مقالات مختارة

استراتيجية أوباما في حرب داعش

برهان الدين دوران
1300x600
1300x600
كتب برهان الدين بوران: لقد كنا على موعد تحرير الجيش العراقي للموصل من قوات تنظيم الدولة (داعش) قبل قدوم شهر رمضان، وإذ بالتنظيم يسيطر على الرمادي العراقية ومدينة تدمر الأثرية الشهيرة في سوريا. وبهذا يكون التنظيم قد سيطر على أكثر من محافظة عراقية ونصف الأراضي السورية معا. وهذا النجاح الكبير للتنظيم جاء عبر تطوير تكتيكاته وقراءته الميدانية الصحيحة.

استثمر تنظيم داعش العمق الجغرافي لضباط نظام البعث العراقي السابق، ومزج فيها خبرات المقاتلين الأجانب ليستولي على مناطق أكثر. واستطاع السيطرة على المدينة الأثرية تدمر في سوريا، بعد تراجع قوات النظام السوري من مواقع كثيرة في البلاد، ودخل تدمر السورية بسهولة كبيرة.

سقوط الرمادي في أيدي تنظيم داعش، وجر رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" مليشيات شيعية لمحاربة التنظيم، ثم اقتراح إيران مد يد العون في مواجهته، جعلت إدارة أوباما في واشنطن تعيد حساباتها واستراتيجيتها في مواجهة "داعش" مرّة أخرى. وفيما وصف المتحدث الرسمي للبيت الأبيض "إريك شولتز" سقوط الرمادي بأيدي التنظيم بالفشل الأمريكي، فقد قال القائد العام للقوات المسلحة الأمريكية "مارتن ديمبسي" إن هذا التطور محزن وهي النتيجة الحتمية للحرب. والآن تدور خلافات في واشنطن حول ما إذا كان أوباما سيغيّر من استراتيجيته أم لا.

فالجمهوريون ينتقدون إدارة أوباما في استراتيجيته لمواجهة التنظيم، ويرون أن ابتعاد تركيا عن التحالف الدولي كان له تأثير سلبي أدى إلى فشل التحالف في اجتثاث التنظيم. وحرب داعش بالنسبة لأوباما، تمثّل دور الولايات المتحدة في الصراعات الدولية وهي مرتبطة بمنظوره العام لسياسته في الشرق الأوسط.

وإدارة أوباما تركت، ثم وجّهت القوات المحلية في المنطقة لحل الصراعات فيها. وهذه الاستراتيجية أتت بدل التدخّل الأمريكي المباشر لمناطق الصراع من قبل. والقوات المحلية هذه تتمثل بالحكومة العراقية الحالية وقوات البشمركة التابعة لإقليم شمال كردستان العراق والمليشيات الشيعية والعشائر السنية إضافة للقوات التي ستعبر من مرحلة التدريب والتجهيز التي يسميها الأمريكيون بالمعتدلين في سوريا. وهذا ما كان يؤكّده أوباما في كل فرصة تسنح له، ويقول إنه لا نيّة لنا بالتدخّل المباشر.  

سقوط الرمادي يعني الاستنزاف الكبير للجبهات والمعارك طويلة الأمد، ثم محاولة استرجاعها مرّة أخرى. والمسؤولون الأمريكيون سيلجأون إلى تبرير سقوط الرمادي بالأخطاء التكتيكية. وأما طول أمد الحرب على داعش فكان متوقّعا في الاستراتيجية الأمريكية منذ البداية. وهذه كانت استراتيجية أوباما في الشرق الأوسط وسوريا. فهو يهدف إلى عدم الدخول في حرب جديدة وإجراء مفاوضات سياسية مع إيران. ومن هذه الناحية فإن أوباما لم يكن مكترثا بالوضع السوري، وكان يهدف إلى ضمان استمرارية بقاء التنظيم. وتغيير هذه الاستراتيجية لأوباما لن يتحقّق إلا بقدوم الجمهوريين أو قدوم رئيس جديد للولايات المتحدة.

في المؤتمر السنوي لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي في واشنطن، أكّد الخبراء الأمريكيون صحة التحليل والتفسير الذي طرحناه قبل قليل لاستراتيجية أوباما. وتبيّن لنا عدم اكتراث الولايات المتحدة بالحروب في كل من العراق وسوريا، والإهمال الكبير لوضع الملايين من الحالات الإنسانية الكارثية، وتحرّك الإدارة الأمريكية حسبما تراه مصالحها. وإذا أردنا إعطاء مثال واقعي لما سلف، فيكفي منظور الخبير الأمريكي "آنتوني كوردسمان" الذي لديه خبرة في مجال التدخّل التقني والمدني في كل من أفغانستان والعراق.. حيث يرى كوردسمان أن أمريكا لا تملك استراتيجية واضحة في سوريا، فهي لا تجد المجموعات المعتدلة التي يمكن التحالف معها.

وكما قال الكثيرون للخبير، فإن سبب وصولنا إلى ما نحن عليه هو عدم دعم المجموعات المعتدلة، وإنه إن لم يتم التدخل السريع لهذه الحالة المأساوية، فستكون الكارثة أكبر وستتأزّم الحالة في المنطقة بشكل أوسع. ومن جهة ثانية، فإن ما سيزيد الطين بلة هو المعارك التي تخوضها المليشيات الشيعية في العراق، فهي تعتمد على بث الكراهية والطائفية بين صفوف المجتمع، وستشكّل عنصرا آخر للاقتتال الطائفي والمذهبي. والسياسة الأمريكية التي قَدِم بها إلى المنطقة أدّت إلى زوال الجماعات الإسلامية المعتدلة. بالمحصّلة، فإن كل هذه التطورات الخطيرة جاءت نتيجة سياسة أوباما في سوريا.

(عن صحيفة "صباح" التركية- ترجمة عربي21)
التعليقات (1)
pearls shine
السبت، 23-05-2015 03:27 م
كل هذه التنطيمات السنيه المكفره القاعده وداعش والنصره قتل وتفجير وسبي وتحطيم دولوانهاء حظارات لها مكانها ?تبث الكراهيه . و?تفجر بالخصومه .ولكنالمليشيات الشيعيه التي تدافع عن أرظها وعرطها تعمل ذلك.؟؟؟ هل أنتم عميان. مجرمين العالم وسفلته جائو ليذبحوننا ويستحيو نسائنا ويدورو بلادنا.هل مات الظمير أم طائفيتكم وكرهكم لبيت الرسول قد طغى على تفكيركم