اتهم عدد من خبراء
الاقتصاد والموارد المائية، قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، بالنصب على
المصريين، وإهدار المال العام، على خلفية إعلانه إطلاق إشارة البدء في مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان جديدة، الأربعاء، انطلاقا من منطقة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد.
ووصف الخبير الإنمائي، ورئيس فريق تحرير تقرير التنمية العربي، الدكتور نادر الفرجاني، المشروع - على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مساء الأربعاء - بأنه "إشهار إفلاس مقرون بنصب"، وفق وصفه.
وقال أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، الدكتور يحيي القزاز، على صفحته بموقع "فيسبوك": "بمناسبة مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، نحيط الشعب علما بأن مساحات كبيرة من هذا المشروع مستصلحة، وتحت الانتفاع الفعلي لأكثر من 8 سنوات.. الصدق ينجي، والكذب يسقط الدول"، واصفا إطلاق السيسي للمشروع بأنه: "سطو على ما سبق استصلاحه".
ومن جهته، تساءل الناشط السياسي، شادي الغزالي حرب، حول ما وصفه بـ"استنزاف" مصر للمياه الجوفية في مشروع المليون ونصف المليون فدان، في ظل ما تعانيه الدولة من أزمة "سد النهضة".
وقال - في تدوينة له عبر حسابه على موقع "تويتر"، الأربعاء: "كيف نستنزف المياه الجوفية، ونحن نعاني من خطر سد إثيوبيا؟! الحكاية مش مجرد تريقة (سخرية) أو فنكوش.. أقصى أملي الآن ألا تكون مشاريع النظام عبئا على مستقبلنا".
والأمر هكذا، طالب وزير الري الأسبق، محمد نصر الدين علام، السيسي باستشارة عدد من الخبراء المصريين حول توفر المياه الجوفية اللازمة لري مساحة مشروع الـ1.5 مليون فدان، حتى لا ننفق المليارات دون جدوى، وفق قوله.
وقال - في حوار ببرنامج "الحياة اليوم"، عبر فضائية "الحياة"، الأربعاء - إن هناك دراسات تشكك في توافر مياه جوفية تكفي لري مساحة المشروع.
ومتفقا معه، قال أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، إن الآبار التي يتم حفرها الآن في المشروع تصل أعماقها إلى 1200 متر، وهى تكلفة غير اقتصادية تحتاج إلى كمية وقود ضخمة، إذ ستصل تكلفة متر المياه من هذه الآبار إلى 7 جنيهات، وبالتالي ستكون أغلى من تكلفة تحلية مياه البحر.
وأوضح أن تكلفة المياه للفدان الواحد - الذي يحتاج إلى 5 آلاف متر مكعب من المياه - ستصل إلى 35 ألف جنيه مياه فقط، بخلاف العمالة ومستلزمات الإنتاج والبنية الأساسية في تلك المناطق، فضلا عن أن العمق الكبير الذي تم حفره، يؤكد أن مستقبل المياه الجوفية لن يظل لفترات طويلة.
وعلى الصعيد ذاته، دخلت جريدة "التحرير" الموالية للانقلاب، على الخط، وألقت بكل ثقلها خلف كشف سوءات المشروع، الخميس، ونقلت عن خبراء في الموارد المائية والري تحذيرهم من خطورة مشروع الـ1.5 مليون فدان على الأجيال المقبلة من حيث استنزاف حقهم من الموارد المائية غير القابلة للتجدد، وكذلك التكلفة الخيالية للفدان الواحد، التي تصل إلى 185 ألف جنيه (نحو 22 ألف دولار).
ووفقا للصحيفة، قال الخبير المائي ومستشار وزير الري الأسبق، الدكتور ضياء القوصي، إن استنزاف الخزانات الجوفية بمشروع المليون فدان فيه ضرر شديد للأجيال القادمة، كما أن المجتمعات التي سيقوم عليها غير مستدامة، وبالتالي لن يكون هناك تنمية مستدامة داخل مجتمعات المشروع.
وشدد أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، الدكتور سرحان عبد اللطيف، وفقا لـ"التحرير"، على أنه كان أولى للدولة أن تقوم بمحاربة التعدي على الأراضي الزراعية، إذ خسرنا 150 ألف فدان بسبب التعديات على الأراضي الزراعية خلال السنوات الثلاث الماضية، بدلا من الإعلان عن مشروع غير مدروس.
وكشف أنه لا توجد استراتيجية واضحة لمشروع المليون ونصف المليون فدان، قائلا: "هناك تخبط في المشروع، وأصبح مجرد شو إعلامي"، مؤكدا أنه لا يجوز ضم مشروعات قديمة إلى مشروع المليون فدان.
وتساءل: "كيف سيتم ضم مشاريع أراضى الخريجين في المحافظات، وهو مشروع مستقل بذاته تم التأسيس له منذ نظام مبارك؟".
وأوضح أن السيسي عندما أعلن المشروع "المليون فدان" أعلنه كنوع من الدعاية الانتخابية، لكن الحكومة في ورطة حاليا لتنفيذ هذا المشروع، مشيرا إلى أن هناك مشروعات أكثر جدية لكن لم يتم تنفيذها مثل المشروعات الزراعية في سيناء ومطروح، وهى مشروعات تعمل بالآبار، والأمطار.
وأكد أن مشروع المليون ونصف المليون فدان ليس فيه ميزات، وأنه لن يبني مجتمعات مستدامة، وأن المياه الجوفية ستنتهي خلال 30 عاما بما يعني انهيار المجتمعات التي تعيش به خلال هذه المدة.
إلى ذلك نقلت الصحيفة عن تقرير صادر عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي - تم تقديمه إلى رئاسة الجمهورية في عهد الدكتور صلاح هلال، وزير الزراعة المسجون حاليا على ذمة قضية رشوة بوزارة الزراعة - أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد بمشروع الـ1.5 مليون فدان تبلغ نحو 185 ألف جنيه بخلاف ثمن الفدان البور، وبالتالي تصبح تكلفة المليون فدان 185 مليار جنيه.
ويذكر أن الخبير الاقتصادي محمود عمارة، كان قد طالب السيسي، من قبل، بوقف مشروعه لاستصلاح المليون فدان فورا، واصفا إياه بأنه "فنكوش" (سراب)، وعبث، وبأنه بلا رؤية استراتيجية، ولا دراسة جدوى اقتصادية، وأنه سيبدد ثروة البلاد من المياه الجوفية، وسيتسبب في عطش المصريين، وإهدار المال العام، دون مقابل يستحق ذلك.
وقال عمارة: "لو كنت مكان المهندس شريف إسماعيل (رئيس الوزراء)، لأصدرت قرارا بوقف الإنفاق على مشروع المليون ونصف المليون فدان فورا، حتى لو أغضب الرئيس".
وكان شريف إسماعيل، أدى اليمين أمام السيسي في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري، وفي أول يوم عمل لحكومته، عقد اجتماعا بشأن مشروع استصلاح وتنمية 1.5 مليون فدان، كمرحلة أولى من مشروع استصلاح وتنمية 4 ملايين فدان، بحضور وزراء: التخطيط، والإسكان، والري، والزراعة، حسبما قيل في وسائل الإعلام وقتها.