بات التعامل مع التهديدات والتحديات التي يشكلها
تنظيم الدولة في دول
الخليج أولوية قصوى بالنسبة لزعماء هذه الدول، حيث توازن كلّ دولة خليجية ردّها على التهديد، الذي يفرضه التنظيم مع حسابات الأمن المحلّية الأخرى.
ففي أعقاب أكثر هجمات تنظيم الدولة فتكا في تاريخ الكويت، التي وقعت في 26 حزيران/ يونيو، بالإضافة إلى وقوع سلسلة من التفجيرات وحوادث إطلاق النار المميتة في السعودية منذ الخريف الماضي، فإن منع الهجمات التي يشنّها التنظيم، أصبحت أولوية قصوى بالنسبة للعديد من زعماء دول الخليج.
هذا ما رأته الباحثة في معهد واشنطن لوري بلوتكين بوغارت، عبر تقرير نشر في الموقع الإلكتروني التابع للمعهد السياسي.
فوفقا لما كتب بوغارت، فإن المسؤولين في مجلس التعاون الخليجي، يخشون من أن "يؤدّي تركيز تنظيم الدولة الإسلامية على الأهداف الشيعية إلى إثارة النعرات الطائفية، لكنّ السماح للفاعلين المحليين بأن تصدح أصواتهم خدمة لأجنداتهم التقسيمية الخاصّة لن يؤدّي إلا إلى تغذية جماعات كـ تنظيم داعش".
وقالت إنه "ما تزال فجوة كبيرة قائمة بين التدابير الأمنية الليّنة من جهة، التي تعتقد واشنطن أنّ حكومات الخليج ينبغي أن تعتمدها، وتلك التي تحسَب معظم الأسر الحاكمة أنّها الأفضل لصون أمنها الخاصّ من جهة أخرى".
أمّا على المستوى الإقليمي، فاعتبرت بوغارت أن "المخاوف المتزايدة بشأن المتشدّدين السنّة المتطرفين في الخليج توفر فرصا جديدة للتعاون بين واشنطن وحلفائها في مجلس التعاون الخليجي"، لافتة إلى أنه "ينبغي طرح السؤال الأساسي الآتي: نظرا إلى الواقع السياسي في دول الخليج، كيف يمكن تعميق التعاون القائم من أجل تحقيق الأهداف المشتركة؟".
وحول هذه المخاوف والتحديات، أشارت إلى أنه "عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي في قطر في الثالث من آب/ أغسطس، لم تكن إيران البند الوحيد على جدول أعمالهم، إذ ناقشوا أيضا محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام".
ونوهت بوغارت إلى أن "الاجتماع جاء في أعقاب عمليات الاعتقال الأخيرة المتّصلة بداعش التي جرت في ثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي، وهي: الإمارات العربية المتّحدة التي كشفت أنّها في صدد محاكمة 41 شخصا بتهمة محاولة تأسيس "خلافة" شبيهة بتنظيم داعش في البلاد؛ والكويت، التي كشفت أنّها ألقت القبض على أربعة أشخاص ينتمون إلى خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، والمملكة العربية السعودية التي أعلنت أنّها اعتقلت 431 شخصا مرتبطين بالتنظيم ذاته".
وأشارت الباحثة الأمريكية إلى أنه "في نطاق التحقيقات المحلية التي تفضي إلى معلومات مفصّلة عن نطاق التهديد الذي يفرضه تنظيم الدولة، وفي الوقت الذي تدرس فيه واشنطن أفضل السبل للعمل مع شركائها الخليجيين في وجه المتشدّدين المتطرفين السنّة، ينبغي عليها أن تأخذ في عين الاعتبار الكيفية التي تتبلور بموجبها التصّورات الخليجية للتهديد الداخلي الذي يمكن التحكّم به رغم طابعه الاستفزازي".
وواصلت بقولها: "تشكل السعودية هدفا رئيسيا لتنظيم الدولة الإسلامية، وتنظر المملكة إلى استراتيجيتي التجنيد والتخطيط الإرهابي المتطوّرتين اللتين يعتمدهما التنظيم بأنهما تشكلان تحدّيا متناميا، وقد عمل معتقلون كثيرون على ما يبدو في الخلايا المتخصّصة بوظائف منفصلة، بما فيها المراقبة وصنع المتفجّرات وإعداد الانتحاريّين، بينما تُّشكّل استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي المتطوّرة للغاية، التي تهدف إلى تجنيد هؤلاء العناصر، مصدرَ قلق خاصّ".
وتابعت بوغارت أنه "في غضون ذلك، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى أنّ شبكات تنظيم الدولة الإسلامية في السعودية تشكّل تهديدا يطال سائر الخليج. فقد أظهر تفجير حزيران/ يونيو، الذي استهدف مسجد الإمام الصادق في الكويت، وأودى بحياة أكثر من سبعة وعشرين مصلّيا شيعيا، وخلّف أكثر من 200 جريح، الطابع العابر للحدود الذي يتّسم به هذا التهديد".
وأوضحت أنه "ما زالت دول الخليج تعتبر أنّ التهديد الإرهابي الذي يطرحه المتشددون السنّة المتطرفون يتجاوز تنظيم داعش، ويشمل جماعات جهادية أخرى كجبهة
النصرة التي تدور في فلك تنظيم القاعدة في سوريا".
بالإضافة إلى ذلك، لفتت بوغارت إلى أن "السعودية والإمارات تُحظّران الانتماء إلى جبهة النصرة أو تقديم الدعم لها. وقد اعتقل كلا البلدين منتسبين إلى النصرة، وأدانا بعضهم في محكمتَي الأمن القومي، وهما المحكمة الجزائية المتخصّصة في السعودية ودائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، وكانت الرياض قد سجنت العديد من المواطنين السعوديين في أيلول/ سبتمبر 2014، لقتالهم إلى جانب التنظيم".
وختمت الباحثة في معهد واشنطن لوري بلوتكين بوغارت تقريرها بالقول: "عندما يراقب المرء نهج الدول الخليجية، وخاصة السعودية، الآخذ في التطوّر تجاه هذه الجماعات في سوريا واليمن، من المهم أن يأخذ في الاعتبار نظرة الرياض إلى الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة، كونها تشكل تهديدا خطيرا يحيق بالأمن الداخلي، إن أفضل طريقة لفهم قبول الرياض الواضح بالتنسيق بين جبهة النصرة وفصائل المتمرّدين المعتدلين في الجيش السوري الحرّ الذين تدعمهم السعودية هو اعتبار هذا القبول بمثابة خطوة مؤقتة وبغيضة للمساعدة في هزيمة نظام الأسد".