-هذه الأسباب جعلت من حقوق الإنسان مجرد ترف فكري لدى السلطات المصرية
-أعداد المعتقلين يصل لنحو 90 ألف و"CBS" واجهت السيسي بالحد الأدنى للأرقام
-الحقوقيون ومنظمات المجتمع المدني يتبعون آليات واضحة للتوثيق.. هذه أبرزها
-النظام المصري أقر منذ اللحظه الأولى لتوليه الحكم معادلة صفرية لتصفية خصومه
-تعديل الدستور إن لم يكن فرصة للمعارضة فسيكون "حكما" لا يعلم أحد متى ينتهي
-دور المنظمات والمؤسسات الحقوقية يقف عند هذا الحد.. وهذا ما يخشاه النظام المصري
أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا موسعا حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، قالت فيه إن القوات الأمنية صعدت من حملة الترهيب والعنف والاعتقالات ضد المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، وكل من وجه ولو انتقادا محدودا للحكومة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة لفترة رئاسية ثانية في مارس/آذار، عقب انتخابات أجريت في مناخ افتقد الحرية والنزاهة إلى حد كبير.
وبررت الحكومة المصرية ووسائل الإعلام الرسمية القمع بمكافحة الإرهاب، وتذرع السيسي بالإرهاب وقانون الطوارئ في البلاد لإسكات النشطاء السلميين.
وأوضحت المنظمة الدولية أنه منذ يوليو/تموز 2013، حكمت محاكم جنايات مصرية على المئات بالإعدام في قضايا نابعة من العنف السياسي المزعوم؛ أُدين أغلبهم في محاكمات معيبة.
ومع اقتراب الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير، والحديث عن اتجاه رئيس سلطة الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي لإقرار تعديلات دستورية تتضمن بقائه في الحكم مدى الحياة، والتي صاحبها تزايد ملحوظ في عمليات القمع والتنكيل ضد معارضين سياسيين وحقوقيون ومحامين وصحفيين وإعلاميين، التقت "عربي21"، المحامي المصري، ومدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، للوقوف على آخر تطورات أوضاع حقوق الإنسان في مصر وتداعياتها.. فإلى تفاصيل الحوار:
ما هو تقييمك لأوضاع حقوق الإنسان في مصر بعد 8 سنوات من ثورة 25 يناير التي رفعت شعار "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"؟
المتابع لحالة حقوق الإنسان في مصر، خصوصا بعد 3 يوليو/تموز 2013 يعرف أن مصر شهدت أسوأ فترة من فترات حقوق الإنسان أو ما يسمى بضياع الحقوق والحريات بشكل ممنهج متعمد واسع الانتشار، حيث أن غياب دولة القانون، وتصاعد الرغبة في الانتقام السياسي، إلى جانب غياب المحاسبة والمحاكمة، جعل حقوق الإنسان في مصر مجرد ترف فكرى لدى مؤسسات الدولة الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية)، ودعم ذلك تبني الإعلام المصري شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. ومصر تحارب الإرهاب)، وبالتالي لا حديث عما يسمى بفكرة حقوق الإنسان وفق منهجية وليس وفق أخطاء أو حالات فردية لأجهزة الأمن المصرية.
وجميع المراقبين والمنظمات الحقوقية غير الحكومية والمنظمات التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حتى الأجهزة الغربية التي تدعم مصر سياسيا وعسكريا وأمنيا تقر بأن ملف حقوق الإنسان في مصر يمر بأسوأ فترة لتاريخ الحريات بمصر منذ عقود طويلة.
أعداد المعتقلين
حاول رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال حواره الأخير مع شبكة CBS الأمريكية التشكيك في أعداد المعتقلين بمصر.. هل لديكم إحصائيات مؤكدة؟
الإحصائيات التي واجهت به شبكة CBS الأمريكية عبد الفتاح السيسي هو الحد الأدنى، وهناك أعداد تتخطى الـ 60 ألف معتقل، وتصل إلى نحو 90 ألف معتقل سياسي، وهناك توثيقات لهؤلاء جميعهم، ونحن نتحدث هنا عمن دخل المعتقلات والسجون ومن خرج منها خلال السنوات السبع السابقة.
وهناك دليل واضح في هذا الأمر، لا يقبل التشكيك من قبل الأجهزة المصرية، انظر إلى عدد السجون في مصر قبل 3 يوليو/ تموز 2013، وعدد السجون الآن، لماذا تم زيادة عشر سجون ومراكز احتجاز بينها مقار تتسع لأعددا كبيرة جدا، الفكرة كلها أن هناك معتقلين سياسيين كثرا تم الزج بهم في هذه المعتقلات والسجون.
في ظل حالة التعتيم الإعلامي والقمع والتضييق الأمني، ما هي الآليات التي يتم بها توثيق أعداد المعتقلين؟
التوثيق لدى كافة المؤسسات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل على هذا الملف، يتبع منهجية واضحة فيما يتعلق بالرصد والتوثيق، من خلال التواصل المباشر مع الأهالي، واستخدام البيانات الرسمية التي تصدر من الأجهزة الآمنية، إلى جانب التلغرافات والبلاغات التي تقدم، وكذلك الدعاوى القضائية التي يتم رفعها.
ضغط النظام
صدرت الكثير من التقارير الدولية التي تدين تدهور حقوق الإنسان في مصر.. برأيك كيف يمكن الاستفادة من هذه التقارير؟
هذه التقارير التي تصدر من كافة الجهات المعنية محليا وإقليميا ودوليا (حكومية وغير حكومية)، يجب الاستفادة منها في أهداف مباشرة وأهداف غير مباشرة، الأهداف المباشرة تتعلق في الضغط على النظام المصري لتحجيم أكبر قدر ممكن من انتهاكات حقوق الإنسان، أو العمل على وقفها.
