نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لكل من كين كليبنتسين وبول غوتنينغر، يقولان فيه إنه عندما كان دونالد
ترامب مرشحا للرئاسة، فإنه اتهم السعوديين بأنهم وراء تفجيرات 11/ 9، إلا أنه وفي الثمانية أشهر الأولى لحكمه أرسل للسعوديين شحنات
أسلحة بقيمة 1.56 مليار دولار.
ويعلق الكاتبان على هذه الازدواجية بالقول: "قبل أن يستهين بالتقاليد المعروفة، ويختار
السعودية أول محطة في أول جولة خارجية له، حيث غمر بالهدايا، وعقد صفقات أسلحة قياسية مع المملكة (بعدما اتصلت الإدارة مع مدير شركة لوكهيد مارتن، وطالبته بتقديم عرض مخفض للسعودية)، وقبل أن يشارك برقصة السيف في الرياض، وقبل أن يزيد من دعمه للحملة العسكرية التي انتقدت عليها السعودية بشكل واسع في
اليمن، وقبل أن يضعف من موقف وزير خارجيته بالوقوف مع السعوديين في خلافهم المثير للقلق مع قطر، هاجم ترامب السعودية".
ويؤكد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المرشح ترامب مضى أبعد من الهجوم، حيث قال مرتين في يوم واحد، في شباط/ فبراير 2016، إن السعوديين هم الذين يقفون وراء هجمات11/ 9، مشيرا إلى أن ترامب عنف، في أثناء المناظرة التلفزيونية مع هيلاري كلينتون، مؤسسة كلينتون؛ لتلقيها دعما من السعوديين، قائلا: "هؤلاء هم الناس الذين يقتلون النساء ويعاملونهم بفظاظة، ومع ذلك قبلت أموالهم؟".
ويستدرك الموقع بأن ترامب سمح منذ وصوله للبيت الأبيض بتسليم السعودية شحنات أسلحة تقدر قيمتها بالمليارات، بحسب تحليل قام به الموقع لأرقام مكتب الإحصاء الحكومي الأمريكي للصادرات، الذي وجد أن واشنطن سمحت في الأشهر الثمانية الأولى من رئاسة ترامب بتسليم أسلحة قيمتها 1.56 مليار دولار.
ويلفت الكاتبان إلى أن الولايات المتحدة ضاعفت في هذه الفترة من تسليم السعوديين القنابل والصواريخ والذخيرة، وضاعفت من إرسال العربات المصفحة، ودبابات "أم1"، مقارنة مع الأشهر الثمانية الأولى في عام 2016، في ظل إدارة باراك أوباما.
ويكشف التقرير عن أن إدارة ترامب شحنت للسعودية قنابل وصواريخ بقيمة 561 مليون دولار، وعربات مصفحة، وقطع غيار بقيمة 503 ملايين دولار، وقطع غيار لصيانة المقاتلات، مثل "أباتشي" و"بلاكهوك" و"أف 15"، بقيمة 552 مليون دولار، وهي المقاتلات التي تستخدم في الحرب الكارثية في اليمن، لافتا إلى أن الشحنات العسكرية للسعودية زادت بقيمة 70 مليون دولار عن الفترة ذاتها في العام الماضي.
ويذكر الموقع أن مراقبين للشحنات انتقدوا الزيادة في الدعم العسكري الأمريكي؛ لعدة أسباب، منها الكارثة الإنسانية في اليمن، حيث يقول الزميل في جمعية التحكم بالأسلحة جيف أبرامسون: "كان يجب على الولايات المتحدة ألا ترسل أسلحة إضافية في حرب لا يمكن الانتصار فيها، ووضعها في يد بلد يستخدمها ضد المدنيين، وكان على إدارة ترامب استخدام تأثيرها والتوصل إلى حل سياسي للحرب الكارثية في اليمن، التي أدت إلى أزمة إنسانية واسعة".
وينوه الكاتبان إلى أنه قتل في الحرب أكثر من 10 آلاف مدني، وجرح أكثر من 40 ألف شخص، حيث نتجت الغالبية العظمى من الضحايا جراء القصف الجوي السعودي، مشيرين إلى أن الحرب التي تقودها السعودية أدت إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم، حيث أصبح 19 مليون نسمة، أي حوالي 80% من السكان، بحاجة لإغاثة إنسانية عاجلة.
ويورد التقرير نقلا عن محلل آخر وهو مدير مراقبة الدعم الأمني في مركز السياسة الدولي كولبي غودمان، تعليقه قائلا: "هناك الكثير من القلق بشأن الدفعة العسكرية لإدارة ترامب، والقلق الأكبر هو إزالة بعض القيود التي فرضتها إدارة أوباما على مبيعات السلاح، مثل بيع الذخيرة الدقيقة للسعودية"، ويضيف غودمان: "بالمجمل فنحن قلقون من تخفيف إدارة ترامب القيود، وتخفيض المراجعات، والقيود المتعلقة بحقوق الإنسان، وهذا واضح من بيع الذخيرة الدقيقة للسعودية".
ويفيد الموقع بأن قرار ترامب تخفيف القيود على مبيعات السلاح للسعودية يأتي في وقت يشهد فيه اليمن وباء الكوليرا، الذي أصاب أكثر من 600 ألف طفل، و"من هنا، فلا غرابة أن تعرب منظمات حقوق الإنسان عن قلقها من تصعيد الحرب في اليمن ومفاقمة المعاناة".
وينقل الكاتبان عن مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومان رايتس ووتش" سارة لي ويتسون، قولها إن "استمرار مبيعات السلاح الأمريكي إلى السعودية، بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية، وتوفير الوقود في الجو، الذي تقدمه الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية، لا تعد أمورا لا أخلاقية فقط، فهي تخلق مخاطر قانونية للولايات المتحدة، بأن تكون متواطئة في جرائم حرب، هذا إن أخذنا بعين الاعتبار التهور والعشوائية في القصف السعودي، الذي أدى إلى دمار ضخم في اليمن، وكل يمني يعرف أن القنابل الأمريكية هي التي قتلت الآلاف من اليمنيين، ويجب ألا نستغرب عندما تلاحق الحقائق أمريكا".
وبحسب التقرير، فإن مظاهر قلق ويتسون ليست دون حقيقة، ففي العام الماضي قام الطيران السعودي باستهداف جلسة عزاء في صنعاء، وقتل وجرح جراء القصف أكثر من 600 شخص، حيث وصفت الأمم المتحدة العملية بأنها جريمة حرب؛ لأن عملية القصف أتبعت بثانية تهدف لقتل من كانوا يسعفون الجرحى.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى قول كيت كيزر، مسؤولة مشروع السلام في اليمن، وهي منظمة مقرها في واشنطن، إن "الغارات الجوية للتحالف تقود إلى ضحايا مدنيين في النزاع، وهناك الكثير من الأمور التي تتراوج من هجمات على منشآت حيوية للمدنيين إلى الكوليرا، التي كان هناك وسائل لتجنبها، والمجاعة التي تجتاح البلاد".