كتاب عربي 21

إسرائيل ترشّح إيران لقيادة لبنان؟

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600
دأبت سفارات غربية عدة في بيروت خلال شهور الشغور الرئاسي الثمانية عشر الماضية على تشجيع زعماء الموارنة للاتفاق فيما بينهم على مرشح لرئاسة الجمهورية، مع ما يمكن أن يفرضه هذا الاتفاق بحد ذاته إذا انسحب على ملفات حيوية وسيادية أخرى من عودة حقيقية للمسيحيين إلى السلطة التي بقوا على هامشها طوال فترة الوصاية السورية، علما أن هذه العودة باتت ضرورية على المستوى الوطني برأي كثير من المتوجّسين خيفة من وصول كرة نار الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة إلى لبنان، والتي إن اندلعت ستحرق الجميع بلا استثناء، بينما يستطيع المسيحي القوي بدعم من المجتمع الدولي أن يفرض سياسة النأي بالبلاد عن هذه الفتنة.

لكن تراث زعماء الموارنة في عدم تقديم التنازلات فيما بينهم حال دون إنضاج ولادة الرئيس العتيد، فكلٌّ من الأقطاب الأربعة (أمين الجميل وسمير جعجع من قوى 14 آذار، وميشال عون وسليمان فرنجية من قوى 8 آذار) يريدها لنفسه ويرفض حليفه قبل خصمه كما يستبعد الوسطيين والمستقلين.

عجيبتان تحتاجان إلى إعجاز إقليمي ودولي حدثتا مؤخراً في الإستحقاق الرئاسي، سهلت الأولى حصول الثانية، فتبنَّى سنيُّ السعودية الأول في لبنان سعد الحريري مارونيَّ النظام السوري الأول سليمان فرنجية من خارج توقعات حتى منجّمي الشاشات اللبنانية الدجّالين. ما أحدث ذهولاً في الشارع اللبناني أُتبع بذهول أعظم قبل أيام بتبنِّي ماروني التوجه الغربي الأول في لبنان سمير جعجع ترشيح ماروني إيران الأول ميشال عون.

العجيبة الأولى بترشيح الحريري فرنجية وإن تمت من تحت الطاولة إلا أن مسرحها الفرنسي واضح، وقد تجلى ذلك الوضوح بكسر الرئيس فرنسوا هولاند البروتوكول واتصاله هاتفياً بالنائب سليمان فرنجية غداة تسريب ترشيحه عبر الإعلام. وبالطبع لم يكن محور المكالمة بين الرجلين رحلات الصيد التي يهواها فرنجية ويقوم بها في جبال الألب الفرنسية. وردد متابعون للحدث في حينه كلاماً على تمكن دوائر الخارجية الفرنسية من تسويق تسوية فرنجية – الحريري في العاصمتين السعودية والسورية.

أما العجيبة الثانية التي ظهرت في بيروت بإعلان سمير جعجع تبني ترشيح خصمه التقليدي ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فهي وإن جرت في العلن إلا أن مطبخها مكتوم لكنها بالطبع لم تنتج عن مشاورات فقط داخل قيادة حزب القوات كما أوحى بذلك جعجع في مؤتمره الصحافي المشترك مع عون، فثمة رائحة عمل استخباراتي سياسي احترافي يرد على المبادرة الأولى ذات الرعاية الفرنسية بمبادرة مضادة من قبل أطراف أخرى في الإقليم تُرسّم بيادقها على الرقعة الجديدة للمنطقة.

لطالما صمّت قوى الثامن من آذار آذان اللبنانيين بمحاولاتها الدائمة لتشويه سمعة القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع والإيحاء بأنها تعمل لمصلحة "إسرائيل"، وآخر هذه الاتهامات ما ورد الأربعاء 15/7/2015 في صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله تحت عنوان "إسرائيل ليكس.. لبنانيون يتطوّعون لخدمة إسرائيل" ما استدعى تحركاً من القوات اللبنانية باتجاه القضاء ضد الصحيفة المذكورة.

وفي المقابل، لا تفوّت أبواق قوى الرابع عشر من آذار فرصة حتى تسيء إلى ميشال عون وتتهمه بأنه أحد أدوات إيران في لبنان، فهل إذا صدق جاهل الفريقين (لا سمح الله) يخلص إلى أن ما حصل الأسبوع الماضي هو عبارة عن ترشيح "إسرائيل" لبنان للدخول في عهد الولاية الإيرانية؟...
التعليقات (0)