صحافة دولية

إندبندنت: عائلات يمنية تريد حقها من أمريكا

إندبندنت: وسط المجزرة في اليمن يواجه المدنيون أيضا عواقب الحرب الأمريكية على الإرهاب- أ ف ب

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافية بيثان ماكرنان من مدينة مأرب في اليمن، تذكر فيه أن يمنيين قالوا إن خمسة من السكان قتلوا في أثناء مداهمة قامت بها قوات "نيفي سيل"، حيث قامت الصحيفة بمقابلات مع الناجين، وسلطت الضوء على محاولات عائلاتهم تحقيق العدالة. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد ستة أشهر من العملية التي شنتها القوات الخاصة، فإن عائلة الأدهل لا تزال تتعافى من الهجوم، فعثمان محمد صالح الأدهل، البالغ من العمر 12 عاما، استعاد ما حصل عندما تم الهجوم على قرية أضلان الصغيرة في 23 أيار/ مايو، قائلا: "كنت نائما في الخارج؛ لأن الجو كان حارا، وبعدها كان يمكنك الاستماع لأصوات المروحيات، وشعرت بالخوف، وهربت إلى الداخل؛ بحثا عن أمي، وعندها ظهر أمريكي صرخت وأطلق النار علي مرتين". 

 

وتذكر ماكرنان أن عثمان التفت إلى ذراعيه وعليهما آثار الرصاص، ووجد مع نهاية المعركة أمه التي كانت تبكي فوق جثتي شقيقيه الأكبر منه، مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى الأدهل، فإن سكان القرية يقولون إن ولدين صغيرين ورجلا لا يستطيع الرؤية بشكل جيد، عمره 70 عاما، اسمه ناصر علي مهديا الأدهل، قتلوا في العملية.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المنظمة البريطانية التي قامت بالتحقيق الولي في مقتل الرجل العجوز، قولها إنه عندما خرج من بيته أخذ يلوح للقوات الأمريكية الخاصة؛ ظانا أن أفرادها زوارا جاءوا إلى القرية، لافتة إلى أن المنظمة وغيرها من منظمات حقوق الإنسان استخدمت روايات شهود عيان قالوا إن ما بين 10 -15 مروحية أباتشي هبطت على بلدة أضلان في الساعة الواحدة من تلك الليلة.

 

ويكشف التقرير عن أن الهدف كان بيتا يحتمي فيه سبعة يشتبه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة، بحسب بيان من القيادة المركزية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وجمع أجهزة حاسوب وهواتف نقالة من أجل الحصول على رؤية حول تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وقدراته وإمكانياته، مشيرا إلى أنه في صباح اليوم التالي بعد الغارة كانت أوراق باللغة الإنجليزية ومخازن الرصاص وعبوات من المياه هي كل ما تركه المغيرون، لتمنح أهل القرية صورة عما حدث.

 

وتبين ماكرنان أن أيا من الناجين الذين تحدثت معهم الصحيفة لم يقولوا إنهم كانوا يعرفون بوجود مشتبه بهم في القرية، وقالوا إن سبعة رجال قتلوا في الغارة لا يعرفونهم، ربما جاءوا إلى القرية في الليل، حيث قامت القيادة المركزية ووزارة الدفاع بفتح تحقيق في غارة 23 أيار/ مايو في قرية أضلان، بعدما تقدم ناشطون بعريضة في هذا الشأن، منوهة إلى أن الولايات المتحدة تؤكد أنه بناء على معلوماتها فإنه لم يقتل أي مدني في الغارة، و"لم ترد القيادة المركزية على أسئلة طرحتها الصحيفة بشأن أي معلومات جديدة بالغارة".

 

وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم القيادة قوله في بيان سابق، إن "القيادة المركزية تتعامل مع مزاعم قتلى مدنيين بجدية، ونعمل بجهد وجد لأن تكون أهدافنا دقيقة، ونطبق قوانين الحرب، ونقوم باتخاذ الإجراءات كلها أثناء التخطيط والتنفيذ؛ لتخفيض أي ضرر على المدنيين".

 

ويورد التقرير نقلا عن القرويين، قولهم إنهم كانوا يحترمون الولايات المتحدة قبل العملية؛ لأن وكالة التنمية الدولية الأمريكية "يو أس إي إيد" ساهمت في تمويل عدد من المدارس في المنطقة، لكن بعد الغارة أصبح اسمها يحمل الخوف والألم، حيث يجد الكثير من الناس صعوبة في النوم في الليل، وعادة ما تجلب الأصوات العالية ضغوطا نفسية ونوبات، كما تغيرت حياة الجرحى للأبد. 