أما الأهداف غير المباشر فهي لا تنخرط في أمور يضعها النظام المصري في الحسبان، فمثلا عندما نتحدث عن أن ترتيب مصر في معدل الأمن والأمان وصل إلى 127 على مستوى العالم، فهذا له انعكاس غير مباشر لا يهتم به النظام، في انعكاساتها السلبية على قطاعات أخرى كالسياحة، وجذب الاستثمارات الأجنبية.. الخ.
أدرجت السلطات المصرية مؤخرا تهم مثل تعطيل المواصلات أو تكدير السلم العام أو إهانة رئيس الجمهورية ضمن الجرائم التي يتم إحالتها إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، والتي لا استئناف فيها ولا نقض لأحكامها.. كيف ترى ذلك؟ وما هي التداعيات المتوقعة لذلك القرار؟
بالأساس فكرة وجود محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، وانعدام حقوق التقاضي فيها، هو في حقيقة الأمر مناط الانتهاك، وليست الجرائم التي يتم إدراجها ضمن هذه المحاكم المخالفة لنصوص الدستور المصري، التي تنص بشكل قاطع ونهائي عدم جواز إنشاء المحاكم الاستثنائية، وأس مسألة قضائية يجب أن تكون على مرحلتين يحق للمتهم أو المدعى عليه أن يباشر فيها بالدفاع عن نفسه.
وعندما يصدر قانون بإنشاء هذه المحاكم التي لا يوجد فيها طعن إلا الالتماس المكتوب، فنحن أمام استهتار واضح بدولة القانون، واستهتار بحق المواطن في التقاضي أمام المحاكم المختصة، وأمام القاضي الطبيعي. وهذا يدل على غياب فكرة المحاسبة والمحاكمة، وانتشار ظاهرة الانتقام السياسي كمبدأ للتعامل مع الأمور التي لا يجوز فيها ذلك.
معادلة صفرية
هل هناك علاقة بين زيادة موجة القمع في مصر وقرب الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير 2011؟
لا أرى أن هناك علاقة بين زيادة موجة القمع في مصر وقرب الذكرى الثامنة للثورة. فهذا النظام منذ أول يوم ومقر بأن المعادلة بينه وبين شركاء الثورة من إسلاميين وغير إسلاميين، معادلة صفرية، والتخلص من هذه الشرائح الثورية وإرسال رسالة خوف إلى المجتمع المصري بأكمله هو هدف أساسي وأولي منذ لحظة تولي هذا النظام الحكم بعد 3 يوليو/ تموز 2013.. لكن الأفكار التي دائما ما تدعو إلى الحق والحرية تنتصر ولو بعد حين.
إذا فقد يكون الأمر، كما يقول البعض، مرتبط بالتحضير للتعديلات الدستورية المزعومة.. هل تتفق مع ذلك؟
قد يكون هناك أزمة شديدة وهي الأخطر لدى النظام المصري فيما يتعلق بتعديل الدستور، لأنها قد تكون المعركة الأهم والأخيرة للنظام ولمعارض النظام، فإذا تم إقرار هذه التعديلات بسهولة فنحن أمام حقبة وليس سنوات لاستمرار هذا النظام في سدة الحكم، وقد تكون في ذات الوقت فرصة لمناهضي النظام ومعارضيه الباحثين عن الحق والحرية والعدالة الاجتماعية أن يلملموا صفوفهم وأن يوحدوا كلمتهم نحو تغيير حقيقي للمجتمع المصري ينال فيه حريته وكرامته والعدالة الاجتماعية التي ينشدها.
ما يخشاه السيسي
هناك دول كبرى تغض الطرف عن تردي أوضاع حقوق الإنسان ودول أخرى تتعامل مع حقوق الإنسان في مصر بالقطعة أو حسب الحالة.. هل يؤثر ذلك على الدور الذي يقوم به الحقوقيون والمنظمات الختصة لفضح الجرائم والانتهاكات التي يسعى النظام المصري للتستر عليها؟
دور المنظمات الحقوقية يقف عن الرصد والتوثيق الحقيقي للجريمة، نحن نمنع تزوير التاريخ، ونعطي الحق للضحايا ولأهالي الضحايا بالحفاظ على حقوقهم حتى لا تضيع، نوثق الجريمة ونعمل على منع فكرة إفلات المجرمين من العقاب، وفي ذات السياق كل من يعمل في هذا المعترك يعلم أنها حركة نضال طويلة بطيئة تعتمد لوبيات ومصالح الدول الكبرى، ونحن نعلم أننا سنقابل في هذا المعترك تحديات وصعوبات جسيمة تصطدم بمصالح الدول المختلفة.
بعد اعتقال عدد كبير من الحقوقيين والمحامين في مصر.. ما الذي يخشاه السيسي من هؤلاء؟
الأنظمة القمعية بصفه عامة، ونظام السيسي بصفة خاصة، تخشى من مصطلح منظمات المجتمع المدني بشكلها الواسع (حقوقيين وإعلاميين ومحاميين وطلاب وعمال وخلافه)، لأن هذه الشرائح هي الناقلة الحقيقة لواقع المجتمع فيما يتعلق بالحقوق والحريات، وتسعى هذه الأنظمة إلى التحكم في تلك الشرائح، وتحاول القضاء على من يخالف توجهاته ويفضح انتهاكاته وممارساته الإجرامية والقمعية.
"عربي21" تحاور والد الألماني المحتجز بمصر.. هذا ما يخشاه
سياسي مصري: لهذا السبب سيرحل السيسي خلال عامين