سياسة دولية

معهد واشنطن: كيف يمكن لاتفاق النووي أن يضعف روحاني؟

الرئيس الإيراني حسن روحاني - أرشيفية
الرئيس الإيراني حسن روحاني - أرشيفية
تساءل باحث في معهد واشنطن للدراسات عن دور الاتفاق النووي في إضعاف الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وكتب الباحث مهدي خلجي في تقرير نشره على موقع معهد واشنطن للدراسات الإلكترونية، مشيرا إلى أن "المتشددين في النظام الإيراني الذين لا يرون في الاتفاق النووي نصرا لإيران، علاوة على أنهم لا يتوقعون استمرارية هذا الاتفاق أكثر من 10 سنوات، سيكونون ضد الاتفاق وسيعملون لإسقاطه ومحاربته، فهم يدعون إلى عدم التفاؤل به والمبالغة بنتائجه، معتبرين أن الاتفاق خسارة للدولة الإيرانية وليس نصرا لها".

ورأى خلجي أن "المتشددين مستعدون جيدا للسيطرة على الرأي العام في أعقاب الاتفاق النووي. ومن المرجح أنهم سيمتنعون عن تهنئة روحاني والوفد المفاوض على توقيع الاتفاقية، ويركزوا بدلا من ذلك على عدم جدوى الاتفاق لتحسين الاقتصاد، حتى إن حملَ ذلك خطر تفاقم خيبة أمل الجمهور إذا لم يرَ الناس تغييرا ملموسا في ظروفهم المعيشية".

وتابع: "ففي الوقت الذي تستعد فيه الغالبية العظمى من الإيرانيين للاحتفال بما يسمونه بـ "العيد النووي"، بعد أن تم التوقيع على الاتفاق النووي مع "مجموعة الخمسة زائد واحد"، وذلك وسط توقعاتهم بأن يؤدي الاتفاق وبسرعة إلى تحسين ظروفهم المعيشية، وتسهيل التجارة مع العالم الخارجي، وإنهاء سنوات من المعاناة الاقتصادية والإذلال السياسي والعزلة. إلا أن العديد من الأسئلة لا تزال مطروحة حول الطريقة التي سيرد فيها قادتهم على الصفقة وتداعياتها، سواء على الصعيد المحلي، أو من حيث سياسات طهران القائمة على التدخل في المنطقة.

واعتبر خلجي أنه "من المؤكد أن يكون رد فعل المرشد الأعلى علي خامنئي على هذه التطورات مختلفا تماما، إذ من المرجح أن يراقب الاحتفالات المبتهجة بقلق بالغ، وأن يعمد على تأخير أي تصريحات علنية مباشرة حول الصفقة. وحتى عندما يعلّق على الأمر، من غير المرجح أن يصوّر الاتفاق على أنه انتصار كبير لأي من الجانبين".

وأشار إلى أن خامنئي "عزف عن التعليق على الاتفاق لمدة أسبوع، ثم قلل من أهمية الاتفاق المبدئي في الخطاب الذي ألقاه في 9 نيسان/ أبريل، ووصفه بأنه "غير ملزم"، مدعيا أن أوروبا لم توافق على أحكام الولايات المتحدة، ومتهما واشنطن بالكذب بشأن استعداد طهران للسماح بإجراء عمليات تفتيش في المنشآت العسكرية. 

ولفت خلجي إلى ردود فعل وسائل الإعلام "ففي حين أشادت الصحف الإصلاحية بفريق المفاوضين، ركزت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة مثل صحيفة "كيهان" على التفريق ما بين التفسير الأمريكي ومقابله الإيراني لـ "صحيفة الوقائع" الأمريكية، مشككة في نوايا مجموعة الخمسة زائد واحد، وفي يوم الإعلان عن الاتفاق النووي في 14 تموز/ يوليو، بدا أن ردود الفعل الأولية لوسائل الإعلام الرسمية على الاتفاق تسير في اتجاه مماثل. ويشير ذلك إلى جانب علامات داخلية أخرى، إلى أن روحاني سيواجه تحديا صعبا في الأسابيع والأشهر المقبلة، لأنه سيقع ما بين الشبهات المتشددة وتوقعات الجمهور المبالغ فيها".

