سياسة عربية

هكذا انتقد مصريون تسمية مسجد السيسي بـ"الفتاح العليم"

المغالاة المادية في بناء المسجد مثلت استفزازا كبيرا لعموم المصريين- الرئاسة المصرية

انتقد سياسيون وإعلاميون وناشطون مصريون تسمية المسجد الذي افتتحه رئيس نظام الإنقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي بالعاصمة الإدارية باسم "الفتاح العليم".

 

وقالوا إن التسمية مقصودة ولها ارتباط باسم عبد الفتاح نفسه، وهو ما يمثل قمة النفاق من المسؤولين عن العاصمة الإدارية والإدارة الهندسية للقوات المسلحة التي قامت بإنشاء المسجد.


من جانبه وصف الكاتب الصحفي سليم عزوز عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" المسجد بأنه مسجدا ضرارا يراد به فتنة الشعب المصري، قائلا: "سوف يكون مصيره مثل مسجد الضرار الذي بناه المنافقون في المدينة خلال العصر النبوي".


ووجه الكاتب الصحفي وائل قنديل من خلال حسابه على "تويتر" رسالة للسيسي قال فيها: "سواء أسميته "يا فتاح يا عليم" أو "يا رزاق يا كريم" لا فرق.. سيبقى اسمك خالدًا في التاريخ تحت عنوان "حارق مسجد رابعة ومسجد الفتح في رمسيس وقاتل المصلين والمعتصمين فيهما".

 

وسخر قنديل من السيسي في تغردة أخري قائلا: "عاش موحد الأديان ... من يتذكر هذه النكتة من أرشيف السخرية المصرية؟".


وعلق عضو الجمعية التأسيسية لدستور 2012 أحمد البقري عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فسيبوك" قائلا: "منين - مفيش - هتاكلوا مصر يعني .. احنا فقرا أووي عشان كدا اقترض السيسي اكتر من 45 مليار دولار خلال سنوات حكمه الخمسة لصرفها في هذا الاتجاه".


وعبر حسابه بـ "فيسبوك" علق وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري السابق أشرف بدر الدين على حفل افتتاح المسجد قائلا: "حفل فني في افتتاح المسجد .. هذا هو تجديد الخطاب الديني الذي يريده السيسي وأولياؤه من اليهود والنصارى ألا لعنة الله على الظالمين". 


وكان السيسي افتتح مساء الأحد مجمع الأديان بالعاصمة الإدارية والذي يضم مسجد الفتاح العليم والكاتدرائية الجديدة للأقباط، بتكلفة تجاوزت مليار جنيه مصري (120 مليون دولار) حسب ما نشرته وسائل الإعلام المصرية.


ويقع المسجد بمدخل العاصة الإدارية، علي مساحة 16 فدانا، ويضم 4 مآذن بارتفاع 95 مترًا و21 قبة، ويسع لعدد 17 ألف مصل، ويحتوي على 520 وحدة إضاءة، و74 نجفة، وقامت ببنائه شركتان رئيسيتان و30 شركة فرعية، بالإضافة لكتيبة طرق وكتيبة إنشاءات عسكريتين.

 

شكوك المصريون


وفي تعليقه على ردود الأفعال التي انتقدت المسجد الجديد، يؤكد الباحث بعلم الاجتماع السياسي أحمد الشافعي لـ "عربي21" أن المسجد الهدف منه سياسي وليس تقربا لله، حيث لم تشهد مصر منذ انتهاء المملكة اهتماما من رؤسائها ببناء مساجد تخلد ذكراهم، وكان اهتمامهم بعمارة المساجد التاريخية القائمة مثل الأزهر الشريف والحسين وعمرو بن العاص، والسيدة زينب ومسجد السلطان حسن، لمكانتهم التاريخية بنفوس المصريين وعموم المسلمين.


وحسب الشافعي فإن السيسي يتعامل مع المسجد الجديد باعتباره المسجد الرسمي للدولة المصرية، حيث يستقبل فيه ضيوفه ويؤدي فيه الصلوات العامة، وتجري فيه العزاءات والمناسبات الرسمية الأخري، وهو يحاول من خلاله أن يقوم بتوازن في العلاقة بينه وبين المسلمين، نتيجة الانتقادات الكثيرة التي يوجهها له المصريين بانه يقدم للأقباط الكثير من الامتيازات من أجل نيل رضاهم ولضمان الحصول على دعمهم.


ويضيف الباحث بعلم الاجتماع السياسي أن ما سبق يجعل المصريين ينظرون للمسجد بريبة، خاصة وأنهم شاهدوا بأنفسهم كيف يحارب السيسي التيارات الإسلامية مثل الإخوان والسلفيين، كما أنه يشن حربا شرسة على الأزهر الشريف وعلمائه وشيوخه، ويطالب باستمرار بتغيير الخطاب الديني بما يخدم مصالح التيارات العلمانية بمصر.


المسجد للأغنياء فقط


ويضيف خبير التخطيط الإعلامي يوسف الحلواني لـ "عربي21" أن المسجد الذي افتتحه السيسي ليس له علاقة بالمصريين، فهو مسجد خاص بالطبقة الغنية، وليس لعموم الشعب المصري، وهي الفلسفة التي يسير عليها السيسي منذ بدأ التفكير في إنشاء العاصمة الإدارية بأن يفصل أهل الحكم عن عموم المصريين.


ويؤكد الحلواني أن المغالاة المادية في بناء المسجد في ظل الظروف التي يعيشها المواطن المصري، صنعت حاجزا معنويا بين المصريين وبين المسجد الجديد، بالإضافة للحواجز الخرسانية والأسوار العالية التي يبلغ ارتفاعها 5 أمتار على مسافة 30 كم لحماية المسجد من تواجد المصريين به.


ويؤكد الخبير الإعلامي أن ما تم نشره عن فخامة المسجد، وما سربته الشركات التي شاركت في بنائه من معلومات، تمثل استفزازا كبيرا لعموم المصريين، ففي الوقت الذي يعلن السيسي أن هناك عجزا بالغا في المدارس والمستشفيات، ويقوم برفع الأسعار لعجز الموازنة العامة، ويلغي العلاوة السنوية للموظفين، يقوم ببناء مسجد وكنيسة تبلغ قيمة إضاءتهما فقط أكثر من 40 مليون جنيه (2.4 مليون دولار).


وحسب الحلواني فإن المصريين لديهم قناعة قوية بأن مصالح المسيحيين أهم بكثير لدى السيسي من المسلمين، وأنه في الوقت الذي ستهتم فيه الكنيسة بوصول أكبر عدد من المسيحيين للكاتدرائية الجديدة، فإن الحكومة سوف تهتم أيضا بألا يصل المسلمون للمسجد الجديد، باعتباره مسجدا رئاسيا لن يمكن الاقتراب منه إلا بتصاريح أمنية.