حقوق وحريات

تعذيب وحشي بمقرات مخابرات السلطة في بيت لحم ونابلس

تنكيل بالمعتقلين المنتمين لحركة حماس في سجون السلطة الفلسطينية - أ ف ب
تنكيل بالمعتقلين المنتمين لحركة حماس في سجون السلطة الفلسطينية - أ ف ب
كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن حالات تعذيب في مقرات لمخابرات السلطة الوطنية الفلسطينية في كل من بيت لحم ونابلس، بحق معتقلين سياسيين. 

وطالبت المنظمة، ومقرها بريطانيا، قوى المجتمع المدني في الأراضي المحتلة، بالتصدي لسياسة التعذيب التي تنتهجها أجهزة أمن السلطة، حيث توافرت دلائل على تعذيب وحشي مورس بحق عدد من المعتقلين خلال الأسابيع الماضية وفي شهر رمضان وقد يكون مستمرا حتى اللحظة.
 
وحملت المنظمة رئيس السلطة محمود عباس المسؤولية الكاملة عن هذ الجرائم، كما أنها أعربت عن خيبة أملها من موقف الدول التي تقدم دعما سخيا للأجهزة الأمنية، وعلى وجه الخصوص الاتحاد الأوروبي، في حين لم تتخذ هذه الكيانات أي إجراءات لوقف مسلسل الانتهاكات التي تمارسه هذه الأجهزة على الرغم من التقارير المتراكمة التي تثبت ارتكاب هذه الأجهزة جرائم مروعة بحق المواطنين الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال.
 
وبينت المنظمة أنها وثقت خلال الأسابيع القليلة الماضية العديد من حالات التعذيب في مقري تحقيق المخابرات في بيت لحم ونابلس، ووفق شهادات حصلت عليها المنظمة من داخل مركزي التحقيق أكدت تعرض بعض المعتقلين السياسيين لجولات تعذيب قاسية بطريقة التعليق في الهواء وفق أشكال وحشية مختلفة والضرب بالفلقة، والضرب المبرح بالأيدي والعصي، علاوة على سيل الشتائم.. وهناك أحاديث عن استخدام الصعق بالكهرباء، إلا أنه لم يتم التأكد من استخدام هذا الأسلوب.

نماذج من التعذيب
 
وأكدت المنظمة وفق معلومات حصلت عليها أن الطالب عوني مازن الشخشير (25 عاما) من مدينة نابلس، اعتقل بتاريخ 18-06-2015، بعدما استدعي لمقابلة جهاز المخابرات بعد الإفطار في أول أيام شهر رمضان، وتم اقتياده إلى سجن جنيد في نابلس، ومكث في المقر أول ليلة فقط، وثاني يوم الجمعة صباحا تم نقله إلى مقر المخابرات في مدينة بيت لحم، وفي أول يوم لوصوله بدأوا جولات التعذيب معه، فقاموا بربط يديه إلى الوراء، بفاصل بين اليدين 10 سم تقريبا، ومن ثم رفعوه من الخلف، على أحد أبواب غرف المقر، وجعلوا المسافة بين اليدين، على ضلع الباب العلوي، مرتفعا عن الأرض بجسده، إلا رؤوس أصابع رجليه، ما سبب آلاما حادة في الكتفين واليدين لتحملها كل ثقل الجسم.
 
وبحسب بيان المنظمة، فقد كان يصحب "الشبح" في الكثير من الأحيان، الضرب بالعصي وكوابل الكهرباء، والركل واللكم والصفع على الوجه، ما ترك آثارا وكدمات زرقاء وصفراء وحمراء في أنحاء مختلفة من جسده وحول عينيه، إضافة لسيل الشتائم والتوبيخ المصاحب لعملية التعذيب، وكان هذا الحال يستمر من الساعة التاسعة مساء وحتى الخامسة صباحا خلال شهر رمضان.
 
وتابع البيان: "أما في ساعات النهار، فكان الشبح يتم على الكرسي، بتقييد يديه إلى الوراء، وإجلاسه على كرسي، ورجلاه مربوطتان برجلي الكرسي، وكانوا لا يفكونه إلا لساعة واحدة فقط أو ساعتين بأحسن الأحوال من الإفطار عند الساعة الثامنة تقريبا، حتى صلاة العشاء عند الساعة التاسعة والنصف، واستمر هذا الحال على مدار أسبوع كامل، مع الحرمان من النوم".
 
