سياسة عربية

ما هي خسائر قناة السويس من نجاح المرور بالقطب الشمالي؟

رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، قال إن قناة السويس تمثل الأم للممرات البحرية على مستوى العالم- ا ف ب

أكد خبراء اقتصاديون أن قرار شركة "مارسك" العالمية للحاويات بإجراء أول رحلة نقل بحرية عن طريق القطب الشمالي خلال الأسبوع الجاري، يمثل تهديدا صريحا لقناة السويس، خاصة وأن المدة التي تقطعها الرحلة في الطريق الجديد توفر 14 يوما عن الخط الملاحي لقناة السويس.

وكانت شركة النقل البحري العملاقة "مارسك" أعلنت أنها سوف تقوم بأول رحلة بحرية من مدينة فلادفوستوك الروسية القريبة من الحدود مع الصين، لتكون أول سفينة شحن تعبر القطب المتجمد الشمالي عبر الممر البحري الروسي التجريبي، ويمتد الخط التجريبي من مضيق بيرنغ الواقع بين روسيا وآلاسكا في الشرق إلى النرويج في الغرب.

وطبقا لبيان الشركة فإن سفينة "فينتا مارسك" التابعة لها، تحمل 3600 حاوية، سوف تصل لميناء سانت بطرسبيرغ مع نهاية شهر أيلول/ سبتمبر، متوقعة أن تستغرق الرحلة فترة زمنية تقل بحوالي 14 يوماً عن الخط الجنوبي المار بقناة السويس، وأكد بيان الشركة كذلك أنها لا تعتبر الخط البحري الشمالي بديلاً تجارياً لشبكتها الحالية التي تقررها اعتماداً على طلب الزبائن والنمط التجاري الشائع ومراكز الكثافة السكانية.

من جانبه، علق رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، على قرار الشركة الدنماركية العملاقة بأنه لا بديل عن قناة السويس كممر بحري رئيسي، مؤكدا في تصريحات تلفزيونية مساء السبت 25 آب/ أغسطس الجاري أن قناة السويس تمثل الأم للممرات البحرية على مستوى العالم، وأنها الأصلح للملاحة من أي خطوط أخرى وليس هناك ممر بديل عنها.

 

اقرأ أيضابعد ثلاث سنوات.. هل استفادت مصر من قناة السويس الجديدة؟

وأضاف مميش أن خط القطب الشمالى غير صالح للملاحة، ولا يستطيع أي خط ملاحي توقيف رحلاته 6 أشهر، لاختبار الخط الجديد، موضحا أن قناة السويس الجديدة اختصرت زمن حركة الملاحة البحرية بنسبة 50%.

من جانبه، أكد رئيس اللجنة الاقتصادية السابق بمجلس الشورى المصري محمد الفقي لـ "عربي 21"، أن وجود ممر بحري بديل لقناة السويس، ليس أمرا جديدا، وسبق أن حذر منه عالم الفضاء المصري عصام حجي، مؤكدا أنه سوف يمثل خسارة لقناة السويس، خاصة وأن درجات الحرارة وصلت هذا الصيف في منطقة القطب الشمالي لـ30 درجة مئوية، مما أدى لفتح ممرات مائية وسط الجليد.

ويضيف الفقي أن حكومة الانقلاب العسكري تعاملت مع تصريحات حجي بسخرية وانتقاد، ولم تأخذ تحذيراته بجدية، حتى فاجأتها شركة "مارسك" بإعلانها الذي يمكن أن يؤدي لغلق قناة السويس بشكل كبير وفشل عمليات التوسع التي قام بها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي وكانت سببا في أزمة الدولار وما نتج عنه من انهيار اقتصادي.

ويؤكد الفقي أن شركة "مارسك" الدنماركية تعد رقم واحد في الشحن ونقل الحاويات حيث تمتلك مليار 350 مليون حاوية بما نسبته 30% تقريبا من حركة الملاحة العالمية، كما أنها تملك 50% تقريبا من الحاويات المارة عبر قناة السويس، وتمتلك 55% من أسهم شركة قناة السويس للحاويات، وهو ما يشير إلى أنه في حال قررت الشركة استخدام ممر بديل لقناة السويس فإن أكثر من 50% من دخل القناة لن يكون له وجود.

ويضيف الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ "عربي 21" أن هناك العديد من الدراسات الاقتصادية العالمية التي بدأت تبحث عن بدائل لقناة السويس، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم، موضحا أن الصين على سبيل المثال تعمل بكل جهدها لنقل التجارة العالمية عبر طريق الحرير الذي رفعت له شعار "حزام واحد، طريق واحد"، وقامت بالعديد من الخطوات لتفعيل هذا الطريق بما يمثل ضربة قاصمة لقناة السويس.

 

اقرأ أيضا: هل مصر بحاجة لأكبر مطار في عاصمة السيسي؟

ويؤكد أبو الخير أن 50% من أعمال شركة "مارسك" تقوم على "الترانزيت" ولذلك قامت بتأجير المدخل الشمالي لقناة السويس عام 2010 لمدة 50 عاما، وأعلنت عام 2017 أنها بدأت في استخدام خطوط السكك الحديدية لنقل حاوياتها من موانئ دمياط وبورسعيد لميناء العين السخنة، وهو ما وفر لها ملايين الدولارات التي كانت تدفعها كرسوم عبور للقناة، حيث تمثل رسوم النقل بالقطار 4% تقريبا من رسوم النقل عبر القناة، كما أنها تدفع الرسوم بالعملة المحلية وليس بالدولار.

ويرى أبو الخير أن هذه الإجراءات كلها تشير إلى أن الشركة العالمية بدأت منذ فترة في اتخاذ بدائل أخرى لقناة السويس وهو ما يفسر تصريحات الرئيس الإقليمي للشركة بأنها نقلت 200 مليون حاوية عبر القناة خلال عام 2017، مبررا ضعف الرقم لتراجع معدلات التجارة العالمية.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن روسيا من جانبها تعمل بشكل موسع على تطوير الممر الشمالي، ليكون البديل الآمن والأسرع للنقل التجاري بين أوروبا وآسيا، ضمن خطة روسية لتطوير منطقة القطب الشمالي، التي تحتوي على احتياطات هائلة من المعادن والنفط والغاز، وبالتالي فإن مكاسب روسيا وأوربا وكذلك الصين من الممر الجديد لن يتوقف على التجارة فقط.