سياسة عربية

تشكيل لجنة برلمانية في تونس للتحقيق بوثائق بنما‎

عارض نائب واحد فقط تشكيل اللجنة - عربي21
عارض نائب واحد فقط تشكيل اللجنة - عربي21
صادق مجلس نواب الشعب التونسي، الجمعة، على تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في قضية "وثائق بنما"، وذلك بموافقة 124 نائبا ورفض نائب واحد.

وذكر بيان لمجلس نواب الشعب أن لجنة التحقيق ستتكون من 22 عضوا وفق قاعدة التمثيل النسبي بين الكتل، حيث يُسند لكل كتلة مقعد واحد باللجنة لكل 10 أعضاء بالكتلة ثم توزع المقاعد المتبقية على أساس أكبر البقايا، ويمكن لمكتب المجلس النزول بعدد الأعضاء إلى ما دون ذلك بعد تصويت ثلثي الأعضاء.

ويأتي تشكيل هذه اللجنة البرلمانية بعدما كشفت وثائق بنما؛ تورّط عدد من التونسيين في شبهات تكوين شركات بصفة غير قانونية في الملاذات الضريبية، بحسب إحصاء أولي قدمه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين أشار فيه لانتفاع ثلاث شركات وثلاثة عملاء وخمسة مستفيدين و25 مساهما في شركات "أفشور" عبر شركة "موساك فونسيكا" للمحاماة.

مدير الحملة الانتخابية للسبسي أول المتهمين

وانطلق نشر محتوى الوثائق المتعلقة بتونسيين بتقرير صحفي لموقع "إنكيفادا"، وهو أحد ممثلي الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في تونس، كشف فيه عن اتصالات لمحسن مرزوق، الأمين العام السابق لحركة نداء تونس، ومدير الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي، مع شركة "موساك فونسيكا"، بهدف الحصول على معلومات تتعلق بإنشاء شركات أوفشور.

وأشار التقرير، الذي حمل عنوان "مرزوق: الطريق نحو الأوفشور"، إلى أن الاتصال بين الطرفين كان في كانون الأول/ ديسمبر 2014، أي في الفترة الفاصلة بين الدورة الأولى والثانية للانتخابات الرئاسية في تونس. وكشف أيضا اهتمام مرزوق بمزايا فتح هذا النوع من الشركات في دول مثل الجزر العذراء البريطانية في البحر الكاريبي أو" أنغويلا" وكلها تعتبر ملاذات ضريبية، بالإضافة إلى فرق تكلفة الإنشاء في كل منهما.

ورغم تأكيد "انكيفادا" على أن التواصل بين مرزوق وشركة المحاماة انقطع بعد الاستفسار، ورغم إلحاح الأخيرة لاستكمال الإجراءات وتقديم تطمينات لمرزوق بوجود احتياطات خاصّة برجال السياسة، فقد هز الخبر الساحة السياسية في تونس ليثير مجددا ملف مقاومة الفساد والتهرب الضريبي.

أربع وزارات تفتح تحقيقات

وبالإضافة لتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، جاء رد الفعل التونسي الرّسمي عبر إعلان محافظ البنك المركزي، الشادلي العياري، أن البنك سيحقق في التسريبات التي تخص تونس، باعتبار أن القانون التونسي يمنع على التونسيين المقيمين تحويل أموال للخارج وإنشاء شركات بدون المرور عبر القنوات الرسمية وبدون إعلام مصالح الجباية.
 
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية أن الوزير حاتم العشي أصدر مذكّرة إلى المكلف العام بنزاعات الدولة دعاه فيها إلى متابعة ملف "وثائق بنما". وأضافت الوزارة أن متابعة الملف ستتم "بالتنسيق مع مصالح البنك المركزي ووزارة العدل"، وذلك "حفاظا على حقوق الدولة التونسية والمجموعة الوطنية من كل عبث"، وفق نص الإعلان.

من جهته، أصدر وزير المالية، الأربعاء، مذكّرة إلى الإدارة العامة للديوانة والإدارة العامة للأداءات لفتح تحقيق في ملف "وثائق بنما". كما أذن وزير العدل، عمر منصور، للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس، بمتابعة الملف، وإجراء التحقيقات اللازمة عند الاقتضاء.

تناول الإعلام التونسي

ورغم ما شهده هذا الملف من متابعة عالية من طرف وسائل الإعلام في أغلب دول العالم، فقد أجمع الملاحظون على أن التعاطي الإعلامي التونسي كان مُخيّبا للآمال، باعتبار أن بعض المُؤسّسات تجاهلته أصلا، والبعض الآخر شكّك في مصداقية الوثائق المُسربة.

واعتبر المحامي والناشط الحقوقي، لطفي بن عيسى، أن بعض وسائل الإعلام التونسية عوض أن تتابع بالجدية المطلوبة مثل هذه الملفات، اتجهت لتبييض من تعلقت بهم شبهات، من خلال منحهم مساحات زمنية واسعة لتكذيب ما تعلق بهم، بالإضافة لإشراك "خبراء" غير موضوعيين مهمّتهم تشويه الحقائق، بحسب تعبيره.

وفي منشور على صفحته بـ"فيسبوك"، قال الصحفي التونسي بسام بونني: "نحن إزاء جيلين من الصحفيين، جيل يريد أن يستثمر في الحرية التي منحتنا إياها الثورة من أجل ترسيخ إعلام حر ونزيه، وجيل آخر يريد أن يستثمر الحرية كي يضلّل النّاس ويُوجّه الخبر."

من جهته، علّق الإعلامي، سيف الدين الطرابلسي قائلا: "عندما ستنشر باقي أسماء التونسيين المتورطين في ما يعرف بأوراق بناما، سيفهم التونسيون آنذاك سبب تجنيد قناة الحوار التونسي لطمس الحقيقة".

يذكر أن قناة الحوار التونسي، كانت قد استدعت وليد الماجري، وهو مدير النشرة العربية لموقع إنكيفادا، ليجد نفسه أمام أربعة صحفيين تلخصت مهمتهم طيلة اللقاء في التشكيك في صدقية الوثائق ومهنية التعاطي معها، وهو ما اعتبره مراقبون انحيازا واضحا لرجال الأعمال والسياسة الذين قد تُكشف أسماؤهم في قادم الأيام.
التعليقات (0)