ملفات وتقارير

لماذا هز تقرير "بي بي سي" مصر وأثار غضب النظام؟

تقرير بي بي سي عن "زبيدة" أثار غضب النظام- أرشيفية

على الرغم من أنها ليست الحالة الأولى ولا الأخيرة في سلسلة الانتهاكات في مصر منذ تموز/ يوليو 2013، إلا أن تقرير هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أثار غضب وحفيظة كل مؤسسات الدولة المصرية الرسمية وغير الرسمية، التي اتهمت المؤسسة العريقة بتعمد نشر أخبار كاذبة عن مصر، واستهداف أمنها واستقرارها، وتشويه صورتها.

وعزا حقوقيون وسياسيون وصحفيون، في تصريحات لـ"عربي21"، حالة الصدمة إلى أن التقرير صادر من مؤسسة إعلامية مرموقة، مشهود لها بالمهنية والحرفية، ولا يسري عليها ادعاءات النظام في مصر بأنها مؤسسة "إخوانية" أو ممولة من قبل "الإخوان"، كما أن التقرير يعد وثيقة حقوقية توثق الانتهاكات الحقوقية، ويتفق مع كثير من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، التي دأب النظام المصري على تكذيبها، ويأتي قبل أسابيع قليلة من انتخابات الرئاسة المقبلة.

نظام هش


وعزا مدير مركز شهاب الحقوقي، خلف بيومي، نظام السيسي واضطرابه إلى سبب "ضعف موقف النظام وهشاشته في مجال حقوق الإنسان، وصدق رواية المؤسسات الدولية وتقاريرها، والخوف الشديد من انخفاض الدعم المادي والمعنوي للنظام بسبب تلك التقارير".

 

اقرأ أيضا: زبيدة مع عمرو أديب.. ووالدتها مع "بي بي سي".. أين الحقيقة؟

وأضاف لـ"عربي21"، أن "التقرير خرج من مؤسسة إعلامية عريقة معروفة بحياديتها، ولا يوجد خلاف سياسي سابق بينها وبين النظام"، لافتا إلى أن "التقرير يتفق على ما جاء في تقرير لجنة مناهضة التعذيب الأممي، وتقرير هيومن رايتس ووتش بخصوص منهجية التعذيب في مصر".

النظام يتجاهل


عضو حزب العيش والحرية، معتصم مدحت، ذهب إلى القول بأن السلطات في مصر لا تكترث بمثل تلك التقارير الصحفية والحقوقية، وقال لـ"عربي21": "ما زلت لا أرى أثرا لاهتزاز مؤسسات الدولة من تقارير إعلامية كتقرير بي بي سي، أو حتى تقارير حقوقية مثل هيومان رايتس ووتش؛ فالنظام المصري ومؤسساته -خصوصا الأمنية- مستمرة في كافة إجراءات إغلاق المجال العام، والتنكيل بالمعارضة السياسية".

وأضاف أن "حالات الاختفاء القسري مستمرة، وآخرها منذ عدة أيام لأحمد مناع، عضو حزب تيار الكرامة، وما زالت سيناء محاصرة، وما زالت الأجهزة الأمنية تقوم بالوصاية على الأحزاب والحركات السياسية، وما زال الآلاف وراء قضبان السجون".

ورأى أن "توقيت التقرير يفترض أن يكون له تأثير سلبي، خصوصا قبل انتخابات الرئاسة المصرية، ولكن ليس على النظام المصري؛ فالعالم كله تقريبا يعلم أن الانتخابات ما هي إلا استفتاء مضمون النتيجة لاستمرار السيسي في مقعد رئاسة الجمهورية، بعد إفشال كل جهود الترشح لآخرين بفعل متعمد من أجهزة الدولة والمؤسسات الموالية لها، خصوصا الإعلامية".

وأعرب عن اعتقاده بأن "التقرير لن يضيف للحالة شيئا، سواء داخليا أو خارجيا، وأن المجتمع الدولي يغض الطرف عن كل هذه الانتهاكات عمدا، ويبني علاقات جيدة مع النظام المصري؛ لوجود مكاسب سريعة ومتعددة، خصوصا مع وجود الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب".

الضحايا.. شهود إثبات


وعلقت الصحفية، شيماء جلال، بالقول إن "النظام لا يزال يخشى آراء المؤسسات الدولية، مثل البي بي سي، وهي مؤسسة عريقة وفي المهنة منذ نحو مئة عام؛ فتقريرها واقعي حقيقي لا يهدف إلى تضليل القراء"، مشيرة إلى أنه "ليس لها أيضا توجه سياسي مثل صحف محلية كثيرة، أضف إلى ذلك أن تقريرها كان بالصوت والصورة، واستقته المؤسسة من ضحايا وليس مجرد شهود".

وأضافت لـ"عربي21" أن "النظام يخشى من أصداء المؤسسات الدولية، وتأثيرها على المجتمع الدولي فيما يتعلق بالانتهاكات التي يرتكبها، كما أن تقرير البي بي سي لقي رواجا كبيرا بين الحقوقيين والصحفيين، وتم تداول الفيلم الوثائقي على نطاق واسع".

مصر فشلت في الرد


من جهته، قال الناشط السياسي والحقوقي، هيثم أبو خليل، لـ"عربي21": "بالطبع البي بي سي لها ثقلها الإعلامي، وتوثق بشكل احترافي، وتكتسب تقاريرها مصداقية مثلها مثل الوكالات العالمية".

 

اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: هل جاء دور الإعلام الأجنبي للقمع بمصر؟

ولفت إلى أن "البي بي سي لن تصمت عن اتهامات السلطات المصرية لها، وما يؤكد فشلها في الرد هو تشبثها بجزء واحد في التقرير (زبيدة)، وما يحمله من لغط، وتجاهل باقي أجزاء القصة التي سردت في التقرير، بما فيها معتقل (التيشرت)، وغيره مما ورد في التقرير من انتهاكات واضحة".

وأكد أن "هناك الكثير من الأدلة والإثباتات التي تدلل على ارتكاب السيسي وعصابته مجازر بحق المعارضين، أوردتها منظمتا أمنستي وهيومن رايتس ووتش، ورأينا خطاب دونالد ترامب لوزير الخارجية الأمريكي تجاه اثنين من مجرمي السجون، وهما محمد الخليصي ومحمد حسين، فالموضوع ليس بحاجة إلى إثبات، إنما إرادة سياسية، ووقف النفاق وازدواج المعايير".