سياسة عربية

رشوة تمرير "الخدمة المدنية" تهز سمعة برلمان السيسي

برلمان السيسي بدأ مشواره بالمشاجرات- أرشيفية
برلمان السيسي بدأ مشواره بالمشاجرات- أرشيفية
تلقت سمعة برلمان ما بعد الانقلاب في مصر ضربة جديدة، على إثر اتهام نائب لزميل له بقبول رشوة من وزير، بهدف تمرير قانون "الخدمة المدنية"، المثير للجدل، الذي كان السيسي أصدره في آذار/ مارس الماضي.

في المقابل قال النائب المتهم إن الأمر لا يعدو كونه "تأشيرة من الوزير"، بتخصيص مبلغ حكومي لإصلاح الصرف الصحي بمحافظته، لكن الجلسة انتهت، الخميس، بتوقيف تمرير القانون، بسبب رفض غالبية الأعضاء له.

وفي البداية، اتهم عضو لجنة القوى العاملة بالمجلس، أمين سرها، محمود عزت، رئيس اللجنة النائب صلاح عيسى، بالحصول على رشوة تقدر بمئة مليون جنيه من وزير التخطيط، أشرف العربي.

وجاء اتهام عزت لعيسى في رسالة تركها، بعد انسحابه من اللجنة خلال النقاش، إلى زميله هشام مجدي، مؤكدا أن انسحابه جاء اعتراضا على حصول أحد النواب داخل اللجنة على رشوة، عبارة عن "تأشيرة" بمبلغ مالي كبير مقابل تمرير القانون، الأمر الذي يدخل في باب "الرشوة".

وهنا رد صلاح عيسى، رئيس اللجنة، على الاتهامات قائلا: "هذا الكلام يخصني، وأرفضه، وأطالب بإثباته بالمضبطة لفتح تحقيق فيه"، لكنه أقر في الوقت نفسه بأنه حصل على تأشيرة بمئة مليون جنيه من الوزير، على أن يخصص المبلغ لشبكة الصرف الصحي بمحافظة الإسكندرية، التي ينتمي إليها.

وتابع عيسى أنه لم يسع لمكاسب شخصية، وأنه غير صحيح بالمرة وجود علاقة بين التأشيرة ومناقشة قانون الخدمة المدنية، وأضاف: "المحافظ كلمني قبل اللجنة لتذكير الوزير بالمبلغ".

اللجنة ترفض "الخدمة المدنية"

وروت تقارير صحفية، الجمعة، ما حدث من مشاجرة وتراشق بالألفاظ بين أعضاء اللجنة في المجلس، خلال اجتماعهم، لمناقشة قانون الخدمة المدنية، الخميس.

وفي البداية، سجل النواب اعتراضهم على القانون بالكامل، واتهموا الحكومة باستغلال غياب البرلمان لإصداره، لأن به عوارا قانونيا.

ومن جهته، استقبل وزير التخطيط، هجوم النواب بالابتسام، فيما قالت إحدى النائبات للوزير: "وشك بيجيب ألوان ليه يا سيادة الوزير"، في إشارة منها إلى توتره.

فقام الوزير بعرض وجهة نظره، ودافع باستماتة عن القانون، وحذر من خطورة إلغائه على الدولة، بدعوى أن ذلك سيجعل البلد في مرحلة الخطر: ماديا وسياسيا واجتماعيا.

وهنا قال أحد النواب للوزير: "أنت عايش في كوكب ثان يا سيادة الوزير، فرد عليه قائلا: "لو سمحت.. أنا أرفض هذه الكلمة، وممكن أرد عليك".

ثم واصل حديثه: "أتمنى التراجع عن موقفكم المبدئي برفض القانون، وأن تنظروا للمصلحة العامة للدولة".

ووصف العربي القانون بأنه أحد محاور خطة إصلاح الجهاز الإداري في الدولة، وأن لديهم رؤية متكاملة حول القانون، وأن الاحتياج إليه لا يختلف عليه شخص، وأنه يستهدف تحكيم الكفاءة في تعيين الموظف واستمراره وترقيته في عمله، وليس الواسطة والمحسوبية، محاولا إقناع اللجنة به.

كما طالب الوزير النواب بالموافقة على القانون، وإجراء أي تعديلات يرونها عليه مستقبلا، زاعما أن الرفض سيُعيد البلاد إلى الخلف سنوات، وأنه سيضعها في موقف خطير.

لكن النواب أعلنوا بالأغلبية رفضهم للقانون، واتهموا الوزير بأنه لا يشعر بأوجاع الموظفين، مشددين على أن القانون به عوار دستوري، ويحتوي على تمييز بين المواطنين، وانحرافات دستورية واضحة أبرزها المادة 15، كما يظلم كثيرا من الموظفين.

