ملفات وتقارير

يواجهون السجن والفقر: ما جدوى مؤتمرات السيسي للشباب؟

10 آلاف عنصر أمن وعسكري لحماية المؤتمر
"بقوة شباب مصر وحماسهم.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر"؛ بهذه الكلمات ومن شاطئ قناة السويس بالإسماعيلية، افتتح قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، الدورة الثالثة لمؤتمر الشباب، الثلاثاء.

ويُعقد المؤتمر بحضور 1200 شخص على مدار ثلاثة أيام، بحراسة أكثر من 10 آلاف شرطي، إلى جانب قوات الحرس الجمهوري.

فمن مؤتمر شرم الشيخ في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، إلى أسوان في كانون الثاني/ يناير 2017، حتى الإسماعيلية؛ تنقل السيسي بمؤتمراته للشباب التي تكلف الدولة أمولا باهظة، وسط حالة العجز المالي والتدهور الاقتصادي، ويحضرها كبار مسؤولي الدولة، في حماية الحشود الأمنية، حسب المحللين الذين تساءلوا عن جدوى هذه المؤتمرات.

صورة مستفزة

ومع تزامن المؤتمر واحتفال مصر بذكرى تحرير سيناء 1982، أثارت صور السيسي، وهو في نزهة بحرية بقناة السويس بصحبة مجموعة من الفتيات وخلفه عشرات المراكب البحرية تحمل قوات حرس الحدود ورجال المخابرات؛ انتقادات الكثيرين الذين اعتبروا السيسي خارج الأحداث التي تشهدها البلاد، من عمليات إرهاب وقتل وأوضاع أمنية واقتصادية سيئة.



وتعيش البلاد حالة من الانفلات الأمني تتخللها هجمات مسلحة وتفجيرات طالت مؤخرا كنائس ومواقع عسكرية؛ بالقاهرة ومحافظات أخرى، كما تمر البلاد بمرحلة اقتصادية صعبة؛ زادت معها نسبة الفقر إلى 27 في المئة، حيث يقبع 30 مليون مصري تحت خط الفقر العالمي، وبلغ معدل البطالة 12.7 في المئة، حسب إحصاء الجهاز المركزى للتعبئة عام 2016.

"بروباغندا"

وفي تعليقه على المؤتمر، أكد الكاتب والمحلل السياسي، أسامة الهتيمي، أنه "لا يستطيع أحد أن يقلل من أهمية الحوار، فهو ربما الفرصة الأفضل لتبادل وجهات النظر واختيار أفضل الرؤى للتعاطي مع المشكلات التي يمر بها الوطن".

واستدرك الهتيمي بقوله لـ"عربي21": "غير أن الحوار الحقيقي والناجح يحتاج إلى توافر حزمة من الشروط. أعتقد أنها لا تتوافر على الإطلاق بتلك المؤتمرات التي يرعاها النظام".

وقال الهتيمي: "هذه المؤتمرات تأتي وسط مناخ سياسي واقتصادي غاية السوء"، مضيفا أن "أفضل ما يمكن أن توصف به أنها (بروباغندا)"، على حد وصفه.

وأوضح أنه "لا زال يقبع بالسجون آلاف الشباب الذين لا تعدو تهمة أغلبهم عن أنهم كانوا من بين الفاعلين والناشطين الذين عبروا عن آرائهم بشكل سلمي، ظنا منهم بأن ثورة يناير 2011 قد تجاوزت مرحلة الكبت والقهر السياسي التي عاشتها البلاد طيلة حكم حسني مبارك، فضلا عن الاختفاء القسري الذي شمل مئات آخرين".

وكشف تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية مقرها القاهرة)، عن اعتقال 60 ألف شاب بعد الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013. وبين آب/ أغسطس 2015 وآب/ أغسطس 2016، وثّقت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" (مجموعة مستقلة) اختفاء 912 شخصا قسرا.

