رأى محللون سياسيون فلسطينيون، في الاتهامات
المصرية الأخيرة لحركة "
حماس"، بالمشاركة في اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، العام الماضي، محاولة لعرقلة جهود تحسين العلاقة الثنائية بين الجانبين.
وكانت حركة "حماس"، أعلنت أن الاتهامات المصرية لها، جاءت بعد حدوث تطور في العلاقة بين الجانبين، وقبيل استعداد وفد من قيادتها لزيارة القاهرة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة صلاح البردويل، خلال مؤتمر صحفي، عقده في مدينة
غزة، الاثنين الماضي، إنه "في الوقت الذي طرأ تقدم على الاتصالات بين حركة حماس وقيادة
المخابرات المصرية العامة، واستعداد وفد من حماس لزيارة القاهرة، لإعادة الأمور إلى نصابها، (..) جاءت الاتهامات المصرية الباطلة، والصادمة".
ويرى مصطفى الصواف، المحلل السياسي، والكاتب في صحيفة "الرسالة" نصف الأسبوعية (مقربة من حماس)، أن اتهامات مصر الأخيرة، جاءت لعرقلة جهود تحسين العلاقة الثنائية بين الطرفين.
ويضيف الصواف، أن "الاتهام يبدو أنه جاء من قبل جهات متنفذة في مصر، ترفض الصلح مع حركة حماس".
وكان وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار، قال الأحد الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقده في القاهرة، إن "حركة حماس، قامت بتدريب ومتابعة عناصر إخوانية، شاركت في تنفيذ عملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات"، وهو ما نفته "حماس" وجماعة "الإخوان المسلمين"، في بيانات رسمية، وعلى لسان قياديين فيها.
وقتل النائب العام بركات (64 عاما)، إثر تفجير استهدف موكبه بالقاهرة في حزيران/ يونيو 2015، وآنذاك، نفت جماعة "الإخوان" في بيان رسمي، وعلى لسان قيادات بارزة فيها، علاقتها بالواقعة.
ويعتقد الصواف، أن هناك جهات في مصر، لها نفوذها، ترفض التصالح مع حركة "حماس"، وتطوير العلاقة معها، مستدركا بالقول: "حماس أعلنت بوضوح أن هناك اتصالات مع المخابرات العامة، من أجل تطوير العلاقة، فما الذي جرى لعرقلة ومنع هذا التقارب؟".
وكانت حركة "حماس" قالت، في بيان، الاثنين الماضي، إن "هناك اتصالات بين الجانبين، لتطوير العلاقة الثنائية أجريت بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ومدير جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير خالد فوزي".
بدوره، يصف أحمد يوسف، مدير مركز "بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات" (غير حكومي)، الاتهامات المصرية الأخيرة لحركة "حماس"، بـ"الصادمة، وأنها جاءت في توقيت غريب".
ورأى، أن "هناك جهات في مصر تحاول الضغط في اتجاه عدم الصلح مع حماس، وترى فيها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين".
وتابع: "حماس تريد الاقتراب من مصر، وتبذل كل الجهود، من أجل الوصول إلى علاقة طبيعية وإيجابية، لكن يبدو أن صراعا في القاهرة بين جهات سيادية ينعكس بالسلب على هذا التقارب".
وكان خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، قال أمس في تصريحات صحفية، إن حركته "لا تقيم أي علاقة تنظيمية أو إدارية مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر".
وأعرب الحية، عن "أسفه للاتهامات المصرية"، التي جاءت عقب ما قال إنها "محاولات لتطوير العلاقة مع مصر، وتحسينها".
وأضاف: "كان وفد من الحركة ينوي السفر لمصر لتنفيذ تلك الأمور، ولكن تلك الاتهامات نسفت هذه الجهود".
واستنكر الحية استمرار بعض الجهات (لم يسمها) في "شيطنة حركة حماس، وتدفيعها ثمن التودد لإسرائيل".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن اتهامات وزير الداخلية المصري، جاءت من أجل قطع الطريق على محاولات تحسين العلاقة بين الطرفين.
ويضيف أبو سعدة: "كانت الأمور تسير في اتجاه إيجابي، وفق قادة حركة حماس، وساد التفاؤل أوساط الفلسطينيين خاصة سكان قطاع غزة من أجل التخفيف عن معاناتهم، وفجأة جاءت هذه الاتهامات لتنسف محاولات رأب الصدع".
ويتفق أبو سعدة، مع الرأيين السابقين في أن جهات في مصر لها نفوذها، لا تريد علاقة إيجابية مع حركة حماس، مستدركا بالقول: "لمصالح معينة، ترى بعض الجهات في مصر، أنه من الأفضل استمرار القطيعة معها، وفرض مزيد من العزلة عليها، وعلى غزة التي تدير مقاليد الحكم فيها".
ويرى المحلل السياسي، والكاتب في صحف فلسطينية مصطفى إبراهيم، أن العلاقة بين مصر وحماس، عادت إلى ما كانت عليه سابقا من "توتر".
ويضيف إبراهيم: "هذا التوتر ينعكس سلبا على غزة، لكن لا أتصور أن مصر ستقوم بإجراءات عقابية ضد حماس، أو خطوات دراماتيكية، لكن سيبقى هناك نوع من عدم قبول النظام المصري لعلاقة إيجابية معها".
وقد تدفع المخابرات المصرية من جديد، تجاه تحسين العلاقة بين الطرفين وفق إبراهيم، مؤكدا أن مصر تريد دوما أن تكون راعيا للملف الفلسطيني.
وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من تموز/ يوليو 2014، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مؤتمرا لإعادة إعمار غزة.