وفي النهاية رفضت اللجنة تمرير القانون، وقررت إعداد تقرير خاص بتوصياتها بشأنه؛ لتسليمه لرئيس المجلس؛ لاتخاذ القرار النهائي بخصوصه، في الجلسة العامة للمجلس، المقررة يوم الأحد المقبل.

صحف تقر بالرشوة

وأقرت صحف حكومية مصرية بأن ما حدث داخل اللجنة، من اتهام عزت لعيسى، بأنه "رشوة" بالفعل.

وخرجت صحيفة "الأخبار المسائي" الحكومية، الجمعة، بمانشيت يقول: "رشوة الصرف الصحي تفجر لجنة القوى العاملة بالبرلمان".

فيما وصفت صحيفة "المصري اليوم" ما حدث بقولها: "يوم الصدام بين الحكومة والنواب"، ناقلة عن "مصدر حكومي مسؤول" قوله إنه لا يمكن التراجع عن "الخدمة المدنية"، خاصة أن موازنة الدولة تم وضعها بناء على القانون الجديد، وأن التراجع عنه يحمل الدولة نحو 17 مليار جنيه، وأنه توقع أن يتم التوافق حول إجراء تعديلات على القانون فقط، وليس إلغاءه.

أول قانون مرفوض للسيسي

ويعد قانون الخدمة المدنية، هو أول قانون ترفضه لجان المجلس، من بين أكثر من 340 قانونا ينظرها المجلس، وأصدرها كل من الرئيس المؤقت السابق المعين من العسكر، عدلي منصور، ورئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي.

وأثار القانون، منذ صدوره في آذار/ مارس الماضي، الكثير من الجدل بين الموظفين والعاملين في الدولة، وتصاعدت ضده موجة الاحتجاجات العمالية، ونظم آلاف الموظفين مظاهرات غاضبة احتجاجا عليه.

فقد دعت النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب لوقفة احتجاجية ضده أمام نقابة الصحفيين، وشهدت إقبالا واسعا من آلاف العاملين بمصلحة الضرائب والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارات التخطيط والآثار والتربية والتعليم.

وعلق السيسي على المظاهرات قائلا: "عدد الموظفين كبير جدا، والدولة تحتاج إلى ربع العدد فقط".

وبرغم ذلك أصدر السيسي القانون بقرار جمهوري برقم 18 لسنة 2015 في 12 آذار/ مارس 2015، وعُمل به منذ اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، أي اعتبارا من يوم 13 آذار/ مارس 2015.

ولا يطبق القانون على العاملين بقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، فيما تطبق أحكامه على الوظائف في الوزارات ومصالحها، والأجهزة الحكومية ووحـدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك.

ومن المواد التي أثارت الجدل الشديد في القانون مادة تشترط القانون لترقية الموظف، أن تكون الترقية بموجب قرار يصدر من السلطة المختصة بالتعيين من الوظيفة التي تسبقها مباشرة.

كما وضع القانون شروطا للتعيين في وظائف الجهاز الإداري للدولة، أهمها أن يكون متمتعا بالجنسية المصرية أو جنسية إحدى الدول العربية التي تعامل المصريين بالمثل في تولي الوظائف المدنية، وأن يكون حسن السمعة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية أو مخلة بالشرف .

وتقرر وضع المعين لأول مرة تحت الاختبار لمدة 6 أشهر من تاريخ تسلمه العمل، ولا يجوز ندبه أو إعارته خلال فترة الاختبار أو منحه أي نوع من الإجازات سوى العارضة.

وألغى القانون العلاوات الخاصة، محددا ثلاث علاوات مستحقة للموظف، وهي العلاوات "السنوية والتميز العلمي والتشجيعية".

كما قسمت المادة 11 من القانون الوظائف الخاضعة لأحكامه إلى أربع مجموعات وظيفية، هي مجموعة الوظائف التخصصية، ومجموعة الوظائف الفنية، ومجموعة الوظائف الكتابيـة، ومجموعة الوظائف الحرفية والخدمة المعاونة، وتتكون كل مجموعة وظيفية من مجموعات نوعية.
التعليقات (1)
جويدة
الجمعة، 15-01-2016 02:37 م
طبعا سوف يرفضون هذا القانون وهذا هو السيناريو لتمرير هذا البرطمان وتسويقه شعبيا وسوف يعرض بعد حين وتتم الموافقة عليه بعد بعض التعديلات مقابل الموافقة على اكثر من 360 قانون مشبوه فى وقت قياس. اخطر ما فيهم ليس قانون التظاهر بل قانون توجيه الاعمال بالامر المباشر الذى يؤسس لدولة الفساد الكبرى بشكل قانونى