ملفات وتقارير

حركة فتح بذكرى انطلاقتها الـ52: واقع متأزم ومستقبل غامض

انقسام داخلي وجمود في مفاوضات السلام يهدد موقع حركة فتح - عربي21
انقسام داخلي وجمود في مفاوضات السلام يهدد موقع حركة فتح - عربي21
مع مرور 52 عاما على انطلاقتها، تعيش حركة فتح الفلسطينية، التي تخلت عن الكفاح المسلح كطريق لتحرير فلسطيني، حالة انقسام وتجاذب داخلي، مع انسداد أفق التوصل لحل سياسي للقضية الفلسطينية، وهو ما يشي بمستقبل ضبابي أمام الحركة.

تسليم السلاح

ويوافق الأول من كانون الأول/ يناير من كل عام ذكرى تأسيس حركة فتح، التي انطلقت عام 1965، وأعلنت عام 2007 عن وقف عملياتها العسكرية مقابل عفو "إسرائيل" عن أعضائها، عقب قيام جناحها العسكري "كتائب شهداء الأقصى" بتسليم سلاحه.

وفي كلمة متلفزة السبت، في ذكرى تأسيس الحركة، دعا الرئيس الفلسطيني، وزعيم الحركة، محمود عباس، إلى أن يكون عام 2017 عام الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، مثمنا مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد اجتماع ثلاثي في موسكو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأعرب عباس عن استعداده للعمل مع الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، لتحقيق السلام وفق حل الدولتين والمرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية، مؤكدا أن "عام 2017 سيشهد حالة استنهاض لحركة فتح وللحركة الوطنية بمجملها".

المشروع المتعثر

وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشأن الفلسطيني، فايز أبو شمالة، أن "عشرات السينين نقلت حركة فتح من الصبا والشباب إلى الشيخوخة، وهو ما يفقدها قدرتها على إبداع وسائل لتحقيق الوحدة الفلسطينية أو حتى وحدتها الداخلية".

وأضاف لـ"عربي21": "فتح الحالية ليست هي الحركة التي انطلقت سنة 1965 وكانت ترى في الكفاح المسلح طريقا لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر"، منوها أن "فتح العجوز اليوم لا ترى من فلسطين سوى الضفة وغزة، كما أنها لا ترى في الكفاح المسلح إلا إرهابا يجب الابتعاد عنه"، وفق قوله.

ورأى أبو شمالة، أن "استمرار بقاء فتح موحدة قائدة للشعب الفلسطيني والمشروع الوطني؛ بات أمرا مشكوكا فيه؛ لأن القيادة قرينة بالريادة التي تتحقق بحمل السلاح وبالتمسك بالثوابت"، مشككا في قدرة الحركة على "قيادة الساحة السياسية الفلسطينية في المرحلة القادمة". وقال: "الانقسام الحاصل داخل فتح هو مظهر خارجي لانقسامات عميقة بين منتفع وبين دافع للثمن".

من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، أن "الأزمة الداخلية التي تواجهها فتح والمتمثلة في الخلاف بين الرئيس أبو مازن والنائب محمد دحلان، يشكل إعاقة ونقطة ضعف لحركة فتح"، مؤكدا أنه "من الصعب الحديث عن إنجازات كاملة في ظل حالة الانقسام الداخلي التي تعيشها فتح، وحالة الانقسام الفلسطيني".

وأضاف لـ"عربي21": "من الصعب القول إن فتح خرجت موحدة بعد مؤتمرها السابع، لكنها ما زالت هي حاملة المشروع الوطني المتعثر"، على حد وصفه.

وأشار عطا الله إلى أن "المشروع الفلسطيني الذي تحمله فتح هو الأكثر واقعية، والذي حقق قدرا من الإنجازات الدبلوماسية على مستوى العالم، وهذا يعتبر نقطة قوة لها في الساحة الفلسطينية، ونقطة ضعف أيضا بعدما اصطدم مشروعها بحكومة إسرائيلية يمينية متطرفة؛ أغلقت أفق الحل أمام مشروع حركة فتح".

وحول الفرص المتاحة أمام فتح، والتي يمكن استثمارها في المستقبل القريب، قال الكاتب الفلسطيني: "هناك ظروف دولية وفرص عديدة على الساحة الدولية يمكن أن تشكل برنامجا حقيقيا للحركة؛ إذا ما احسنت استثمارها"، معتبرا أن فتح هي الحركة الفلسطينية "الأكثر اتزانا وتتميز بخطاب دولي قادر على إقناع العالم بجدارة وعدالة القضية الفلسطينية"، كما قال.

وقال عطا الله أيضا: "فتح وحدها هي القادرة على عزل إسرائيل دوليا، لكن هذا الأمر يحتاج إلى برنامج عمل طويل"، منوها إلى أن "السؤال حاليا: هل فتح جاهزة لهذا البرنامج الذي يحتاج قدرا من التوحد الفلسطيني؟".

الملعب الفلسطيني

لكن الكاتب والمحلل السياسي، زهير الشاعر، يرى أن فتح "ستبقى هي الحزب الحاكم لطبيعة تكوينها وسهولة تسويق نهجها، لكن هذا لا ينفي وجود مخاطر كبيرة وتحديات تواجه الحركة".

وبيّن لـ"عربي21"، أن التحدي الأول أمامها "هو طبيعة تركيبة لجنتها المركزية التي تعاني من حالة عدم انسجام بين أعضائها، بل يرى البعض أن هناك أعضاء ليسوا على مستوى مسؤولية قيادية بهذا الحجم"، وفق تقديره.

وأشار الشاعر إلى أن "فتح لم تعد هي اللاعب الوحيد في الملعب الفلسطيني"، مؤكدا في الوقت نفسه؛ أنها "رغم حالة الضعف التي تعاني منها فهي لن تتفكك، والتخوفات من قيام محمد دحلان بالانشقاق في غير مكانها؛ لأنه على ما يبدو بدأ يعمل بصمت بعيدا عن ردات الفعل".

ونبه الشاعر إلى أن "هناك تجاذبات كبيرة (بين عباس ودحلان)، ولكنها في النهاية محكومة بالمعادلة الدولية والإقليمية التي سترسم ملامح المرحلة القادمة، ولن تسمح لأحد بالخروج عنها"، مؤكدا أن فتح الحالية "باتت جاهزة لتتناسب مع متطلبات المرحلة الجديدة، بعد تفريغها من مضمونها"، كما قال.

ووقع شجار عنيف، السبت، بين أنصار عباس والقيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، خلال حفل "إيقاد الشعلة" في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة، والتي توقد بمناسبة انطلاق فعاليات حركة فتح في ذكرى تأسيسها.
التعليقات (0)