نفذت المملكة العربية السعودية أمس أحكام الإعدام بحق 47 إرهابيا تسببوا بإراقة دماء الأبرياء تخطيطا وتنفيذا، وتحريضا، ومنذ شهدت البلاد موجة الإرهاب التي ضربت السعودية عام 2003، ولم تتوقف للآن، رغم انخفاض وتيرتها بسبب النجاح الأمني الواضح.
وبالطبع ستكون هناك أصوات منتقدة لتنفيذ الأحكام هذه التي ينظر لها كثير من السعوديين على أنها جاءت متأخرة، إلا أنه من المعروف أن إجراءات التقاضي عادة ما تأخذ وقتا طويلا، وهذا ما يحسب للسعودية، وأجهزتها القضائية، والأمنية، فأحكام الإعدام هذه لم تأتِ كرد فعل متسرع غاضب، ولا نتاج محاكم عسكرية، بل هي نتاج محاكم شرعية استوفت وقتها، وإجراءاتها. لكن هل يبدد كل ذلك الأصوات المنتقدة؟ بالطبع لا! لكن الأهم هنا هو أن الدولة التي ناصحت، ومارست طول البال، والانضباط، هي نفسها التي نفذت أحكام الإعدام هذه بحق الإرهابيين الذين ألقي القبض على بعضهم منذ عام 2004. وما يجب أن نتذكره هو أن أمن السعودية أهم بكثير من أصوات المنتقدين، خصوصا أن السعودية قد مارست الصبر والانضباط، وآن الأوان الآن لتنفيذ الأحكام بحق كل من يعبث بأمن البلد إرهابا، وتطرفا.
ولذا فقد كان من اللافت في المؤتمر الصحافي الذي عقد في الرياض أمس، وبحضور المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، والمتحدث باسم وزارة العدل، تمحور جل أسئلة الصحافيين حول ردود فعل وسائل التواصل الاجتماعي، وما قيل، ويقال في «تويتر»، وكأن السعودية هي «تويتر»، أو أن الرأي العام السعودي الحقيقي هو ما يصدر بوسائل التواصل! القصة ليست كذلك بالطبع، بل إن القصة هي الحفاظ على هيبة الدولة التي تريد فرض الأمن والاستقرار، ومحاربة الإرهاب، وهذا هو مطلب السواد الأعظم من السعوديين، ومطلب كل عاقل، والمؤتمر الصحافي كان فرصة لطرح الأسئلة الجادة والعميقة ليفهم الرأي العام، مثلا، كيف أن السعودية لم تنفذ أحكام الإعدام إلا بسبعة وأربعين إرهابيا من أصل ستة آلاف موقوف. كانت فرصة لمعرفة كيف سيتم التعامل مع هذا الرقم الكبير، وخطورته على المجتمع. وما هو مشروع الدولة لكي لا يتكرر ظهور مثل هؤلاء الإرهابيين، خصوصا أن عمليات أحكام الإعدام هذه، وطريقة تنفيذها، تذكرنا بأيام إعدام المعتدين على الحرم المكي الشريف من جماعة جهيمان؟
وعليه، فإن الأهم هنا هو أمن البلد، وضمان عدم خروج جيل جديد من الإرهابيين، وفرض هيبة الدولة، وليس الالتفات لما تقوله معرفات على «تويتر» لا أحد يعلم إن كانت من إيران، أو العراق، أو سوريا، وهناك 500 ألف معرف تستهدف السعودية، وتدار من خارجها! الحقيقة أن من نُفذ بهم حكم الإعدام استوفوا كل إجراءات التحقيق، والتقاضي، ولفترة طويلة، بينما هم، أي الإرهابيين، لم يمهلوا ضحاياهم ولو ساعة لتفادي أعمالهم الإرهابية، ولذا فإن أمن السعودية أهم بكثير مما يقال في طهران، أو غيرها، واجتثاث الإرهاب، وردع الإرهابيين، هو أساس الأمن، والاستقرار، وهو مطلب كل سعودي يأمل في غد أفضل.