نشرت صحيفة "ميديا بارت" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن المضايقات التي تتعرض لها اليوم المنظمات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
حركة النهضة التونسية تعرضت للكثير من التهميش، ولكن مع ذلك، يعتقد البعض أنها توجهت بسياستها نحو العلمانية، وخاصة بعد عرض رئيس الحركة الشيخ راشد
الغنوشي، للخيار الاستراتيجي في المؤتمر العاشر الذي عقده في تونس، والذي أفضى إلى تركيز الحركة اهتمامها على النشاط السياسي، على حساب نشاطها الدعوي، إلى جانب تصريحه الذي جاء في صحيفة "لوموند" الفرنسية، الذي أكد فيه سعي الحركة إلى الخروج من عباءة "الإسلام السياسي".
وقالت إن المؤتمر الذي عقدته حركة النهضة، بحملته واسعة النطاق التي غطت العالم، لم يساهم إلا في التوجه الجديد للحركة الذي سعت إلى تطويره على المدى البعيد، بالإضافة إلى أن "النهضة ابتعدت في السنوات الماضية عن جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تهدف منذ نشأتها في 1928 إلى التحرر من العبودية التي فرضها الاحتلال؛ بالاقتراب قدر الإمكان من قيم الإسلام".
وأضافت الصحيفة أن حركة النهضة تسعى إلى أن يتم اعتبارها سلطة شرعية فاعلة في المشهد السياسي التونسي، وتجلى سعيها من خلال المؤتمر الذي قدمت فيه رؤية جديدة بعيدة على المرجعية الدينية الدعوية التي كانت تحملها، مع إبراز دورها عام 2014 في صياغة الدستور التونسي الجديد.
وأوضحت أن "النهضة وجدت نفسها أمام خيار وحيد يدفعها إلى رفض كل ما له علاقة بالإسلام السياسي، لحماية صورتها على إثر تقدم تنظيم الدولة في ليبيا، ولتعويض عجزها عن تكوين حكومة بديلة ذات مصداقية لحكومة حزب الأغلبية نداء تونس برئاسة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي".
ونقلت عن القنصل السابق لتونس في فرنسا، كريم عزوز، وممثل الوفد الفرنسي في مؤتمر النهضة، قوله إن فكرة خروج حزب النهضة من "الإسلام السياسي" لا تعني شيئا، وهي لا تعني أيضا أن الحركة ستغير هويتها، مضيفا أن المؤتمر لن يغير الكثير، ولكنه سيساهم في إيقاف الصراع الكاذب القائم حول الإسلام في تونس.
وقالت الصحيفة إن زعيم حركة النهضة لم يتحدث ولو على سبيل المثال عن الإخوان المسلمين، ويمكننا فهم السبب عند النظر إلى الفوضى التي تعيشها
مصر، حيث لم يُظهر نظام السيسي في مصر أي تحول في ما يخص محاكمة الإخوان المسلمين الذين تولوا سلطة الدولة لثلاث سنوات، والذين صنفوا بعدها كمنظمة إرهابية، حيث لا يزال الرئيس السابق محمد مرسي، ينتظر كل يوم تنفيذ حكم الإعدام في حقه.
وتابعت: "مع ذلك؛ قد يفاجأ جميع الأطراف، التي لا تزال تستحضر تسلم الجيش لسلطة الدولة، من إمكانية التصالح في أقرب وقت ممكن مع الإخوان المسلمين. إلا أن الباحث ستيفان لاكروا يرى أن هذه الاحتمالية تبقى مستبعدة، نظرا للأحداث الدامية التي جمعت الجيش المصري والإخوان المسلمين سنة 2013، والتي تسبب في الكثير من القتلى، مما أجج شعور الانتقام، وخاصة في صفوف الشباب".
وأضافت الصحيفة أن طبيعة النظام في مصر في حد ذاته؛ يجعل إمكانية التقارب شبه مستحيلة، مشيرة إلى أن عملية تفكيك جماعة الإخوان مستمرة في مصر، وذلك لما تشهده الشبكات الاجتماعية من خلافات بين الشباب المعارض والمناصر للجماعة، وما شهده الشارع المصري من اغتيالات لأعوان الشرطة وضباط الجيش، ومن زرع للقنابل أمام المنشآت التي تقدم الدعم المالي للنظام، إلى جانب الاضطهاد الذي يعيشه الصحفيون والباحثون الأجانب.
وتحدثت الصحيفة عن استراتيجية المملكة العربية السعودية، المروج الأول لقمع الإخوان منذ عام 2013، والتي قالت إنها تغيرت مع نهاية 2015 بعد أن أصبحت مسألة قمع جماعة الإخوان داخلية تخص الشأن المصري، ويهتم بها النظام، مؤكدة أن "السعودية لم تعد تعتبر الإخوان المسلمين تهديدا كما فعلت في الماضي، وذلك بعد ممارسة الأمير سلمان الضغوط على السيسي لإعادة إدماج الإخوان في اللعبة السياسية" على حد قولها.
وقالت إن "إيران أصبحت التهديد الأول للمملكة العربية بعد وفاة الملك عبدالله، ولهذا قررت الحكومة السعودية إعادة بناء الجبهة السنية التي تضم جماعة الإخوان، الشيء الذي استدعى المصالحة مع جماعة الإخوان في سوريا واليمن، وتحديدا حزب الإصلاح، ولكن الحزب ما فتئ أن أصبح منظمة إرهابية في نظر السعودية بعد تأزم الأوضاع بين المملكة واليمن منذ ما يربو على سنة".
وأضافت الصحيفة أن جماعات الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط تبنت مواقف متناقضة لكسر عزلتها، ففي حين "قررت حركة حماس الانضمام إلى إيران لتشكيل تحالف ضد إسرائيل، اختار الإخوان المسلمون في سوريا الهروب من نفوذ طهران" على حد قولها.
وأوضحت أن الإخوان المسلمين شهدوا تحديات كثيرة في صفوف الموالين لهم في سوريا، أهمها انتقال العديد منهم إلى تنظيم الدولة، ما دفعهم إلى إقامة انتخابات في 2013 فاز فيها محمد حكمت وليد، "وتمكن هذا الزعيم الجديد الشاب باستراتيجيته الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية؛ من المحافظة على موقع رئيس داخل المعارضة السورية".
وأشارت الصحيفة إلى أن الإخوان المسلمين في سوريا قرروا مساندة جماعة فيلق الشام؛ للتصدي جنبا إلى جنب لنظام بشار وتنظيم الدولة وكل الجماعات المساندة للنظام، "ولكن على جماعة الإخوان محاولة إقناع الأطراف الخارجية؛ أن دعم المعارضة هو السبيل الأنجع للقضاء على تنظيم الدولة".
وفي الختام؛ ذهبت الصحيفة إلى القول بأن جماعة الإخوان "فقدت مصداقيتها"، إلى جانب "رفض العديد من المنظمات الإسلامية عبارة (الإخوان)، وهو ما يثبت أن الجماعة تعيش تهميشا يمكن أن يكون كارثيا، في خضم الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط" على حد قولها.