بعد إعلان الحكومة
الفلسطينية إجراء
الانتخابات المحلية في 8 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، بدأت معظم الفصائل بالاستعداد لخوض غمار تلك الانتخابات التي تحمل في طياتها أبعادا سياسية، في حين يرى مراقبون أن الفصائل "هربت" نحو الكفاءات؛ لإدراكها أن الشعب الفلسطيني، لم يعد يثق بها"، في ظل اتهام قادة هذه الفصائل بـ"بعدم المصداقية".
الخداع
وأكدت جميع الفصائل الفلسطينية المشاركة في الانتخابات، وخاصة حركتي "
حماس" و"
فتح"، أنها تعمل على استقطاب الكفاءات ضمن قوائمها، أو دعم بعض القوائم التي يتسم أفرادها بالكفاءة والخبرة.
فحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وعلى لسان الناطق باسمها، عبد اللطيف القانوع، في حديث لـ"
عربي21"، أكدت أنها "ستدعم قوائم الكفاءات والمهنيين وأصحاب الخبرة لتقديم خدمة أفضل"، أما حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، فقد أوضح أمين سر مجلسها الثوري، أمين مقبول، لـ"
عربي21"، أن المعايير التي يتم على أساسها اختيار من يمثل حركته هي "الكفاءة والمهنية والقدرة على خدمة الموطن".
فقدان الثقة بالفصائل
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، أن "السبب الرئيس" الذي يقف خلف اعتماد العديد من الفصائل في مشاركتها في الانتخابات على الكفاءات، هو أن "المواطن في كافة المدن الفلسطينية، لم يعد لديه الثقة بالسياسيين الفلسطينيين؛ لأن سمعتهم أصبحت تتسم بالخداع وعدم المصداقية والثقة، وهو ما دفع القوى السياسية الفلسطينية للبحث في كيفية تعويض شعبيتها"، بحسب تعبيره.
وأوضح شراب لـ"
عربي21" أن الفصائل الفلسطينية "تريد أن توسع دائرة مشاركتها السياسية عبر إتاحة الفرصة للجيل الثاني؛ فمن يرشح تحت مسمى الكفاءة هو ينتمي لفصيله السياسي".
وأضاف: "الفصائل تدرك جيدا أن شعبيتها ليست على ما يرام، وأن قادتها السياسيين يتعرضون دوما للانتقاد، بالتالي أصبح البديل عندهم جلب شخصيات جديدة معروفة لدى الناس بمصداقيتها وكفاءتها".
ورأي شراب أن "النخب الحاكمة والسياسية لم يعد لها ذات المكانة التي كانت في السابق"، معتبرا أن "قوائم الكفاءات هي حيلة سياسية جديدة؛ تعويضا لحالة الانقسام السياسي التي لوثت سمعة السياسيين، بما صاحبها من خطاب سياسي به قدر كبير من عدم اللياقة"، وفق تقديره.
وأشار شراب إلى أن انتخابات
البلديات "في ذات الوقت، تستوجب بصورة اختيار أصحاب الكفاءة، ممن يمتلك الخبرة العملية والقدرة العلمية، وهم عادة ما يكونون أقرب للناخب الفلسطيني في هذه الانتخابات عن غيرها (المجلس التشريعي أو انتخابات الرئاسة)".
وتابع: "يضاف إلى الكفاءة؛ الاسم العائلي في اختيار تلك الشخصيات، والتي ما زالت تلعب دورا مهما في الانتخابات، وهو ما سيلاحظ في الكثير من القوائم"، منوها إلى أن "منصب رئيس البلدية؛ هو منصب سياسي يحتاج لكفاءات مهنية عالية".
وستبدأ لجنة الانتخابات المركزي في استقبال قوام المرشحين للانتخابات في الفترة ما بين 16 آب/ أغسطس الجاري وحتى تاريخ 26 من ذات الشهر.
ولفت أستاذ العلوم السياسية؛ إلى أن حركة "حماس"، في الضفة الغربية، "لا تستطيع بشكل مباشر أن تعلن عن قوائمها، لأن هذا قد يعرض المنتسبين لقوائمها للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
انقسامات وصراعات
من جانبه، أكد الخبير السياسي عبد الستار قاسم، أن الشعب الفلسطيني "أصبح لا يثق بأداء كل الفصائل السياسية الفلسطينية، التي أدركت أن الزعرنة ليس الطريق لتحرير فلسطين"، لافتا إلى أن الانتخابات الماضية "أوصلت العديد من الشخصيات التي لا تقدر على إدارة شؤون الناس، فكانت النتائج الكارثية على العديد من مجالات الحياة"، كما قال.
ورأى في حديثه لـ"
عربي21"، أن الفصائل "أجرمت بعبثها غير المسؤول في الساحة الفلسطينية، لذا فهي تهرب نحو الكفاءات؛ لإدراكها أنها ستخسر الانتخابات"، متوقعا أن "ما ستفرزه الفصائل من قوائم انتخابية لن تؤدي عملها بمسؤولية، وعليه ستكون النتائج غير جيدة".
وطالب قاسم بإلغاء الانتخاب على "أساس القوائم وإبقاء الانتخاب للأشخاص؛ لأن القوائم تمنح الفوز لبعض الشخصيات غير المؤهلة لإدارة شؤون الحياة"، متوقعا أن "تؤدي هذه الانتخابات للمزيد من الفساد والخلافات".
بدوره، قال الخبير الإعلامي نشأت الأقطش، إنه "من الطبيعي في الانتخابات المحلية أن يكون الصراع على الكفاءات"، متسائلا: "هل من وقع عليهم الاختيار من الكفاءات؛ هم كفاءة حقيقية أم وهمية؟ في الوقت الذي يطغى الانتماء السياسي عندنا كفلسطينيين على كل شيء".
وأكد لـ"
عربي21" أن "الفصائل لا ترشح ضمن قوائمها أي كفاءة حتى ولو كانت عالية جدا، لا تندرج ضمن إطارها السياسي أو قريبة منه"، معتبرا أنها "شعارات تستخدم عادة في الانتخابات وعند التطبيق يتم شيئا آخر".
وقال الأقطش: "هذه الانتخابات إذا تمت، فهي قياس ساسي لوزن كل فصيل"، معربا عن اعتقاده "التام" بأن الانتخابات "لن تتم"، وفق تقديره.