صحافة إسرائيلية

استخبارات إسرائيل ترسم صورة شاملة لتحديات المنطقة

أجمل الموساد التحديات الإسرائيلية في المنطقة في أربعة محاور- أرشيفية
أجمل الموساد التحديات الإسرائيلية في المنطقة في أربعة محاور- أرشيفية
كشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” في مقال لها نشرته الجمعة، عن الصورة التي ترسمها الاستخبارات الإسرائيلية لتحديات المنطقة، موضحة أن مسؤولي شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يرسمون خريطة الخصومات، والفرص والسيناريوهات التي تنتظر إسرائيل من غزة، إلى تركيا، عبر الضفة، وسوريا، ولبنان، وحزب الله، وإيران، ومصر والسعودية.

وبحسب المعلق العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم”، يوآف ليمور، فإن الاستخبارات الإسرائيلية ترسم صورتها الشاملة للمنطقة بناء على أربعة تحديات من منظورها، هي:

- أنفاق غزة، وموجة الانتفاضة في الضفة الغربية. 

- عمليات­ داعش والأزمة السورية.

- تعاظم حزب الله ومستقبل المشروع النووي في إيران.

- استقرار الحكم في مصر والأردن.

وأشارت إلى أن هذه التحديات تجمع بينها ميزة بارزة للغاية هي “انعدام اليقين” والوضوح وفهم مؤشراتها، لأن إسرائيل اليوم أمام ساحات أكثر، وتغييرات أقليمية ومتغيرات إضافية أخرى.

أنفاق غزة


أورد المعلق العسكري الإسرائيلي في مقاله أن عملية الأنفاق في عزة تشهد تعاظما مستمرا، والنفق الذي انكشف مؤخرا في جنوب القطاع يدل على ذلك. 

وقال: “رغم العزلة، فإن حماس تنجح في إيجاد صناعة سلاح مزدهرة. فإذا كان السلاح في الماضي يتم تهريبه في معظمه من الخارج، فإنه ينتج اليوم في القطاع، على أساس علم محلي، ومواد تبقت في بعضها من السنوات التي هربت فيها كميات كبيرة، وبعضها من إنتاج محلي، وإن كان بجودة أقل”.

وأوضح أن هذا العمل المزدهر لدى حماس يأتي رغم أنه “على المستوى الاستراتيجي، تعيش حماس في ضائقة. فهي تعيش في عزلة فقد طلقتها مصر تماما، وهي أمام مطالب إيرانية بأن تقرر في أي جانب هي: معها، أم مع السنة في سوريا. فضلا عن ذلك، فإن النشاط المصري يجعل من الصعب أيضا إدخال السلاح إلى القطاع، بحيث إن حماس تجد نفسها منعزلة أكثر من أي وقت مضى”.

ونقل عن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قولها إنها ترى استراتيجيا بأن حماس “مردوعة من المواجهة”، وينبع هذا برأيها من ضائقة السكان. ففي القطاع يوجد اليوم ثماني ساعات غير متوالية من الكهرباء في اليوم، و50 في المئة فأكثر بطالة، (لا سيما لدى الشباب)، وقدرة حماس على أن تأخذ السكان مرة أخرى إلى مواجهة واسعة هي قدرة محدودة، إلا أنها اتجهت نحو صناعة السلاح وحفر الأنفاق.
 
ولفت إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات من شأن الوضع في غزة أن يتغير. 

- الأول، قرار تبادر إليه حماس في أنه لا يمكن المواصلة في الوضع الحالي من العزلة والضائقة الاقتصادية، والسبيل الوحيد لتغييره هو من خلال إنجاز مثل اختطاف جندي إسرائيلي. ومثل هذا السيناريو يأتي بمفاجأة تامة، يقوده ضيف وسنوار، ولكن الاستخبارات الإسرائيلية تكابر وتقول إن احتمالاته متدنية جدا.

- السيناريو الثاني، الذي تراه الاستخبارات باحتمالية متدنية، هو أن تخرج حماس لعملية كخطوة مسبقة أو وقائية. فمثلا، إذا كانت تشعر أو تفكر بأن إسرائيل حلت لغز الأنفاق، وتعرف كيف تصفيها، فإنها تقرر استخدامها قبل أن تفقدها.

-  أما السيناريو الثالث الأكثر إثارة للقلق بين كل السيناريوهات بالنسبة لاستخبارات إسرائيل، فهو دينامية تصعيد، كما حصل في عملية “العصف المأكول” كما يسميها الفلسطينيون أو “الجرف الصامد” كما تسميها إسرائيل، في 2014.

