كتاب عربي 21

هل يخطط مبارك لإسقاط السيسي؟ (1-2)

تامر أبو عرب
1300x600
1300x600
الحملة التي تقودها الصحف القومية والخاصة على وزارة الداخلية نقطة فارقة في فهم مصير النظام الحالي، وما إذا كان استمراره ممكنا أم أن هناك مخططا ما لإجراء إحلال وتجديد يطال أجنحة داخل النظام أو النظام نفسه في الأشهر القليلة المقبلة.

الأمر أكبر مما يبدو بكثير، أكبر من مجرد صحوة ضمير مفاجئة فمن غير المنطقي أن يحرك التعذيب شعرة في صحف بررت القتل وطالبت به، أكبر من اتفاق جماعي للدفاع عن المهنة، فالمهنة في نظر القائمين عليها حاليا تقاس بمقدار الزيادة التي تطرأ على الحسابات البنكية لكل منهم مطلع كل شهر، وأكبر حتى من تعليمات صدرت من جناح ما في السلطة لضرب جناح آخر، فطوال الوقت كانت هناك صراعات بين الأجنحة لكنها لم تكن تدار بهذه الطريقة.

ماذا يحدث إذن؟

ظني أن ما يحدث ليس مجرد خلاف بين جناح وغيره، وأنه يتعداه إلى صراع بين النظام الحالي وغيره، مشروع نظام جديد من نفس الدائرة القديمة وغير مستعد لانتظار انتهاء السنوات الأربع، فيستخدم نفس الأدوات التي أدت لإسقاط نظامي مبارك ومرسي، حملة ضد الداخلية والتعذيب في الأقسام وسوء تعامل الشرطة مع المواطنين، تأتي بالتوازي مع حملة تؤكد فشل الحكومة في الملفات الخدمية الرئيسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والعلاج.

ومن يمكنه أن يستخدم الإعلام بهذه الدرجة؟

الإعلام في الأساس مملوك بالكامل لرجال أعمال ينتمون لنظام مبارك وما زالوا يدينون له بالولاء، وعندما سخروه لخدمة السيسي ونظامه كان ذلك لتأكدهم من أنه امتداد لنظام مبارك، إذن فالوحيد القادر على تحريك هذا الإعلام نحو اتجاه مخالف يقوض فيه أركان نظام السيسي بشن حرب على الجهاز الأمني الذي يقوم عليه هو نظام مبارك نفسه.

نعم، أنا أقصد ما فهمته تمامًا، نظام مبارك يخطط الآن للعودة واسترداد البضاعة التي تركها مؤقتا في يد رئيس انتقالي، وعندما نقول نظام مبارك فنحن لا نقصد هذا العجوز القريب من التسعين، ولكن نقصد شبكة المصالح التي قامت وقويت في عصره ولها ممثلون في السياسة والاقتصاد والمؤسسات والأمن والقضاء.

هذه الشبكة تفاءلت بالعودة إلى الحكم تحديدا بعد الإفراج عن نجلي مبارك وأحمد عز، ويمكنك رصد التحول الكبير في أداء الإعلام بعد هذه الإفراجات، بدأ الأمر بحوار تليفزيوني مع أحمد عز أخذ فيه فرصة كاملة لغسل يد نظام مبارك من الفساد والدماء، وتطور إلى مداخلتين هاتفيتين لمبارك نفسه، واهتمام مبالغ فيه بنشر صور جمال وعلاء في عزاء أم مصطفى بكري في مسجد عمر مكرم والتركيز على الابتسامة التي تعلو وجهيهما واستقبالهما في العزاء استقبال الفاتحين، ثم الحملة المفاجئة على وزارة الداخلية والتي شاركت فيها صحف خاصة وقومية وأمنية، والحديث في الفضائيات لأول مرة عن مسؤولية السيسي عن فشل الحكومة وهي النبرة التي أتوقع تصاعدها في الأيام القادمة.

وهل نظام مبارك قادر على إزاحة نظام السيسي؟

يعوم نظام السيسي على بحيرة من نظام مبارك، كان يريد أن يحصن نفسه بهم، بينما بعضهم الآخر كان موجودا من قبل وصول السيسي للرئاسة ولم يستطع السيسي إزاحته، والآن هناك مندوبون لنظام مبارك في مواقع مهمة في مؤسسات الحكومة ووصولا إلى المنصة التي تصدر أحكاما ظاهرها لصالح نظام السيسي وباطنها ضده، فضلا عن سيطرتهم الكاملة على الإعلام وقدرتهم على توجيهه، وبقليل من افتعال الأزمات وتركيز الإعلام عليها، مع إعادة سخط الناس – المستحَق – على الشرطة، مع فشل المؤتمر الاقتصادي المنتظر واضطرار الدولة مجددا لحل أزماتها من جيوب الغلابة، سيصبح المناخ مؤهلا لرفع معدلات الغضب الشعبي ضد النظام الحالي.

