كتبت وزيرة التعاون الدولي بحكومة الانقلاب
المصرية، سحر نصر، مقالا في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الأسبوع الماضي؛ قالت فيه إن حكومة
السيسي تنوي طرح شركات حكومية للتداول في البورصة، من بينها شركات المرافق العامة، مثل
المياه والكهرباء، الأمر الذي أثار حالة من الجدل في البلاد.
وتقدم النائب علاء عبد المنعم ببيان عاجل لرئيس مجلس النواب، الاثنين، حول هذه التصريحات، وتساءل: "كيف تجرأت الحكومة على إعلان بيع المرافق العامة؟"، مضيفا أن "هذه الأصول مملوكة للشعب وليس من حق الحكومة التصرف فيها".
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولون عن
بيع الشركات العامة، حيث سبق وأعلن وزير قطاع الأعمال العام، أشرف الشرقاوي، في أيلول/ سبتمبر الماضي، أن الحكومة وضعت خطة لخصخصة 115 شركة عامة، وذلك في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار لسد عجز الموازنة العامة للدولة. وفي تموز/ يوليو الماضي؛ أعلن محافظ البنك المركزي، طارق عامر، عن خطة حكومية لطرح حصص من بنوك مملوكة للدولة لمستثمرين أجانب خلال العام الجاري، بالإضافة إلى طرح بعض الأصول المملوكة للدولة في البورصة المصرية.
الحكومة تتراجع
ولكن الحكومة تراجعت سريعا عن هذه الخطوة، حيث أصدر مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء الثلاثاء، بيانا نفى فيه أن تكون تصريحات الوزيرة تتضمن بيع شركات المرافق العامة، مثل
الكهرباء، والصرف الصحي، والمياه، ضمن عملية الخصخصة.
وقالت وزارة التعاون الدولي في بيان لها، تلقت "
عربي21" نسخة منه، إن المقال الذي نُشر للوزيرة سحر نصر "لم يتعرض على الإطلاق لذكر أي قطاعات للمرافق، مثل الكهرباء والصرف الصحي والمياه".
وأكدت الوزارة أن الدولة تمتلك هذه المشروعات بحصة حاكمة، ولن تعرضها للبيع، موضحة أن ما تم عرضه في المقال "هو ملامح برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي الذي وافق عليه البرلمان، لمخاطبة العالم الخارجي والمستثمرين الدوليين".
اجتهاد خاطئ أم اتفاق سري؟
وتعليقا على هذا الجدل؛ قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور، إن نفي مجلس الوزراء لما قالته الوزيرة يثير تساؤلات كثيرة حول حقيقة الأمر، "فكيف لوزيرة في الحكومة أن تقول هذه التصريحات وهي المسؤولة عن ملف التعاون الدولي والقروض الخارجية، ثم تنفيه الحكومة بعد ذلك؟".
وأضاف لـ"
عربي21": "عندما تكتب وزيرة التعاون الدولي مقالا تقول فيه بوضوح؛ إنه في نيتها طرح الشركات في البورصة، فهذا ليس له معنى آخر سوى الخصخصة، ولكن الحكومة نفت هذا التوجه، وبالتالي فنحن نحتاج إلى تأكيد.. هل هذه التصريحات اجتهادات خاطئة من الوزيرة، أم إن هناك اتفاقا سريا مع صندوق النقد الدولي؟".
وأوضح أنه "منذ عدة أشهر؛ صرح مسؤولون في الحكومة بأن شركات الكهرباء الجديدة سيتم طرح أسهمها في البورصة؛ لتكون ملكية شعبية، وليست ملكا للحكومة، وهذا الأمر فسر وقتها على أنه استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي بخصخصة بعض الشركات الحكومية، ونقل ملكيتها للقطاع الخاص".
وبيّن أنه "لو حدث وقامت الحكومة بخصخصة شركات المرافق العامة؛ فسوف ينزلق المجتمع إلى أزمة اقتصادية أكثر وطأة من الأزمة الطاحنة التي يعيشها الآن؛ لأن خصخصة شركات المرافق كالكهرباء والمياه ستؤدي إلى موجة كبيرة من زيادة أسعار الكهرباء والمياه؛ بسبب إلغاء الدعم عنها؛ لأنها لم تعد حكومية كما كانت في السابق"، مؤكدا أن "هذا سيجعل أصحاب تلك الشركات الجدد يرفعون الأسعار لتحقيق أرباح، وليتمكنوا أيضا من دفع الضرائب الباهظة التي تفرضها عليهم الحكومة، بما فيها ضريبة القيمة المضافة التي أقرت مؤخرا، وهذا معناه زيادة الضغط على دخول المواطنين أكثر وأكثر".
احتكار وإذعان
من جانبه؛ أكد الخبير المصرفي وائل النحاس، أن الحكومة إذا سعت لبيع شركات المرافق للقطاع الخاص؛ فسيكون لذلك تأثير كبير على الاقتصاد المصري قطعا.
واستدرك بالقول إن "هذا التأثير سيكون بحسب النسبة التي تنوي الحكومة طرحها للبيع من هذه الشركات، فإذا تم طرح 51 بالمئة من الأسهم في البورصة؛ فستكون الكلمة العليا في التسعير للقطاع الخاص وليس للحكومة، أما إذا كان الطرح بنسبة أقل فستحتفظ الحكومة بحقها في الإدارة والتحكم في الأسعار".
وحذر من أن شركات الكهرباء والمياه إذا تمت خصخصتها؛ فستقوم برفع أسعارها على المواطنين بشكل جشع، حتى تواكب الأسعار العالمية، "لكن في الوقت نفسه؛ فإن متوسط الدخول في مصر قليل للغاية، ولا يتناسب مطلقا مع الأسعار العالمية، وهو ما يُحدث خللا هائلا بين الدخول والأسعار".
وأضاف لـ"
عربي21" أن خطورة الأمر تتمثل في كون شركات المرافق لا يوجد لديها بديل أمام المواطن، ما يعني أنها تحتكر هذه الخدمات، ولا يوجد منافس لها يوفر الخدمة ذاتها، وهو ما يجعلها مطلقة اليد في رفع الأسعار كما تشاء، في صورة عقود إذعان، ما يؤدي إلى اختلال عنيف في الاقتصاد القومي".