ينظر مراقبون ومحللون إلى الأوضاع في
مصر على أنها حبلى بالأزمات والمشكلات التي توفر أرضية خصبة لاندلاع ثورة على غرار ثورة
25 يناير.
إلا أن هناك من رهن نجاح
الثورة بأمرين، أولهما اصطفاف قوى بين مكونات المعارضة بأحزابها وحركاتها وتياراتها المتباينة، وثانيهما، البعد عن أي صفقات سياسية في أعقاب أي حراك شعبي كبير لضمان عدم الالتفاف على مكتسباتها.
مسببات الثورة قائمة
وفي هذا السياق، يقول وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان، لـ"
عربي21": "إن الأسباب التي دعت لقيام ثورة 25 يناير المجيدة باقية، بل زادت الأوضاع سوءا؛ فقد استشرى الفساد، وامتهن القانون، وصودرت الحريات"، مشددا على أن "كل مسببات الثورة ما زالت قائمة، وازدادت، وما تحقق من ثورة يناير، أُطيح به"، وفق تقديره.
لكنه رأى أنه ليس بالضروة أن تتكرر نتائج ثورة يناير 2011، بمجرد توفر الأسباب والدوافع، وزيادة، مضيفا: "هناك عوامل لا يمكن التحكم بها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمصير الشعوب، ودعني أقول أن المشيئة الإلهية تتجاوز كل الضروريات، والحتميات التي قد تستلزمها تلك المرحلة".
ولفت إلى أن هناك متغيرات سعى النظام إلى خلقها من أجل إثقال أي حراك شعبي، وإفشاله، "من خلال ما شرعه لنفسه من قوانين تتيح له استخدام القوة المفرطة، تحت مبررات الأمني القومي"، مشيرا إلى أن "الأسلوب الأمني لن يحقق الاستقرار، والقوانين لا تمنح شرعية تجاوزها، ولا تمنح حصانة مطلقة لأحد"، كما قال.
أجواء ما قبل يناير
من جهته، رأى المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، أن جميع مسببات الثورة حاضرة، وبقوة.
وقال: "هناك حالة غليان شعبي؛ نتيجة القمع، والفشل السياسي، والاقتصادي، والأمني لسلطة الانقلاب"، مضيفا لـ"
عربي21": "لذا نجد خشية حقيقية من النظام من تحول الموجة الثورية المرتقبة إلى ثورة غضب عارمة تطيح بالسلطة العسكرية".
وتابع: "وإزاء هذه التوقعات تعمل سلطة الانقلاب على محاربة أي دعوة للاصطفاف الشعبي والثوري، كما تقوم بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الشباب، وبث الشائعات لتثبيط الهمم، وكسر الروح المعنوية للثوار"، بحسب تعبيره.
وأكد أن ذكرى 25 يناير هذا العام تحل في أجواء مشحونة ومحتقنة، "ما يجعل كل الاحتمالات ممكنة، وتسهم في رفع الحالة المعنوية للثوار، دون إفراط في التوقعات، فنحن ندرك أن لحظة ميلاد الثورة قدر مقدور لا يعلمه إلا الله"، كما يقول.
المواءمات والثورة
أما عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، مصطفى البدري، فاعتبر أن أي نظام قمعي يحمل عوامل انهياره، وأن رياح التغيير في مصر قادمة لا محالة.
وقال لـ"
عربي21": "هناك نية لدى فئة من الشعب لإحداث تحول في الذكرى الخامسة لثورة يناير، وما سيحدث سيؤثر على النظام، وقد تجبره على صنع انقلاب داخلي، إذا نزلت حشود كبيرة إلى الميادين"، وفق تقديره.
ورأى أنه في حال خرجت حشود وسيطرت عليها قوات الأمن "فسيكون حراكا ضمن الحركات المتتابعة التي ستؤتي ثمارها ولو بعد حين"، واشترط أن "ينأى أي حراك شعبي عن تأطير الجماعات الكبيرة التي اعتادت المواءمات والحسابات التي لا تعرفها الثورات، وبالتالي عندما تخرج الثورة من هذا الإطار يمكن أن تحقق أهدافها".
وقال إن "الجبهة السلفية لا تشذّ عن أي حراك عام، وهي وترفع شعار الثورة نفسه، وحريصة على إظهار الهوية كعادتها، ولكنها في الوقت نفسه لن تدعو لشيء غريب، يخالف المسار العام لأي حراك ثوري"، مشددا على أن "التوجه العام الآن هو الانتقال من مرحلة الصمود للمدافعة، والمقاومة".
الاصطفاف قبل الأسباب
بدوره، يرى المحلل السياسي، أسامة الهتيمي، "أن أهم سبب في اندلاع ثورة يناير 2011 وجود حالة من الاصطفاف بين المكونات السياسية للمعارضة آنذاك"، مضيفا لـ"
عربي21" أن "الجميع كانوا متفقين على التغيير".
واعتبر أن هذا الشرط لا يتوافر في الوقت الحالي، "فغياب التوافق بين المكونات السياسية، وكثرة الاختلافات، وحالة التشكيك ما بين كل طرف وآخر، سواء من الليبراليين أو الإسلاميين أو الاشتراكيين، لا تساعد على التوقع بتجاوز أزمة عدم وجود اصطفاف حقيقي".
وقال إن "تردي الوضع السياسي والاقتصادي يدفع لإحداث تغيير، وليس بالضروة ثورة". وتابع: "في علم السياسة نبحث أو نتحدث عن ضرورة وجود تغيير، ولكن آليات وشكل هذا التغيير يختلف وفق الظرف الذي تعيشه البلاد"، لافتا إلى أن "الثورة لا يعلن عنها، وليس لها موعد، وهي وليدة لحظتها"، وفق قوله.