وبالتوازي مع هذه المحاولات يخطط أحمد عز للسيطرة على مجلس النواب القادم سواء دخله بشخصه أم لا، فيستغل ضعف الأحزاب وانسحاب البعض الآخر ويعقد اجتماعات مع نواب وقيادات الحزب الوطني القدامى لخوض الانتخابات والفوز بمقاعد تكفي لتوجيه القوانين إلى حيث يريد، والدعوة لسحب الثقة من السيسي إذا تطلب الأمر.

ولماذا يرغب نظام مبارك في العودة؟

لأن ظهر سياسييه ورجال أعماله صار مكشوفا ولأن من تعود على أن يكون فساده محميا بحصانة لا يمكنه أن يعيش دونها أو ينتظرها من سلطة أخرى مهما كانت قريبة إليه، الأفضل بالطبع أن يكون أحد ممثلي هذا النظام – وليس أحد حلفائه – على رأس السلطة في مصر، فضلا بالطبع عن الغصة التي تركتها ثورة يناير في حلق رجال مبارك والتي لن تزول إلا بعودتهم إلى الحكم مرة أخرى.

وكيف يمكن أن يعود هذا النظام إلى الحكم بينما يرفضه المصريون؟

من استطاع أن يرفع شعبية جهاز الشرطة من أدنى درجاتها إلى حمل رجالها على الأعناق قادر على خلق شعبية لنظام مبارك من الفراغ، ليتقبل الناس فكرة ترشح أحد رموز نظام مبارك في أول انتخابات رئاسية تأتي، سواء كانت مبكرة أم في موعدها الطبيعي، والأكيد أن جمال مبارك الآن يخطط فعليا لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة ما لم يجد جديد أو يتم سجنه في قضية جديدة، وحتى إذا حدث ذلك فسيتم تصعيد وجه آخر محسوب على نظام مبارك ليخوض الانتخابات.

وماذا يزعجنا نحن في كل ذلك؟ وما موقف الجيش من ذلك؟ وهل ستفرق كثيرا إن كان على كرسي الحكم نظام السيسي أو نظام مبارك؟

هذا موضوع المقال القادم..
التعليقات (5)
memo orabi
الإثنين، 04-05-2015 03:07 م
لقد بدء الشعب يشعر وكأنه دمى تحركه تلك الايادى والتى تستمد أفكارها من الأفلام الهندى والبطل الذى لا يموت مهما بدى لك عزيزى المشاهد أن نهايه قد حلت ونبقى نحن فى النهايه المشاهد الشغوف لإدراك النهايه التى يتمناها ولكن ليس له رأى فى كتابتها
salah khalifa
الأحد، 03-05-2015 09:34 م
مقال جميل جداً ونحن فى شوق للمقال القادم
د. محمد نعمان نوفل
الأحد، 03-05-2015 01:33 م
اعتقد أن ما يحدث استئناف لصراع أجنحة كان قبل سقوط مبارك، وهو جناح جمال في مواجهة الجيش. الأخير اعتبر أن جمال سق بسقوط أباه واستولوا على الدولة بعد إزاحة الإخوان. لكن غباء الجيش تمثل في استحواذه على كل الاستثمارات والقروض والمساعدات الخارجية، وحرمان القطاع الخاص منها، مما أهل قطاع كبير من رجال الأعمال لدعيم جناح جمال مرة أخرى. يساهم في ذلك وضع السيسي لكل رهاناته على الخليج، ومع تغير رأس السلطة في السعودية تغيرت كل الرهانات الخليجية لغير صالح السيسي مما أضعفه اقتصاديا بشكل واضح، وكان خطأ كبير جدا الرهان الخليجي. يبقي السؤال هل ينجح جمال أو جناحه في العودة؟ أو أن المرجح ظهور تحالف جديد يتشكل من قسم من الجيش مع جناح جمال مبارك في مواجهة جناح طنطاوي/ السيسي؟ والشعب يدفع الثمن بالطبع في جميع الحالات، ويخرج ليتظاهر ويقتل في كل الحالات أيضا. ضعف الحركة الديمقراطية وحركة اليسار مسئول عن هذه المأساة.
د/ نهى
الأحد، 03-05-2015 12:55 ص
اشكرك فتحليلك رائع جدا
علاء الدين زايد
الجمعة، 01-05-2015 11:09 ص
أنا مع هذا المقال قلبا وقالبا ، وفعلا كان هناك اتفاق على عودة مبارك أثناء ثورة 25 يناير 2011 بين مبارك وطنطاوى وعمر سليمان ولكن الظروف تغيرت وكان لابد من الحركة والدوران معها وإلا ما الذى دعا مبارك وأبنائه إلى البقاء فى مصر وعدم تركها بعد الثورة وقبول السجن إلا إذا .....