سياسة دولية

تكهنات بتقارب إيراني مصري رغم فتور دام 40 عاما.. هذه ملامحه

القاهرة احتفلت هذا العام بذكرى الثورة الإيرانية- وكالة تسنيم الإيرانية

تتحدث تكهنات سياسية، عن تقارب إيراني مصري، بعد فتور في العلاقة، بدأ قبل نحو أربعين عاما، إلا أن الأمر لم يثمر حتى اليوم إلى نتائج ملموسة.

 

وما يزيد من زخم هذه التكهنات، ما يتداوله الإعلام الإيراني، من حديث عن "تقارب محتمل بات كحدث موسمي يتكرر من وقت إلى آخر خلال السنوات القليلة الماضية"، بين مصر وإيران.


وتداولت وسائل الإعلام الإيراني، مؤشرات عدة، بينها طرح إيراني بالرغبة في التقارب مع مصر، وتخفيض القاهرة مستوى تمثيلها في مؤتمر دولي مناهض لطهران، رغم المشاركة الخليجية والتواجد الإسرائيلي، فضلا عن تنديد مصري مؤخرا بهجوم استهدف قوة من الحرس الثوري الإيراني، ومشاركة مصرية لافتة في الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية.


ومنذ شباط/ فبراير 2013 إلى الشهر ذاته من العام الجاري، ظهرت التقديرات بتقارب محتمل بين القاهرة وطهران في ظل تباين مصري مع دول الخليج، وتحديدا السعودية، حول ملف العلاقة مع طهران، أو رغبة القاهرة في إرسال رسائل إلى الأطراف الإقليمية بقدرة مصر على الإنجاز في الملف السوري المتأزم، والذي تلعب طهران دورا رئيسا فيه.


وتدعم إيران، سياسيا وعسكريا، نظام بشار الأسد في مواجهة قوات المعارضة السورية، بينما كانت معظم دول الخليج، ولاسيما السعودية، تصر على ضرورة رحيل الأسد.


وفي المقابل تستخدم إيران ورقة التقارب المحتمل مع مصر كلما احتاجت طهران إلى إرسال رسائل إلى الأطراف الإقليمية، خاصة الخليجية، لتعزيز الاستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، على اعتبار الدور الرئيسي لمصر في المنطقة، وإمكانية أن تلعب دور وساطة في أزمة إيران مع الخليج أو حلحلة أزمة سوريا.


وترتبط مصر بعلاقات استراتيجية مع الخليج، التي تعد معظم دوله، ولاسيما السعودية، أن إيران هي العدو الأول لها.


وتتهم دول خليجية إيران بامتلاك خطط توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينما تردد طهران أنها تلتزم بسياسة حسن الجوار.


ورغم المؤشرات الراهنة، رأى باحث بالشأن الإيراني أن "العلاقات بين القاهرة وطهران لا تشهد اختراقا"، لكن "الفتور تبدد نوعا ما"، وأن "تقاربا مصريا إيرانيا يجري في كواليس السياسات العليا".

 

وذهب خبير آخر في الشأن الإيراني إلى أنه "لا يوجد أفق لعودة استراتيجية للعلاقات، فالقاهرة تتحرك وفق مصالحها التي لها حدود وهو الأمن العربي، وطهران تستخدمها (القاهرة) لتخفيض التصعيد الدولي تجاهها، وتوسيع جبهة التهدئة بالعزف على وتر التقارب مع دولة مهمة بالمنطقة لها علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج".

 

مؤشرات على التقارب

 

وفي 11 شباط/ فبراير 2019، استضاف مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة احتفالا لم يقم منذ سنوات، بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، وشارك فيه نائب وزير الخارجية المصري، خالد ثروت، بحسب وسائل إعلام إيرانية.


وقال رئيس مكتب رعاية المصالح الإيراني، ناصر كنعاني، في كلمة خلال الحفل، إن اليوم الذي ستتلاقى فيه مصر وإيران قريب.

 

اقرأ أيضا: هكذا احتفلت القاهرة بذكرة الثورة الإيرانية


وأعرب كنعاني عن استعداد طهران لتطوير العلاقات، حال وجود إرادة سياسية لدى القاهرة.


ولم تعلق القاهرة على ذلك الحديث الذي نشرته وسائل إعلام إيرانية.


وأدانت مصر، في 16 شباط/ فبراير الجاري، هجوما انتحاريا استهدف حافلة لقوات الحرس الثوري الإيراني، واصفة الحادث بأنه "إرهابي".


وفي اليوم ذاته، أعلنت القاهرة، عن اجتماع في 19 شباط/ فبراير الجاري (الثلاثاء)، لوزراء خارجية ثماني دول في إيرلندا؛ لمناقشة القضية الفلسطينية.


واللافت أن الاجتماع جاء بعد تخفيض القاهرة تمثيلها في مؤتمر وارسو، في وقت سابق من الشهر الجاري، والذي ناقش سبل مواجهة إيران، بمشاركة كل من السعودية والإمارات والبحرين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.


