أثارت الكمائن الثلاثة التي نفذتها كتائب الشهيد عز الدين
القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في
رفح وأطلقت عليها اسم "
الانتصار لدماء السنوار"، وما تلاها من عمليات، تساؤلات عن دلالات استمرارها رغم القصف العنيف.
وتم تنفيذ الكمائن الثلاثة في منطقة واحدة في رفح وكلها تقريبا قريبة من بعضها البعض، علما أن الاحتلال كان يُشدد حصاره وقصفه بعد كل كمين إلا أن المقاومة نجحت في تنفيذ الكمائن الثلاثة بكل أريحية.
وأطلقت كتاب القسام بعدها صواريخ من
خانيونس، وهي المدينة التي كثيرا ما قال الاحتلال إنه سيطر عليها، كما استخدمت صاروخا من نوع P29 الروسي.
ولمعرفة ماذا يعني ذلك من الناحية العسكرية التقت "عربي21" الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، والذي قال إن ما جرى مؤخرا من كمائن متسلسلة في حي الجنينة في رفح جنوب غزة يؤكد على أن المقاومة تلجأ إلى ما يعرف عسكريا بالكمون التكتيكي.
وأوضح أبو زيد أن "المقاومة تستنزف قوات الاحتلال من خلال ما يُعرف بأهداف الفرصة، بحيث أنها لا تذهب للبحث عن الأهداف وإنما تنتظر الأهداف عالية القيمة".
وتاليا نص الحوار:
ماذا يعني تنفيذ القسام ثلاثة كمائن في منطقة واحدة وعلى فترات ليست متباعدة نسبيا رغم القصف الإسرائيلي؟
إن ما يجري في قطاع غزة بعد 431 يوما من القتال هو التالي، الاحتلال يحاول رفع الكلفة على المدنيين والحاضنة الشعبية للمقاومة، في حين أن المقاومة تستنزف قوات الاحتلال من خلال ما يُعرف بأهداف الفرصة.
أي أن المقاومة لا تذهب وتبحث عن الأهداف، وإنما تنتظر الأهداف عالية القيمة التي تتواجد في أي منطقة من مناطق الكمائن لتحقق فيها خسائر، الأمر الذي يقود الاحتلال والمقاومة إلى عمليات طويلة في مثل هذا النوع من العمليات تُرهق القوات المهاجمة وتستنزف قدراتها أكثر من العقد القتالية المدافعة.
وما جرى مؤخرا من كمائن متسلسلة في حي الجنينة في رفح جنوب غزة يؤكد على أن المقاومة تلجأ إلى ما يُعرف عسكريا بالكمون التكتيكي، وتترقب أهدافا عالية القيمة للاحتلال مثل دبابات الميركافا أو مجموعات الجنود داخل البنايات ليتم استهدافها وإيقاع خسائر فيها.
وبالطبع تنفيذ الكمائن الثلاثة بشكل متسلسل في حي الجنينة هو بمثابة رسالة من المقاومة للاحتلال، فهذا الحي قريب من شارع ابن سينا، وهي المنطقة التي استشهد فيها القائد السنوار. وهذا يُعزز أن المقاومة تؤكد في المقاطع التي تبثها بأن هذه الكمائن انتقام لروح الشهيد السنوار، وتؤكد أكثر من خلالها على أن المقاومة لا تزال قادرة على التعاطي والتكيف مع منطقة العمليات في غزة سواء جنوبا أو شمالا.
ماذا يعني إطلاق صواريخ من خانيونس، رغم أن الاحتلال اجتاح المدينة أكثر من مرة وادعى أنه أنهى المقاومة فيها؟ كذلك ماذا يعني استخدام صاروخ P29 الروسي؟
أطلقت المقاومة خلال آخر شهرين رشقات صاروخية باتجاه مناطق غلاف غزة في ثلاث مرات، إحداها كانت من خانيونس، التي أعلن الاحتلال تدمير المقاومة فيها، ليتفاجأ بأن المقاومة لا تزال قادرة على إعادة إنتاج نفسها في مناطق القتال جميعها، وهذا يعود إلى أن هذا النوع من القتال لا يمكن للقوات النظامية أن تتغلب بالقضاء على المقاومة التي تقاتل قتالا غير تقليدي.
كذلك استخدام صاروخ P29 يعني أن عنصر المفاجأة بالزمان والمكان والسلاح لا يزال فعالا لدى المقاومة، علما أن هذا الصاروخ هو من الصواريخ الروسية الصنع وهو من الحقبة السوفيتية، ويتميز بأنه مضاد للدروع وهو فعال ضد دبابة الميركافا حيث يخترق 60 سم في الدرع، لأن القذيفة التي يحملها هذا الصاروخ هي قذيفة ترادفية فعالة.
ما دلالات استمرار المقاومة على الرغم من مرور 14 شهرا من الحرب المدمرة على غزة، وما تأثير ذلك على المفاوضات المستقبلية؟
في ظل حالة الاستنزاف التي تتعرض لها قوات الاحتلال، يضاف لذلك أن 54 بالمئة من جنود الاحتياط ينهون المدة المقررة لهم خلال منتصف الشهر الجاري، ومع وجود 5 فرق عسكرية تعرضت لخسائر في جنوب لبنان والتي تحتاج حسب العُرف العسكري من 3-4 أشهر ليتم إعادة ترميمها وتعويض النقص والخسائر فيها.
يضاف لذلك مشاكل تتعلق بالذخيرة واللوجستيك، بدأت تبرز في قوات الاحتلال بعد 14 شهرا من القتال مرتفع الحدة، كل هذه مؤشرات تُعزز أن الخيارات العسكرية أصبحت ضيقة أمام الاحتلال.
ويقابل ذلك حاجة المقاومة أيضا للهدنة للتخلص من القتل المُمنهج الذي يقوم به الاحتلال ضد المدنيين العُزل، ولأن المقاومة بعد كل هذه المدة جردت الاحتلال من تحقيق أهدافه التي وُضعت من المستويين العسكري والسياسي، وعلى رأسها تحرير الأسرى بالقوة.
بالتالي أصبحت الهدنة في غزة ضرورة للجميع، وقد تحمل مسميات إعلامية مختلفة (هدنة إنسانية أو مؤقتة) تبدأ من فتح معبر رفح ثم تتوسع نحو وقف لإطلاق النار، ولهذا أعتقد أن الهدنة في غزة باتت قاب قوسين أو أدنى ارتباطا بكل المؤشرات التي ذكرتها سابقا والتي يمكن البناء عليها بأن الهدنة ستكون قبل نهاية الشهر الجاري.