وأشار الهتيمي إلى الواقع الاقتصادي الذي اعتبر أنه لا يقل تدهورا عن الواقع السياسي، مؤكدا أن "المعاناة المعيشة تتضاعف يوما بعد يوم في ظل ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وشبه تخل من الدولة عن القيام بدورها لتخفيف العبء عن معدومي ومحدودي الدخل، ما يعمل أيضا على تآكل الطبقة الوسطى"، كما قال.

مسرحيات هزلية

وأضاف الهتيمي أن "الوضع السياسي والاقتصادي يدفع الكثيرين لاعتبار هذه المؤتمرات مسرحيات هزلية تهدف للتنفيس عن الشعب والتخفيف من حدة الاحتقان؛ فيما يراها آخرون محاولات أخرى للاستفزاز، خاصة وأنها تكلف الملايين، حيث يقيم آلاف الشباب بفنادق فخمة لعدة أيام، في الوقت الذي يصر فيه النظام على أن البلاد فقيرة"، بحسب قوله.

وتابع الهتيمي: "يؤكد ذلك أن هذه المؤتمرات لا تخرج بأية نتائج إيجابية تنعكس على الواقع، اللهم إلا ما تعلق منها بتشكيل لجنة للعفو عن بعض الشباب المحتجزين والذين تم احتجاز أغلبهم دون إدانات أو محاكمات تدينهم، فيما كان من بين المفرج عنهم من كان سيخرج بشكل طبيعي بعد فترة قصيرة من قرارات العفو، وهو ما أدركته مبكرا بعض الأحزاب السياسية التي رفضت المشاركة بهذه المؤتمرات"، وفق تقديره.

أسئلة تحتاج لجواب

من جانبه، تساءل رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي "عن جدوى مؤتمرات الشباب التي تعقد بتكاليف عالية وحضور كل مسؤولي الدولة بما يعني تعطل دولاب العمل ومصالح الجماهير".

وأضاف الشهابي في حديث لـ"عربي21"؛ أن هناك أسئلة تتردد حول مؤتمرات الشباب، وتجب الإجابة عليها، ومنها: "هل تلك المؤتمرات مفيدة؟ وهل ساهمت في حل مشاكل الشباب؟ وهل الذين يحضرونها يعبرون عن شباب النجوع والكفور والمدن والمحافظات؟".

وطالب الشهابي مسؤولي النظام "بالإجابة بوضوح وصراحة عن هذه الأسئلة قبل الأقدام على عقد مؤتمرات أخرى للشباب تكلف البلاد أموالا ومجهودات؛ مصر بحاجة إليها"، كما قال.

السقوط في "البكابورت"

وقال الشاعر عبد الرحمن مقلد إن السيسي بهذه المؤتمرات لن ينجح في حل مشاكل شباب مصر، مؤكدا أن الشباب الذين يحضرون تلك المؤتمرات لا يعبرون عن جل شباب مصر، وفق تقديره.

وطالب مقلد في حديث لـ"عربي21"؛ بتوجيه تلك الأموال التي يتم إنفاقها على مثل تلك المؤتمرات لإقامة مشروعات حقيقية يستفيد بها ملايين العاطلين، واصفا الحالة التي يعيشها المصريون، والتي وصل لها الشباب على يد السيسي بحالة "السقوط في البكابورت"، في إشارة لصعوبة التخلص من النظام.

هدم الدولة!

وفي المقابل، قال الخبير بالشؤون الاقتصادية، عبد الرحمن طه: "السيسي مستمر في حضور فعاليات مؤتمر الشباب؛ حتى تدركون مدى أهمية هذا الأمر".

وأضاف عبر صفحته على "فيسبوك": "فهو (السيسي) يواجه بند تهميش الشباب في مشروع الشرق الأوسط الكبير، ورغم ما ترونه من تكلفة فهو أقل بكثير من تكلفة هدم الدولة، وفي كل مؤتمر يتم هدم جزء من المؤامرة على مصر"، وفق قوله.