ورأى أنه "على الرغم من أن روحاني وحكومته لا يلعبان دورا كبيرا في صناعة القرارات المتعلقة بسياسة إيران الإقليمية، إلا أنه سعى إلى تصوير المحادثات النووية على أنها ذات تأثير معاكس تماما، ففي 3 نيسان/ أبريل وصف اتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه في لوزان بأنه يشكل "خطوة أولى نحو بناء علاقة جديدة مع العالم". وفي الكلمة التي ألقاها في الرابع عشر من تموز/ يوليو قال: "إن تنفيذ الاتفاق هو اختبار. وإذا تم تنفيذ هذا الاتفاق بدقة، فبإمكانه أن يزيل الحجارة -تدريجيا- من جدار عدم الثقة".

ونوه خلجان إلى أنه "في الواقع، فإن المتشددين ينتقدون بالفعل حكومة روحاني لتصويرها الاتفاق على أنه انتصار، ولتحريضها الأشخاص للاحتفال به. ففي 13 تموز/ يوليو، اعتبر موقع "راجان" الإخباري، التابع لـ "جبهة استقرار الثورة الإسلامية"، وهي مجموعة متشددة مقربة من المفاوض النووي السابق سعيد جليلي ورجل الدين البارز آية الله محمد تقي مصباح اليزدي، أنه "بناء على أخبار غير رسمية عن مضمون المفاوضات، فإن الاتفاق المرتقب سيعلّق عمليا الصناعة النووية، ويحوّلها إلى صناعة تزيينية، ويغلق بعض أجزائها الهامة". وادعى المقال بأن عبارة "العيد النووي" كان من المفترض أصلا أن تصف التقدم الذي أُحرز بمشقة نحو استكمال دورة الوقود النووي، وأن حكومة روحاني تسيء حاليا استخدام هذه الكلمات لتعني أمرا مختلفا تماما".

وواصل استعراض مواقف وسائل الإعلام المقربة من المتشددين، حيث قال: "أتت طبعة صحيفة "كيهان" الصادرة في 14 تموز/ يوليو، مشككة بشكل مماثل بالاتفاق. ففي مقالها الرئيسي اعتبرت أن الاتفاق الوشيك "سيدوم حوالي عقد من الزمن، ونظرا إلى السجل السابق للأمريكيين وعاداتهم في الالتزام بالاتفاقات، فإنه سيشكل تحديا كبيرا. ومن هذا المنظور، سيكون من التفاؤل الزائد وحتى السذاجة الاعتقاد بأن الصفقة هي نهاية التحدي النووي".

وذكر خلجان أن "في افتتاحية صحيفة "كيهان" وتحت عنوان "اتفاقيات شُهدتها أمتنا من قبل"، أصر المقال على أن الاحتفال بهذا الاتفاق سيكون خطأ، مثله مثل الاحتفال بمعايير لوزان المؤقتة. وإلى جانب التأكيد على الغدر الأمريكي طويل الأمد، أوضح المقال سبب عدم قدرة الاتفاق على تغيير الوضع الاقتصادي الإيراني بصورة جذرية، بقوله: "من المؤكد أن تؤدي الصفقة إلى خفض سعر النفط، وللأسف تشكل صادرات النفط في الوقت الحالي الركيزة الأساسية لاقتصادنا... كما ومن شأن تخفيف العقوبات بصورة تدريجية خلال العام المقبل أن يشمل 13 في المئة على الأكثر من جميع العقوبات، وقد يتوجب على المستثمرين الأجانب الانتظار ستة أشهر لمعرفة ما إذا كان سيتم تمديد تعليق العقوبات أم لا".

وختم الباحث في معهد واشنطن مهدي خلجي تقريره بالإشارة إلى أنه "ربما يكون فريق روحاني الآن، بعدما استشعر المشكلة المحتملة، بصدد محاولة التخفيف من التوقعات المبالغ بها، فعلى سبيل المثال، حذر مؤخرا مستشاره الاقتصادي مسعود نيلي من أن تخفيف العقوبات سيوفر لنا القدرات، ولكنه لن يحقق معجزة، وإذا لم نعالج الفجوة القائمة بين توقعات الجمهور والواقع، قد نواجه وضعا أسوأ مما كنا عليه في ظل العقوبات".
التعليقات (0)