ذكر تقرير أعده ستيف جونسون في صحيفة "فايننشال تايمز"، أن
السياحة المصرية تلقت ضربة قوية؛ بسبب المخاوف من
الإرهاب، التي واجهت السياح القاصدين الدول ذات الغالبية المسلمة في منطقة البحر المتوسط.
ويقول الكاتب إن مصر هي المتضرر الأكبر، حيث تراجعت نسبة السياح لديها في الربع الأول من عام 2016 إلى 46.5%، وذلك بحسب تقديرات منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن المقاطعة غير الرسمية ستعمق من مشكلات
الاقتصاد، حيث تشكل السياحة نسبة 11% من الدخل القومي العام، و10.5% في قطاع التوظيف، وبلغ عدد العاملين فيها 2.6 مليون شخص، بحسب المجلس العالمي للسياحة والسفر.
ويضيف جونسون أن مصر شهدت عجزا في حساباتها الجارية في الربع الأول من العام الحالي، حيث قفز العجز إلى نسبة 37.5 %، ما أجبرها على الاقتراض من صندوق النقد الدولي مبلغ 12 مليار دولار، بالإضافة إلى أن النقص في وصول السياح الأجانب أسهم في تراجع حاد في العملات الأجنبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تراجع وصول السياح جاء نتيجة لسقوط الطائرة الروسية في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بفعل حادث إرهابي، أدى إلى مقتل 224 شخصا كانوا على متنها، بمن فيهم طاقمها، وأعلن فرع تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء مسؤوليته عن هذا الحادث، لافتا إلى أن سقوط الطائرة أضاف إلى مصاعب السياحة المصرية، التي تأثرت من الأوضاع السياسية.
وتنقل الصحيفة عن المدير التنفيذي للمجلس العالمي للسياحة والسفر ديفيد سكوسيل، قوله: "لا تزال خطوط طيران عدة لا تسافر إلى شرم الشيخ، خاصة الخطوط الجوية البريطانية"، حيث أظهرت الأرقام تراجعا متزايدا في عدد القادمين من السياح إلى مصر بنسبة 28.9% في الربع الأخير من عام 2015.
ويلفت الكاتب إلى أن
تونس، التي تقع غرب مصر، عانت من تراجع في عدد السياح بنسبة 18.7% في الربع الأول من العام الحالي، في زيادة عن التراجع الذي برز عام 2015، الذي شهد تراجعا إلى 5.4 مليون سائح، مشيرا إلى أن التدهور في عدد السياح جاء في أعقاب هجومين إرهابيين استهدفا السياح في متحف باردو في العاصمة تونس، والآخر في منتجع سوسة، الذي قتل فيه 38 سائحا أجنبيا.
ويذكر التقرير أن تونس تعتمد على السياحة أكثر من مصر، حيث يشكل القطاع نسبة 11.5 في مجال التوظيف، و 12% من الدخل القومي العام، لافتا إلى أن العجز في الحسابات الجارية وصل إلى 9% من الدخل القومي العام منذ الربيع العربي عام 2011.
وبحسب الصحيفة، فإن
تركيا عانت من تدهور في قطاع السياحة، حيث تشير أرقام منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إلى أن عدد السياح انخفض في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2016 إلى 9.9 مليون سائح، ما أدى إلى تراجع في الإيرادات بنسبة 16.8%.
ويورد جونسون نقلا عن سكوسيل قوله إن "تركيا ربما كانت في وضع سيئ، حيث الهجمات الإرهابية، وأزمة المهاجرين، وأثر الحرب السورية على حدودها، والخلاف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والانقلاب الفاشل"، مشيرا إلى أن المجلس العالمي للسياحة والسفر يعتقد أن معدل السياحة إلى تركيا تراجع هذا العام بنسبة 3.2%.
ويستدرك التقرير بأنه رغم ذلك، فإن سكوسيل يرى أن هناك عددا من الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد بأن تركيا ستتعافى من الأزمة أسرع من مصر وتونس.
وتنوه الصحيفة إلى أن السبب الأول هو عودة العلاقات بين تركيا وروسيا، حيث كان قرار روسيا العام الماضي منع الروس من السياحة في تركيا بعد إسقاط الطائرة الروسية سببا في توقف خمسة ملايين سائح روسي من بين 40 مليون سائح يزورون تركيا كل عام، مشيرة إلى أنه في أيار/ مايو لم يتجاوز عدد السياح الروس 41 ألف سائح، بتراجع نسبته 91.8% عن الشهر ذاته في العام الماضي.
ويبين الكاتب أن السبب الثاني، بحسب سكوسيل، هو أن الأعمال الإرهابية العشوائية، كتلك التي ضربت بريطانيا وإسبانيا وفرنسا في السنوات الماضية، عادة ما لا تترك أثرا بعيد المدى، ففي حالة لندن ومدريد "عادت مستويات السياحة إلى طبيعتها سريعا"، مقارنة بتونس ومصر، اللتين تحتاجان إلى عامين أو ثلاثة للتعافي.
ويفيد التقرير بأنه في المقابل، فإن معظم الهجمات المنسوبة لتنظيم الدولة والانفصاليين الأكراد في تركيا استهدفت الأتراك، والشرطة، والجيش التركي لا السياح، منوها إلى أن هجوم كانون الثاني/ يناير، الذي استهدف مطار اسطنبول، كان يقصد ضرب الأجانب، ومع ذلك يرى سكوسيل أن "الفنادق والشواطئ في أزمير وأنطاليا لا تزال في وضع جيد"، وقال: "نتوقع تعافي السياحة التركية بسرعة العام المقبل إن لم تحدث تفجيرات في المناطق السياحية".
وتجد الصحيفة أن البرتغال وإسبانيا وإيطاليا ومالطا وبلغاريا استفادت من تراجع السياحة في الشرق الأوسط، حيث شهدت هذه الدول زيادة في عدد الزوار بما نسبته 20 إلى 35% هذا العام، لافتة إلى أن تايلاند تعد من الدول التي استفادت من هذا الوضع، رغم الهجوم الإرهابي على المعبد البوذي في آب/ أغسطس 2015، الذي أدى إلى مقتل 20 شخصا.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول سكوسيل، إنه تم إلغاء رحلات إلى الصين وكوريا بعد الهجوم، إلا إن السياحة هناك وصلت إلى مستويات قياسية.