سياسة عربية

لماذا استثنى أردوغان الإمارات من جولته الخليجية؟

أردوغان ومحمد بن زايد
أردوغان ومحمد بن زايد
استهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولة خليجية تشمل 3 دول بدءا بالبحرين ومرورا بالسعودية وقطر ليشهد توقيع عدد من مذكرات التفاهم الاستراتيجية بين بلاده ودول خليجية لكن الجولة استثنت دولة الإمارات.

وعلى الرغم من الاتصالات الأخيرة التي جرت بين الطرفين وتمثلت بعقد الاجتماع الوزاري للجنة الاقتصادية المشتركة التاسعة بين الإمارات وتركيا الذي ترأسه وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري ونائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك إلا أن الزيارة لم تشمل أبوظبي.

تشهد العلاقات التركية الإماراتية توترا منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المصري محمد مرسي ودعم الإمارات لهذا الانقلاب منذ لحظاته الأولى ومهاجمة تركيا على خلفية موقفها الرافض للانقلاب.

وعلى الرغم من الزيارات المتبادلة التي جرت نهاية العام الماضي بين وزيري خارجية تركيا والإمارات مولود تشاوش أوغلو وعبد الله بن زايد إلا أن تحسن العلاقات لم يرتق لدرجة تبادل زيارات على مستوى الرئاسة التركية أو الإماراتية وبقي الحديث عن استمرار التواصل والتنسيق ورفع مستوى العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.

وفي المقابل استقبلت البحرين بحفاوة كبيرة الرئيس التركي واحتفلت الصحف البحرينية بالزيارة الأولى لأردوغان إلى بلادها واقتبست العناوين الرئيسية للصحف عبارات من تصريحات أردوغان وأهم ما نتج عن الاتفاقيات الموقعة، ومنها ما عنونته صحيفة الأيام البحرينية على صفحتها الأولى: "أردوغان: نقف مع البحرين في السراء والضراء.. توقيع اتفاقيات عسكرية وتعليمية وإعفاء من رسوم التأشيرات".

ومن المتوقع أن يصل الرئيس التركي مساء اليوم إلى الرياض لاستكمال جولته الخليجية حيث من المقرر أن يقعد لقاء مع الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان.

وتحمل زيارة السعودية أهمية كبيرة نظرا لمجيئها عقب تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض وفي ظل تطورات الوضع في سوريا والتقدم الكبير للجيش التركي في مدينة الباب شمال سوريا بالإضافة للحراك الدولي والإقليمي عقب مفاوضات أستانة وجنيف المقبلة.

كما تعقب هذه الزيارة انعقاد الدورة الأولى لمجلس التنسيق التركي السعودي الذي عقد في العاصمة التركية أنقرة قبل 6 أيام وعزز من تحسن العلاقات التي شابها توتر عقب الانقلاب العسكري في مصر.

استرسال في العداء

ويرى الكاتب والصحفي التركي إسماعيل ياشا أن سبب استثناء أبوظبي من زيارة أردوغان يعود "لاسترسالها في معاداة تركيا وتجربة الإسلامي السياسي في الحكم".

وقال ياشا لـ"عربي21" إن الإمارات حتى الآن "ترفض التراجع عن هذا العداء ولا تريد الخروج من المشهد وكأنها منهزمة على الرغم من حدوث اجتماعات بين عدد من المسؤولين في الجانبين وتوقيع العديد من الاتفاقيات والتفاهمات".

ولفت إلى أنه وعقب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى تركيا نهاية العام الماضي روج الإماراتيون إلى أن أنقرة تخلت عن دعم الإخوان المسلمين.

وتساءل ياشا: "ما الذي يمكن أن تقوله الإمارات إذا سعى أردوغان لزيارة أبو ظبي مستقبلا بعد كل هذه المعاداة لتركيا؟".

وأشار إلى أن تركيا لم تبادر لمعاداة الأمر بل ما حصل هو العكس، لافتا إلى "تدخلات الإمارات في المصالح التركية بعدد من المناطق منها ليبيا ودفع حفتر لإطلاق تهديدات ضد الطائرات التركية بإسقاطها وإغلاق السفارة التركية في ليبيا".

وشدد ياشا على أن المطلوب من الإمارات هو "عدم العبث بالعلاقات التركية الخليجية وإفسادها لتشكل هذه العلاقة رافعة للمنطقة ويواجه كافة التحديات الإقليمية التي تعصف بها".

واستبعد في الأفق القريب أن يحصل تحسن في العلاقة على مستوى قيادة البلدين، مشيرا إلى أن التوجهات السياسية للإمارات ما زالت لا تصب في صالح تحسين العلاقات.

وعلى صعيد العلاقات الخليجية مع تركيا قال ياشا إنها في اضطراد مستمر والزيارة الأخيرة للرئيس أردوغان تأتي في هذا الإطار لتأكيد متانة العلاقة في ظل التحديات الإقليمية.

ولفت إلى أن فشل الانقلاب وإمساك النظام في تركيا بزمام الأمور والتحرك بقوة في الملف السوري وتحقيق تقدم في شمالها كلها عوامل جعلت الخليج يعيد النظر تجاه الموقف من تركيا والاتجاه نحو التحالف معه ضد التهديدات الإقليمية من إيران وغيرها.

وأشار إلى أن العلاقات القطرية التركية قديمة وقائمة على تحالف رسمي لكن العلاقات مع السعودية تحسنت بشكل أسرع وتسير في طريق تحالف استراتيجي يرتبط بالموقف من سوريا والحرب على تنظيم الدولة وتصريحات المسؤولين السعوديين تشير إلى رضى الرياض عن أنقرة في العديد من الملفات.

كما أشار إلى أهمية عملية "درع الفرات" والتوازن الذي أحدثته على الساحة السورية أمام الوجود الإيران هناك و"هذا الأمر بالتأكيد يسر الخليج ويدفعه لتقوية العلاقة مع تركيا"، على حد قوله.
التعليقات (0)