وقال: “حقيقة أن حماس غير معنية الآن بالمواجهة، لا تعني أنها غير مستعدة للمواجهة. فاليوم أيضا هي قادرة على أن تحقق مبادئها القتالية: تنفيذ اقتحامات إلى داخل إسرائيل، وإطلاق الصواريخ بشكل متواصل، وضرب بلدات غلاف غزة”.

وتفترض الاستخبارات الإسرائيلية بأن الجولة القتالية التالية ستكون حماس معنية بأن تبدأها باقتحام، بإدخال الكثير من المقاتلين لأهداف منوعة، ليكون كل قتال يأتي بعدها لا يمكنه أن يمحو إنجازاتها. لهذا الغرض فإنها تبني كمية مثل هذه من الأنفاق الهجومية والدفاعية: وهذا هو لباب مفهومها القتالي، كما تقرؤه الاستخبارات الإسرائيلية. 

الضفة الغربية: بين اليأس والخليفة

أوردت الاستخبارات أن هناك انخفاضا في حجم عمليات الانتفاضة في الفترة الأخيرة داخل الضفة الغربية. ولكنها ترى أن من شأنه أن ينشب من جديد. وعليه، فإن التعريف للأحداث بالنسبة لها هو "هبة" كما يسميها الفلسطينيون، وليس مثل الانتفاضة الأولى، إذ لا يوجد هنا جماهير، وليس مثل الثانية لأنه لا توجد هنا مزايا لهجمات منظمة.

ولكن العامل المركزي الذي يصعب حل لغزه بالنسبة لها هو الشباب. “حتى الآن كانوا يسمونهم الجيل المصلحي الذي نسي معنى أن يكون المرء فلسطينيا، والآن وجدوا لأنفسهم صوتا”، على حد قول المعلق الإسرائيلي. 

وقال في قراءته للأحداث في الضفة: “هذا جيل يركل كل شيء: يركل السلطة، يركل إسرائيل، ويركل جيل الآباء، ويركل المنظمات، وعليه فإنه أكثر تعقيدا على الفهم”. 

وتدرس الاستخبارات الإسرائيلية أن في هذه الأثناء، من سيربح من الأحداث في الضفة هي حماس، التي تشخص في الضفة فرصة استراتيجية. فهي تأمل بأن تتصاعد الأحداث، فتجر إسرائيل لعمل في الضفة، وإلى الضعف الذي سينشأ، إلى الفراغ، فتدخل فتسيطر. 

والتخوف الأساس لديها، هو أن يجبر التدهور الجهتين المسلحتين المركزيتين، أجهزة الأمن والتنظيم، إلى التوجه ضد إسرائيل، ما يغير الوضع من الأساس في الضفة. 

سوريا: ضوء في نهاية الحرب

وأما التحدي الثالث بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية، وهو الأزمة السورية، فإنها ترى أن المساعي الدولية لإنهاء القتال هناك أدت إلى تغيير في التقدير الاستخباري لديها، “فإذا جرى الحديث حتى الآن عن حرب ليس لها أفق، ومن غير المتوقع فيها حسم في المستقبل المنظور، فقد بات الحديث الآن يدور حول احتمال للتسوية، في ختامها (وبخلاف التقديرات السابقة) تعود سوريا لتؤدي دورها كدولة”.

وتتوقع الموساد لهذه الخطوة أن تستغرق أشهر، وربما حتى سنين، وهي منوطة بمتغيرات كثيرة جدا. ليس واضحا إذا كانت سوريا ستقسم في نهايتها إلى فيدراليات على أساس طائفي، أم ستكون فيها مناطق ذات حكم ذاتي، كما ليس واضحا من سيسيطر فيها.

وترى أن تسوية كهذه لن تتاح دون روسيا، التي ستحافظ على العلويين وعلى مصالح إيران وحزب الله أيضا، وبالأساس على مصالحها: 

تواجد عسكري في الشرق الأوسط. 

حفظ قوتها في الصراع بين الكتل. 

تحقيق مصالحها الاقتصادية ومنع انتقال الإرهاب المتطرف إلى حدود روسيا.

وقال: “صحيح أن جيش الأسد تعزز مؤخرا في أعقاب بضع نجاحات عسكرية، ولكنه يواصل الاعتماد أساسا على المساعدة الروسية والإيرانية”. 

وأضاف أنه في سوريا يوجد اليوم أكثر من 10 آلاف مقاتل من المليشيات الشيعية تساعد جيش النظام السوري، يضاف إليهم نحو 1.500 مقاتل إيراني، وآلاف من مقاتلي حزب الله، وكذا قوة روسية هامة.

