تناقلت وسائل الإعلام العالمية منذ أيام خبر الممثلة اليهودية
الأمريكية، ناتالي بورتمان، التي رفضت دعوة من الكيان الصهيوني إلى زيارة "عاصمته"
للحصول على جائزة "نوبل" يهودية تصل قيمتها إلى مليونيْ دولار، وهذا
احتجاجا على قمع جيش الاحتلال مسيراتِ العودة الفلسطينية، وإطلاق النار على
المتظاهرين العزّل على حدود غزة، وقالت الممثلة "إن هذه الأحداث أحزنتها
للغاية".
بالمقابل،
تناقلت وسائل إعلام فلسطينية تصريحات كتَّابٍ ومثقفين خليجيين آثروا أن يتصهْيَنوا
ويوالوا الاحتلال ويسخِّروا أنفسهم للترويج لـ"حق" الصهاينة في فلسطين،
والتحريض على إبادة شعبها؛ إذ هاجم كاتب كويتي متصهْين مسيراتِ العودة في غزة وكتب
مقالا يحرّض فيه جنود الاحتلال قائلا بكل حقد: "لا تكفوا عن إطلاق النار على
الغوغائيين الإرهابيين الغزيين الذين يهدّدون أمن إسرائيل.. هؤلاء عصاباتٌ إرهابية
توجّههم حركة حماس الإرهابية، امسحوهم عن وجه الأرض!".
لا
ندري لماذا امتلأت قلوبُ بعض العرب بكل هذا الكمّ من الغلّ والكراهية والبغضاء
للفلسطينيين الذين ذاقوا ويلات الاحتلال 70 عاما وتعرّضوا لكل أصناف الجرائم
والعذاب والاضطهاد والتنكيل…؟! لماذا أصبحت فنانةٌ يهودية أكثر شعورا بمأساة
الفلسطينيين منهم؟! ما الذي يجعل "عربيا" يعادي الفلسطينيين المستضعَفين
ويناصر الاحتلال عليهم ويحرّضه على "مسحهم من وجه الأرض"؟! ما الذي يجعل
مثقفا سعوديا يغرّد مهنّئا الصهاينة على ما أسماه "عيد الاستقلال"
ويدعوهم إلى التعجيل بتحقيق "السلام" قصد التفرّغ لمواجهة إيران "صفا
واحدا"، وحينما يقوم أحدُ أصدقائه الصهاينة بإعادة نشر تغريدته يعقّب بالقول:
"يسعدني ويشرّفني يا صديقي العزيز إعادة نشر تغريدتي واعتبر ذلك نيشانا على
صدري"؟!
حتى
بعض المحسوبين على الدين انضمّ إلى هذه الجوقة التي تغرّد محرِّضة على الفلسطينيين
ومقاومتهم؛ إذ هاجم قارئ قرآنٍ ومنشدٌ كويتي معروف حركة حماس ووصفها بـ"الإخونجية
الخائنين" لمجرّد أنها ندّدت بالعدوان الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي
على سوريا، و"عايرها" بأنها تتلقى دعما بالسلاح من إيران للدفاع عن غزة،
وكأنّ أشقاءها الخليجيين والعرب فتحوا لها خزائن سلاحهم الذي أنفقوا عليه مئات
الملايير من الدولارات وأكله الصدأ، ثم رفضته الحركة واختارت السلاح الإيراني بمحض
إرادتها، أو كأنّ المطلوب من حماس هو أن ترفض سلاح إيران وتترك غزة لقمة سائغة
للاحتلال، حتى يرضى عنها هذا المتفيقه وعرّابو التطبيع والانبطاح!
اليوم
سقطت كل الأقنعة وأوراق التوت ولم يعُد هناك شيء يمكن إخفاؤه في ظل رغبة بعض العرب
الجامحة في تمرير "صفقة القرن" المشبوهة وتصفية القضية الفلسطينية بأي
وسيلة قصد التفرغ لإنشاء "تحالف" مع الكيان الصهيوني بلا حرج، لذلك لم
يعد الفلسطينيون يطرحون في مسيراتهم سؤالهم الشهير "أين العرب؟"، بل
أصبحوا يقاومون وحدهم بشتى الوسائل وكلهم إيمانٌ بحتمية النصر؛ فشعبٌ يبدع انتفاضة
الحجارة ثم الطعن بسكاكين المطبخ والدهس بالسيارات، ثم يبدع مسيرات العودة التي
أقضّت مضاجع الاحتلال وعملائه، وأخيرا أسلوب مهاجمة الاحتلال بالطائرات الورقية
الحارقة… شعبٌ مبدع مثل هذا لا يمكن أن يؤثر فيه الخونة الذين يتآمرون عليه كل يوم،
أو الذين آثروا موالاة الاحتلال وتحريضه عليه، هذا الشعب سينتصر حتما مهما طال
الزمن، أما مصيرُ الاحتلال وعملائِه فسل فرنسا وخونتها يأتيك الخبرُ اليقين.
الشروق الجزائرية