وفي 17 شباط/ فبراير الجاري، تلقى سلطان عمان، قابوس بن سعيد، حليف إيران، رسالة خطية من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لم تكشف مسقط ولا القاهرة تفاصيلها.


في اليوم ذاته، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن إيران تريد بناء علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة من دون عداء، معتبرا السير الخليجي نحو الولايات المتحدة وإسرائيل طريقا خاطئا، بحسب وكالة "مهر" الإيرانية.


وعاشت مصر وإيران في سنوات سابقة مثل تلك الأحاديث عن تقارب محتمل، قبل أن تبادر القاهرة بالنفي تارة أو تقدم على لقاء أو حديث يثير الجدل بشأن البلدين اللذين قُطعت العلاقات بينهما، عام 1980، في أعقاب توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل، قبل أن تعود إلى مستوى مكتب تمثيل ورعاية مصالح، في نيسان/ أبريل 1991.

وفي تشرين ثاني/ نوفمبر 2017، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في تصريحات صحافية، إنه يعارض توجيه ضربات عسكرية لإيران أو "حزب الله" اللبناني؛ منعا لزيادة الاضطرابات في المنطقة.


وفي تشرين أول/ أكتوبر 2017، نفى السيسي، في حوار مع قناة "فرانس 24"، وجود علاقة مع إيران في الكواليس.

 

اقرأ أيضا: مباحثات إيرانية مصرية بخصوص تطورات الملف الفلسطيني


وقال إن العلاقة مقطوعة منذ قرابة أربعين عاما، قبل أن يستدرك: "لكن نسعى لتخفيف التوتر الموجود وضمان أمن أشقائنا في الخليج".


وفي شباط/ فبراير 2017، ظهر تسريب بثته قناة "مكملين" المعارضة للنظام المصري، يكشف عن مكالمة هاتفية بين السيسي ووزير خارجيته، سامح شكري، تطرقت إلى حرص طهران على تواجد مصر في اجتماع تشارك فيه إيران بسويسرا حول الأزمة السورية، وسط مخاوف مصرية من تأثير ذلك على علاقات القاهرة مع دول الخليج.


وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أطلق مغردون على موقع "تويتر" هاشتاغ #تقارب_مصري_إيراني، عقب وصول وزير البترول المصري، طارق الملا، إلى طهران في زيارة نادرة، في محاولة لإبرام اتفاقات نفطية بعد تعليق السعودية اتفاقاتها النفطية مع القاهرة قبل شهر آنذاك.


وفي كانون الثاني/ ديسمبر 2016، نفى وزير الخارجية المصري وجود تقارب بين القاهرة وطهران، داعيا إلى “عدم المبالغة”.


وفي تموز/ يوليو 2015، قال الكاتب المصري البارز، محمد حسنين هيكل، قبل أشهر من رحيله في حواره مع جريدة "السفير" اللبنانية، إن "المعركة تدور حاليا في مصر حول ما إذا كان ينبغي الانفتاح على إيران، لكن هناك محاولات هائلة لكي لا يحصل التقارب أو الانفتاح".


وفي شباط/ فبراير 2013 ساهمت زيارة الرئيس الإيراني حينها، محمود أحمدي نجاد، للقاهرة في دفع العلاقات قليلا إلى الأمام، قبل أن تعود إلى نقطة الصفر، مع إعلان القاهرة قطع العلاقات مع نظام الأسد (حليف طهران)، واتهامه بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".

"مبالغة إيرانية"


لكن بحسب هاني سليمان، المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات (غير حكومي)، فإنه "لا مؤشرات حقيقية (على تقارب بين البلدين)، وهناك مبالغات وتضخيم للمشهد من جانب إيران".


وقال سليمان، وهو باحث مصري في الشأن الإيراني، إن "إيران تحاول مغازلة مصر، واللعب على هذا الوتر أمام الخليج، بجانب التهدئة لتخفيف الأزمة الاقتصادية الإيرانية والعزلة الحالية وعدم توسيع أو تعميق أي خلاف، وتحييد الدول تجاهها".


ورأى أن مصر في رفضها للعملية الإرهابية بإيران، وتمثيلها الضعيف في مؤتمر وارسو، والمشاركة في احتفال ذكرى الثورة الإيرانية، "إنما تمسك العصا من المنتصف، لتعظيم المنافع ومحاولة إرجاع إيران إلى سياسة معتدلة، وهذه سياسة تبقى على خط المصالح والعلاقات، لكن دون أن يكون على حساب العلاقة مع الخليج".


وختم سليمان بالإعراب عن اعتقاده بأنه "لا عودة لعلاقة استراتيجية (بين مصر وإيران).. ولن تتأخر مصر في الوقت ذاته عن لعب دور وساطة بين الخليج وإيران، شريطة أن تقبل بهذا الدور كل من السعودية وإيران".