كما أن روسيا تدير عمليا جزءا من القتال، ولا سيما في تركيز الهجمات ضد تنظيم الدولة.

واحتمالات العمليات المباشرة ضد إسرائيل من حدود هضبة الجولان متدنية نسبيا، ليس لنقص الدافعية بل بسبب مصالح أولى: صراعات السيطرة في هضبة الجولان حيال مجموعات أخرى. 

وترى المواساد أن لدى داعش (وكذا جبهة النصرة) قدرة ووسائل قتالية مناسبة لتنفيذ العمليات عبر الجدار، ولكن تصريحاتهم لا تشهد في هذه اللحظة على النية للتركيز على إسرائيل بل على محاولة توسيع سيطرتهم في الأراضي السورية.

وقالت: “واضح أن داعش لن يسيطر على سوريا، ولكن إيران هي الأخرى لن تسيطر. في المقابل، فإن التطلع الإسرائيلي للتعطيل التام للتدخل الإيراني في سوريا يلوح بأنه غير واقعي، ولكن في كل تسوية مستقبلية ستطلب إسرائيل التقليص قدر الإمكان لمسارات نقل الوسائل القتالية من إيران (عبر سوريا) إلى حزب الله.

حزب الله: درع لبنان


أشار تقدير الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن حزب الله دفع في الحرب السورية ثمنا باهظا، أكثر مما كان معروفا حتى الآن: “نحو 1.300 قتيل، ونحو 10 آلاف جريح”. 

ورغم هذه الأعداد، يواصل الحزب التدخل عميقا في مساعدة قوات الأسد في الحرب في سوريا؛ بنحو 7 آلاف مقاتل من حزب الله يشاركون في الحرب، والعلامة العملياتية التي تعطى لهم عالية، فقد انتصروا في معظم المعارك التي شاركوا فيها.

وتفيد تقارير الموساد بأن الحرب في سوريا “وضعت حزب الله في الجانب الصحيح”، موضحة أنه “لأول مرة حقا، أصبح حزب الله درع لبنان. فقد أعطى للتنظيم ما لم يكن له في الماضي أيضا: تجربة قتالية هامة، في أطر كبيرة، بما في ذلك استخدام وسائل متطورة مثل الطائرات غير المأهولة. ومن جهة أخرى، وضعت له أثقالا جسيمة على الرقبة. نفقاته ارتفعت جدا في أعقاب القتال، كنتيجة للحاجة لدفع علاوات للمقاتلين، وتمويل الجرحى وعائلات القتلى.

هذا العبء وقع بالتوازي مع تقليص 10- 15 في المئة من ميزانيته، نتيجة الضائقة الاقتصادية في إيران. ويبدو ضرره واضحا أساسا في الإنفاق الجاري، وبقدر أقل في التعاظم. 

فرغم القتال والخسائر، ورغم التقليصات، يحافظ حزب الله بعناية على مبنى قوته العسكرية، استعدادا للمواجهة مع إسرائيل، بحسب الموساد.

وأضاف: “بعد سنوات من التجلد على جملة الأعمال المنسوبة لإسرائيل، عاد ليرد على ما يعتبره مسا بذخائره أو بمكانته. ومع أنه مستعد لأن يمتص الضربات، شريطة ألا يحرج؛ ففي اللحظة التي تنشر فيها الأمور وتتضرر مكانته، يضطر إلى الرد، بل يكون مستعدا لأخذ المخاطر”. 

وهو يفعل ذلك، رغم ألا مصلحة له في مواجهة واسعة مع إسرائيل، وعليه فهو يحرص على أن يكون رده في إطار "قواعد اللعب" – في هار دوف، ضد أهداف عسكرية – ولكن التخوف هو أن يؤدي تواصل الضربات المتبادلة إلى دينامية تصعيدية، وفقدان السيطرة، وتدهور الوضع في الشمال.

وقال إنه في السنة الماضية حاول حزب الله إقامة قاعدة متقدمة تسمح له بتنفيذ العمليات ضد إسرائيل من غير الحدود اللبنانية. والضربة للشبكات وقادتها، التي نسبت لإسرائيل، أدت إلى اجتثاث هذا الجهد. 

وأضاف أن هناك "بشرى" أخرى ترتبط بجهود حزب الله لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أرجاء العالم. فبعد سنوات من النشاط المشترك مع الإيرانيين (ذروته في العملية في بورغاس في 2012) يمتنع التنظيم الآن عن الإرهاب في أرجاء العالم، وفق تقرير الموساد. 