وكان أحد المحققين القادمين من قطاع غزة، يقول له، إن "حركة حماس قتلت شقيقي وولدي عمي الاثنين، وأنا جئت لأضربك وأُنكِّل بك، ليس لتهمة عليك، ولكن لكونك تنتمي لحركة حماس، لذلك أحضروني لتعذيبك فقط".
 
وأمضى عوني الشخشير 18 يوما في مقر مخابرات بيت لحم، أسبوعا تحت التعذيب، وبقية الأيام أمضاها في الزنزانة، وبعدها تم نقله إلى سجن جنيد في نابلس.
 
ولم يعرض طوال فترة اعتقاله المستمر على أي محكمة، وأخبروه عند وصوله إلى سجن جنيد قادما من سجن بيت لحم: "أنت على ذمة رئيس الجهاز". وبعدها بستة أيام حولوه إلى سجن أريحا، وقالوا له: "أنت على ذمة محافظ نابلس". وكل التحقيق أجري معه على خلفية عمله النقابي في جامعة النجاح، حيث كان عضوا في مجلس اتحاد الطلبة ممثلا عن الكتلة الإسلامية.
 
وفي شهادة أخرى، تأكد أن الطالب محمود مصطفى عصيدة (25 عاما)، المعتقل بتاريخ 21/ 05/ 2015 حُوِّل مباشرة بعد اعتقاله إلى سجن المخابرات في بيت لحم على ذمة محافظ نابلس، ولم يعرض على أي محكمة.
 
وبعد دخوله إلى السجن، جاءه المحقق وقال له: "قبل أن أتكلم معك بأي كلمة، يجب أن أصفعك على وجهك 50 صفعة"، بقي وجه محمود عصيدة منتفخا من آثار ذلك أسبوعا كاملا، وبعد أن أنهى ضربه، قال له المحقق: "كيف تريد أن نبدأ معك الآن؟"، فقال له: "كما تريد"، فقال المحقق: "سنضربك (فلقة) الآن"، فقام مجموعة من العساكر وأجبروه على الاستلقاء على ظهره على مكتب المحقق، وعلى خلع حذائه وجواربه من رجليه، وأحضر المحقق عصا خشبية يبلغ قطرها 3 سم تقريبا، وهي مخصصة للتنظيف المنزلي.
 
وقبل أن يبدأ المحقق بالضرب، قال له: "بعد كل 10 ضربات، سأتوقف عن ضربك، ويجب أن تقول: (محمود عباس سيدي وتاج راسي) حتى أتوقف عن ضربك، وإلا سأواصل الضرب"، وبعد أن أنهى العشر ضربات الأولى، رفض محمود عصيدة ترديد ما أراد المحقق، فواصل ضربه، وبقي يضربه حتى الضربة الأربعين، ولم يستطع محمود تحمل الضرب، فردد ما أراده المحقق.

واستمر التعذيب مع محمود أسبوعا كاملا من الشبح على الباب معلّقا لساعات طوال، والضرب بالعصي واللكم والركل، وذلك على الرغم مما يعانيه من كهرباء زائدة في القلب، وقد نقل إلى المستشفى ثلاث مرات فاقدا الوعي جراء التعذيب، وتسبب ضربه بالفلقة إلى كسر رجله اليمنى من القدم، مع تمزق وتر الرسغ، وتم تجبيرها بشكل خاطئ، وأخبره طبيب في سجن أريحا أنه يجب أن تُجرى لها عملية فك وإعادة تجبيرها ثانية حتى يلتئم العظم بشكل صحيح.
 
وتعرض المعتقل محمود مازن فريج (30 عاما) من شويكة قضاء طولكرم، والمعتقل بتاريخ 22/ 06/ 2015 للضرب بأنابيب المياه البلاستيكية (البرابيش) على ظهره، في سجن جنيد بنابلس، وقد ترك التعذيب على ظهره علامات زرقاء وحمراء وصفراء، ولما نقلوه إلى سجن أريحا أخذوه إلى الخدمات الطبيبة، فلما رآه الطبيب، تعجب من قسوة التعذيب ونادى على العساكر وقال لهم: "تعالوا انظروا مخابرات نابلس ماذا يفعلون بالمعتقلين". وصدر قرار من المحكمة العليا يوم الأحد الموافق 26/ 07/ 2015 قضى بالإفراج عنه إلا أنه لم ينفذ بعد.
التعليقات (0)