح باسمه، قوله بأن معظم هجمات المستوطنين تستهدف الممتلكات، ونادرا ما يتضرر الناس، وأضاف أنه "ببساطة غير صحيح" أن الجيش لا يتدخل لحماية الفلسطينيين.

 

وتذكر الصحيفة أن يزائيل غانتز، وهو أحد قيادات المستوطنين في الضفة الغربية، حاول التقليل من حجم المشكلة، فقال إن من يقوم بالعنف هم مجموعة صغيرة من الشباب الذين لديهم مشكلات. 

 

ويستدرك التقرير بأن هناك صراعا اسرائيليا فلسطينيا تجري أحداثه كل يوم في حقول الزيتون والحقول على رؤوس الجبال المحيطة بالقرى الفلسطينية، مشيرا إلى أن الحادثة التي وقعت الشهر الماضي في المغير، هي مثال على سهولة انزلاق الأحداث وخروجها عن السيطرة.

 

وتورد الكاتبتان نقلا عن عوض النعسان، وهو أحد سكان القرية، قوله إنه كان يرش أشجار الزيتون بالمبيدات بعد الثانية ظهرا عندما هاجمه حوالي 15 مستوطنا مقنعا، وحاولوا سرقة التراكتور، وعندما علق التراكتور قاموا بتهشيمه باستخدام قضبان الحديد، فيما قام ابن عمه الذي يشاركه ملكية الأرض بالاتصال بمكتب الارتباط في المنطقة للمساعدة، ويقول النعسان وابن عمه إنهما كانا خائفين من الرد على مهاجميهم.

 

وتنقل الصحيفة عن الأمن التطوعي في المستوطنة القريبة، قوله إنه في حوالي الساعة الثالثة مساء، وصلت إليه مكالمة من شاب إسرائيلي بالقرب من المغير، يقول بأنه طعن ويحتاج مساعدة.

 

ويورد التقرير نقلا عن موشيه تامير، الذي يرأس 49 فريق "تجاوب سريع" للمستوطنات في المنطقة، قوله: "لا نعلم إن كان طعن الشاب يتعلق بالتراكتور، وكل ما نعلمه من ناحية أمنية هو أننا أخبرنا وخرجت الأمور عن السيطرة"، وتحتوي الفرق على 2000 متطوع مسلح، بعضهم جنود مقاتلون متقاعدون.

 

وأضاف تامير أن المتطوعين تقدموا نزولا من الجبل إلى القرية، وكانوا قلقين من أنه تم اختطاف إسرائيليين.

 

وتلفت الكاتبتان إلى أن المسجد أعلن من مكبرات الصوت أن المستوطنين يهاجمون، فتوجه مئات القرويين إلى أطراف القرية، وقاموا بإلقاء الحجارة واستخدام المقاليع، وقال أحد سكان القرية، الذي يبلغ من العمر 55 عاما: "كنا نخشى أن يقوموا بحرق بيوتنا".

 

وبحسب الصحيفة، فإن فريق أمن المستوطنة قام بفتح النار متسببا بمقتل حمدي النعسان (38 عاما)، وجَرْحِ آخرين، بينهم عبد الله أبو عليا الذي قال إنه أصيب في كتفه، وقال فريق أمن المستوطنة إنهم شعروا بأنهم مهددون، وقال الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي لم يتدخل لوقف المستوطنين، فيما قال الجيش إنه يحقق في الحادثة.

 

وينوه التقرير إلى أن غانتز، الذي يرأس مجلس بنيامين الذي يشمل عشرات مستوطنات الضفة الغربية شمال القدس، ألقى باللائمة على مجموعة من حوالي 20 مثيرا للشغب، يقول إنهم منفصلون عن عائلاتهم ويعيشون في كهوف، مشيرا إلى أنهم عنيفون بسب احتياجاتهم العاطفية، "إنهم يحتاجون من يعتني بهم".

 

وتنقل الكاتبتان عن مجموعة بيت سليم لحقوق الإنسان، قولها إن النشاط يتجاوز عدد "الأشخاص الفاسدين"، وبأن الحكومة الإسرائيلية تهمل عنف المتطرفين؛ لأنه يساعد المستوطنين على تمديد وجودهم في الضفة الغربية.

 

وتشير الصحيفة إلى أنه عندما قابل غانتز قائد فرقة في الجيش الإسرائيلي قبيل حادثة المغير، فإنه قال إنه يستطيع أن يشم رائحة "فترة سيئة" تقترب؛ لأن المستوطنين منزعجون من الهجمات الفلسطينية.

 

وأضاف غاتنز: "كانت هناك خمس هجمات إرهابية في منطقة صغيرة"، وأشار إلى أن الشعور بالأمن لدى المستوطنين قد تأثر، "ولا أستطيع أن أتنبأ ماذا سيفعل الشخص عندما يشعر بالخوف، فأصبح الآن كل شيء أكثر حساسية"، لافتا إلى أن هناك حديثا عن الانتقام من الفلسطينيين. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الحاخام آريل ليفي دعا في مظاهرة في الخليل الشهر الماضي إلى الانتقام من العرب؛ ردا على اغتصاب أوري إنسباتشر (19 عاما) وقتله، حيث يدعي المستوطنون أن من قام بالفعل عربي من سكان القدس.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)