وسبب ذلك برأيه هو رغبة الحزب الواضحة بأن يثبت نفسه في الرحاب السياسي في لبنان، وجزءا من الحكم الشرعي في نظر العالم، ويخشى من أن تصوره عمليات في الخارج توأما لداعش.

التهديد الإيراني

منذ التوقيع على الاتفاق النووي، لا تلاحظ الاستخبارات الإسرائيلية أن إيران تنفذ أعمالا محظورة عليها بشكل واضح، ولكنها بالتأكيد تلعب على الحدود وتناور مع ما هو مسموح لها، وممنوع عنها. 

ومع ذلك، واضح أن شيئا هاما جدا تغير بعد الاتفاق. فإيران عادت لتكون جزءا من أسرة الشعوب، وضمن الفرضيات، فإن التحدي الاستخباري للعقد المقبل هو الملاحظة في الوقت المناسب للتغييرات أو للبنود التي تخرج فيها إيران عن الاتفاق.

وبحسب التقدير الإسرائيلي، فإن إيران ستمتنع عن ذلك، وستركز على إعادة بناء الاقتصاد. وقد شهدت الانتخابات الأخيرة على أن الشعب الإيراني يعطي تفويضا واضحا للرئيس روحاني، ويؤمن بأن بوسعه أن يستخدم الاتفاق النووي لأجل الرفاه الاقتصادي. 

ولكن الموساد يقرأ خلف ذلك في 2017، إذ ستجرى الانتخابات للرئاسة، ويكون تيار روحاني أمام نجاح أكبر مما ينبغي، ما من شأنه أن يكلف روحاني كرسيه إذا ما شعر الزعيم الأعلى خامنئي بتهديد من جانبه.

أما القلق الإسرائيلي، فلا يتركز فقط في موضوع النووي. فالانتقاد الأساس على الاتفاق يكمن في حقيقة أنه لا يعالج على الإطلاق المساعدة المكثفة التي تمنحها إيران لمحافل مسلحة مختلفة، وعلى رأسها حزب الله، وحماس والحوثيين في اليمن. 

وأورد أخيرا في هذا الجانب أن الاتفاق النووي وحربها ضد داعش، يضع إيران في معسكر “الأخيار"، لتواصل الترسخ بصفتها التهديد الأكبر لإسرائيل، حتى وإن لم يكن مباشرا وفوريا، على أمن إسرائيل.

السعودية وإسرائيل

بحسب الموساد، من ناحية السعودية، ينقسم العالم اليوم إلى اثنين: من في جانب إيران، ومن ضدها. 

وفي هذا الأمر، كل من يعمل ضد إيران، بما في ذلك إسرائيل، هو ذو مصالح مشتركة، وهكذا، فإنه حليف محتمل للسعودية.

ويرى الموساد أن الملك الجديد، سلمان، بإسناد ابنه الذي يتولى منصب وزير الدفاع، يتصدر بالتوازي فكرا فاعلا تقود فيه السعودية علنا المعسكر السني في العالم العربي. وجزءا من ذلك، بدأت السعودية تعمل في كل ساحات المعركة في المساعدة لمصر، ضد حزب الله في لبنان، في المشاركة في الحرب الأقلية في سوريا وبالطبع ضد إيران، وبالأساس في كل ما يتعلق بتخفيض سعر النفط من أجل تأخير إعادة بناء اقتصاد طهران.

هذا التموقع السعودي وضع إسرائيل أيضا في جانب السعودية، وضدها أيضا. معها حيال إيران وفروعها، وضدها في كل ما يتعلق بالفلسطينيين. فالحكم في الرياض ملزم بأن يدفع هذه الضريبة الكلامية، ولكن من الصعب تفويت أصوات الخلفية: التركيز على المحور الفلسطيني سيعطي إسرائيل جملة فرص غير مسبوقة في المنطقة.

التخوفات نحو الأردن


ويقرأ “الموساد” أن للأردن علاقة مع إسرائيل، ومصدر قلق أكبر بكثير. والتخوف الأساس لديها هو من انتشار داعش إلى المملكة، وإن كانت الخطوات الأمنية التي اتخذها حتى الآن الأردنيون نجحت في إحباط التهديد، بحسب الاستخبارات الإسرائيلية. 

والتحدي الموازي لحكم الملك هو الوضع الاقتصادي، التحدي الذي يتعاظم حيال مئات آلاف اللاجئين الذين استوعبتهم المملكة من العراق ومن سوريا. ورغم ذلك، فإن الحكم في عمان مستقر، ولا يبدو في هذه اللحظة خطر عليه، ومن هنا أيضا لا يبدو أي تهديد فوري على إسرائيل من الشرق.
التعليقات (0)