ملفات وتقارير

رفع رواتب الكبار وتضييق على الفقراء.. أين المنطق ببرلمان مصر؟

طالب نواب بالبرلمان بزيادة مخصصاتهم المالية- جيتي

وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب، الاثنين، على طلب وزارة العدل بتخصيص مبلغ 805 ملايين جنيه سنويا لصندوق الرعاية الصحية للقضاة، في الوقت الذي يترقب فيه المصريون قرارات بارتفاع مؤكد لأسعار الوقود وجميع السلع والخدمات، وتقليص الدعم لتعويض عجز الموازنة العامة للدولة. 

موافقة اللجنة الأهم بالبرلمان على دعم صندوق القضاة، تأتي بعد أسبوع حافل لمجلس النواب أقر فيه مشروعات قوانين بزيادات مرتبات رئيس البرلمان ورئيس الوزراء والوزراء ونوابهم للحد الأقصى للأجور، الأحد قبل الماضي، وإعفائهم من الضرائب، ومنحهم 80 بالمئة معاشا من صافي دخلهم، كما أقر رفع أجور أعضاء سلك التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري، الاثنين الماضي، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30 بالمئة.
 
وعلى غرار ذلك، طالب نواب بالبرلمان بزيادة مخصصاتهم المالية. وفي الوقت نفسه، أقر النواب قانون تقنين عربات الطعام المتنقلة، وفرض على أصحابها دفع مبلغ 10 آلاف جنيه للترخيص، وتجريم عملهم، وإقرار الحبس والغرامة بحقهم، ما يدفع للتساؤل حول غياب المنطق فيما يقره برلمان مصر من قوانين.

"يعاقب شعبا انتخب السيسي"

ويعتقد رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن زيادة رواتب رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ووكيلي مجلس النواب وأعضاء السلك الدبلوماسي، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن نيتها رفع الدعم عن السلع والمنتجات التي تحتكرها، مثل الكهرباء والمياه والغاز ومضاعفة رسوم الطرق الزراعية الصحراوية، وما يترتب على ذلك من زيادة كافة أسعار السلع والمنتجات الحياتية الأساسية وغيرها، يؤكد أن البرلمان أعطى ظهره للشعب".

الشهابي، أكد لـ"عربي21"، أنه بهذه الطريقة فإن "ولاء البرلمان للحكومة وليس الشعب، وأنه تخلى عن دوره الدستوري في الرقابة والتشريع، وأنه لم يراجع الحكومة في إجراءاتها الاقتصادية التي أضرت بالطبقة المتوسطة والطبقات الأقل دخلا من عمال وفلاحين".

وأشار إلى أنه "كان يحب عليه أن يراقب الحكومة، خاصة أنها تؤمن أن سياسة السوق والاقتصاد الحر وحرية المنافسة تمنعها من مراقبة الأسواق وتسعير السلع والمنتجات؛ في حين أن النظام المطبق بمصر لا علاقة له بنظام الاقتصاد الحر؛ لأنه يعتمد على الاحتكار وجشع التجار"، مضيفا أنه "وللأسف الشديد يأتي هذا بمستهل الولاية الثانية للرئيس، وكأن الحكومة والبرلمان يعملان ضده، ويعاقبان الشعب الذي انتخبه". 

ويرى أن "القرارات الحكومية والقوانين التي يصدرها النواب تتعمد أن تدفع الشعب إلى الانفجار"، متسائلا: "هل هو مخطط مرسوم من قبل أدوات أمريكا الناعمة (صندوق النقد والبنك الدوليين) لاستكمال مخطط الفوضى؟".
 
"دُمَى السيسي"

من جانبه، قال عضو مجلس الشورى السابق، طارق مرسي: "لا أرى غيابا للمنطق في المشهد؛ لأن هذا ليس برلمان مصر بالأساس"، موضحا أن "البرلمان في الدول المحترمة يتكون من نواب يمثلون الشعب والجماهير. أما في مصر الانقلاب، فالقاصي والداني يعرف كيف وأين تشكلت هذه العصابة المسماة، زورا وبهتانا، برلمان".

مرسي، أكد لـ"عربي21"، أن "هؤلاء لم يختارهم الشعب، ولا يخافون من محاسبة الشعب لهم، وإنما يمثلون من اختارهم ويملك إقالتهم ومحاسبتهم"، مضيفا: "هؤلاء مجموعة من الدُمَى أتى بهم السيسي وجهاز مخابراته؛ لذا فإنهم لا خيار لهم إلا الموافقة وتمرير قوانين خرجت بالأساس من مطبخ الانقلاب"، موضحا أنها "سبوبة يتقاسم فيها مجموعة من مراكز القوى والفسدة ما يتبقى لهم من فتات موائد الجنرالات".

وتابع: "هكذا طبيعة نتائج الانقلابات العسكرية، تبدأ بتحدي إرادة الشعب، ومن ثم يجمع العسكر ثلة من المتسلقين والمجرمين ليمصوا دماء الوطن، ويثقلوا كاهل الناس بالضرائب والإتاوات"، مؤكدا أنه "ليس في هذا المشهد جديد، وليس بعيدا عن تاريخ الانقلابات العسكرية والثورات المضادة والاستبداد".

وقال السياسي المصري، إن "الجديد الذي ننتظره والحل الأوحد، هو ثورة شعبية كاملة تقتلع كل الفساد والاستبداد، وتجعل من الشعب السيد صاحب القرار؛ ليقرر مصيره بنفسه، ويحمي مقدرات الوطن، وينعم بثرواته".

"الظلم الاجتماعي"

وقال النائب السابق بمجلس الشورى، عاطف عواد، لـ"عربي21"، إن "زيادة رواتب ومخصصات بعض الجهات كالسلك القضائي والسلك الدبلوماسي والوزراء ونواب البرلمان، في وقت يعاني فيه محدودي ومتوسطي الدخل من غلاء الأسعار وعدم القدرة على مواجهة أعباء الحياة، يعمق الفجوة بين الحكومة وعامة الشعب، ويعمق مفهوم الظلم الاجتماعي".

 

اقرأ أيضاغضب بمصر بعد زيادة رواتب الوزراء والدبلوماسيين والمحافظين


"يتاجرون بحب الوطن وهم لصوص"

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، انتقد المستشار الإعلامي، معتز صلاح الدين، قرارات البرلمان، وقال: "قرار رفع مرتبات ومعاشات الوزراء وزيادة مكافآت النواب قرار يفتقد إلى العدالة، ويكشف أن أغلب النواب لا يمثلون الشعب، بل إنهم عبء على الميزانية العامة للدولة"، مضيفا: "أما رئيس مجلس النواب علي عبد العال، فلا يصلح لأي منصب على الإطلاق، والمؤسف أن هناك نوابا تاريخهم معروف، ويتاجرون بحب الوطن وهم لصوص، سرقوا وما زالوا يسرقون الوطن". 

وقال الإعلامي عبدالعزيز مجاهد، عبر "فيسبوك"، إن "‏برلمان السيسي يعتمد صرف مبلغ 805 ملايين جنيه سنويا لصندوق رعاية القضاة، ‏بعد اعتماده فرض 20 ألف جنيه رسوما سنوية على البائعين على عربات الفول".