 

وتنوه الكاتبة إلى أن مراد (22 عاما)، وهو شقيق عثمان، لم يستطع العودة إلى الجامعة منذ الغارة، وأصبحت قدمه في حالة سيئة بعد إصابته، وغياب العناية المناسبة له، ويقول الأطباء إنه يجب قطعها، وهو ما يرفضه، معتقدا أن علاجا لها ربما توفر في مكان آخر.

 

وتنقل الصحيفة عن أستاذة القانون الدولي في جامعة كولومبيا سارة ناكي، التي قامت بالبحث  في الغارات دون طيار ومكافحة الإرهاب الأمريكية، قولها: "قالت لنا هذه العائلات إنها فقدت أعزاء وممتلكات ثمينة، وراقبت أشخاصا ينزفون حتى الموت، وليس لديهم المال الكافي أو القدرة للحصول على العناية الضرورية"، وأضافت: "الآن يخشى الرجال والنساء من الولايات المتحدة، وبقي الطلاب الذين يجب عليهم الذهاب للجامعة في بيوتهم، ويعانون من آلام يومية، كيف يمكن لهذا كله أن يساعد في هزيمة تنظيم القاعدة؟". 

 

ويفيد التقرير بأن واشنطن تعتمد بشكل متزايد على الغارات الجوية دون طيار، بالإضافة إلى قوات خاصة في حربها على الإرهاب، التي زادت منذ وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض في عام 2009.

 

وتبين ماكرنان أن شيوخ مأرب وعائلة أدهل انقسموا حول كيفية محاربة أمريكا والتحالف العربي لتنظيم القاعدة، حيث أجمعت الآراء التي تم جمعها من السياسيين والمدنيين والعسكريين أن أفضل وسيلة لمواجهة الإرهاب تكون من خلال فتح فرص العمل، وتطوير المناطق الفقيرة، من خلال الفرص الاقتصادية والتعليمية، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي يتفهم فيه شيخ القبيلة المؤثر عبد السلام القاضي أهمية مكافحة تنظيم القاعدة بالنسبة للأمريكيين، إلا أنه يرى أن عملية التنسيق يمكن تحسينها، وقال: "يمكن الثقة بنا لمعالجتها بأنفسنا".

 

وتقول الصحيفة إن "الحرب اليمنية تتضمن عددا من القضايا المتداخلة والمصالح المتنافسة، فالتحالف الذي تقوده السعودية لدعم حكومة عبد ربه منصور هادي متهم بقتل الآلاف، ولا تنس ذكر المجاعة التي يتأثر بها 7.3 مليون يمني، والحصار الذي فرضه التحالف على اليمن؛ لمنع الحوثيين الحصول على أسلحة متقدمة". 

 

ويورد التقرير نقلا عن الناشطة في مأرب أمة الله حمادي، قولها إنه من الصعب انتقاد التحالف السعودي أو أساليب الولايات المتحدة، وتضيف: "من الصعب أن تقوم السلطات المحلية هنا بالتحقيق في غارات دون طيار، أو غارات ومداهمات، أو نقل مظالمهم للرياض أو واشنطن، ولا تريد الحديث بطريقة سيئة عن الناس الذي يقدمون المال والطائرات". 

 

وتنقل الكاتبة عن ناجين، قولهم إن لا أحد من الولايات المتحدة أو ممثليها اتصلوا بهم منذ الغارة قبل ستة أشهر، رغم ما قالته القيادة المركزية إنها تحقق فيها، وتقول ناكي إن غياب العناية أو العدالة لمن وجدوا أنفسهم وسط النيران يغذي المظالم ويترك آثارا بعيدة المدى، وتضيف أن المعاناة التي عانت منها العائلات بعدما فقدت أعزاءها في الهجوم المفاجئ زادت؛ لأن الولايات المتحدة لم تعترف بالضرر الذي تسببت لهم به، أو احتمال حصولهم على العدالة.

 

وتتساءل ناكي قائلة: "أين وكيف يمكن للعائلات اليمنية التقدم بشكاوى عن الضرر الذي أصابها؟ لا يوجد هناك نظام.. الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة عندما لا تعترف أو لا تحاول إصلاح الأضرار هي أن الحصانة من العقاب تسود، وأن هذه العائلات لا تستحق الاعتراف، ويجب التحقيق في مزاعمهم بجدية، وهؤلاء الناس مستعدون لمقابلة أي مسؤول أمريكي". 

 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول عبد الرحمن سعيد أدهل: "نريد من الناس أن يسمعوا قصتنا والحقيقة..  وفي حال محاسبة أمريكا فلربما لن تتعرض العائلات الأخرى للضرر في المستقبل".