ستجني إمارة دبي منافع الاتفاق الأمريكي
الإيراني بشأن نشاطات طهران النووية. وستكون الجسر الذي ستمر من خلاله
الاستثمارات الأجنبية إلى الجمهورية الإسلامية، بعد سنوات من الحصار والعقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة على طهران.
وجاء في تقرير أعده سايمون كير لصحيفة "فايننشال تايمز" من دبي، أنه عندما اقترح ممول يقيم في دبي على شركة لإنتاج المواد الغذائية عقد شراكة تقوم على إنتاج وتوزيع المواد الغذائية لإيران، فإنه لم يلق ردا. كان هذا قبل عدة أشهر، لكن التوصل إلى اتفاق الإطار في
لوزان بين مجموعة 5+1 الشهر الماضي يقود إلى اتفاقية دائمة، فعادت الشركة واتصلت مع الممول في دبي. ويقول: "لقد عادوا إلي مباشرة، وطلبوا مني تقديم اقتراحات في أقرب وقت ممكن".
ويقول كير إن رفع
العقوبات عن إيران أدى إلى حالة من الدفع للحصول على حصة من "الذهب" الإيراني، خاصة أن هذا البلد يعيش فيه حوالي 77 مليون نسمة، ولديه ثروة من النفط والغاز الطبيعي، وتحاول الشركات الأوروبية والأمريكية الحصول على حصة فيه.
ويضيف الكاتب أن دبي تحاول تقديم نفسها على أنها جسر للباحثين عن فرص في إيران، لو تقدمت العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الغرب بشكل يؤدي إلى تخفيف العقوبات وحركة التجارة وتحويل الأموال.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه
"عربي21"، إلى أن دبي لديها البنية التحتية وأسلوب الحياة المريح من أجل جذب الشركات المتعددة الجنسيات كي تدخل إيران، وبالإضافة إلى هذا فإنها تعيش في دبي جالية إيرانية كبيرة، وهناك الكثير من العائلات
الإماراتية التي تعود جذورها إلى أصول فارسية.
وتنقل الصحيفة عن مدير شركة "الفطيم" ومقرها دبي، التي تمثل شركات مثل "أيكيا" و"ماركس أند سبنسر"، وتقوم بالتعامل مع مبيعات سيارات شركة تويوتا وهوندا وكريسلر جيب، مروان شحادة، قوله: "إيران قريبة من أبوابنا، ويجب أن نكون هناك، وهذا ما سيؤدي إلى تغيير اللعبة".
ويشير شحادة إلى أن السباق من أجل تأمين حق توزيع الماركات العالمية مع الشركاء المحليين جار، خاصة أن البلد حُرم ولعقود من الحصول عليها. ويبين أن مجموعة "الفطيم" تحاول البحث عن طرق لإدخال الماركات التي تتعامل بها في المجالات المتوفرة للتوزيع والتجارة في إيران، حيث يقوم ممثلون عن أصحاب مراكز التسوق هناك بالتواصل مع ممثلي الماركات العالمية، وفق التقرير.
ويستدرك كير بأنه بالرغم من مستوى التفاؤل، إلا أن الكثيرين يحذرون من إمكانية تعطيل المتشددين في إيران والولايات المتحدة للاتفاق. وقد يهدد النزاع في اليمن، حيث تدعم الولايات المتحدة الحملة السعودية ضد المتمردين الحوثيين، التقارب الأمريكي الإيراني.
ويبين الكاتب أنه بالرغم من أن الأمور غير واضحة، إلا أن الرحلات الجوية بين دبي وطهران محجوزة بالكامل، حيث يسافر رجال أعمال يرغبون بإعادة بناء العلاقات القديمة، أو الحصول على اتصالات جديدة في قطاع خدمات النفط والصناعة والعقارات.
وتنقل الصحيفة عن فرهد علوي من مجموعة "أكريفيس" للقانون في واشنطن، قوله إن "المجال الذي سيسمح فيه بممارسة نشاطات في إيران سيزيد بشكل تدريجي، وسيزيد مع مرور الوقت، ولكنه سيحصل على مراحل، ومن غير المعلوم موعد نهاية العقوبات"، ويستدرك بأنه بالرغم من ذلك "فإن إيران هي بلد كبير، وسيترك أي تعليق أو إلغاء للعقوبات أثرا كبيرا".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته
"عربي21"، إلى أن دبي، التي ظهرت في القرن العشرين كونها نقطة للتجارة الحرة، تمثل أحد المعابر للتجارة مع إيران، حيث تراجعت التداولات التجارية، بسبب الأزمة المالية التي ضربت دبي، من عشرة مليارات دولار في عام 2009، إلى ستة مليارات دولار عام 2012، وتظهر الأرقام الحالية من العام الماضي تحسنا في المستوى، حيث بلغ معدل التداول حوالي سبعة مليارات دولار.
ويقول حسين حاغيغي من مجلس التجارة الإيراني في دبي إن مستويات التبادل لا تزال مقيدة، وقد يتحسن الوضع إذا خففت القيود، أو ألغيت العقوبات المفروضة على إيران.
وتورد الصحيفة أن المفاوضين لا يزالون يعملون على التفاصيل النهائية للاتفاق المرجح توقيعه في 30 حزيران/ يونيو المقبل. ويدعو رجال الأعمال المفاوضين الإيرانيين إلى التأكد من وجود آلية واضحة للتعامل التجاري وتحويل الأموال، بحيث لا تتغير في حالة تغير المناخ السياسي في طهران وواشنطن.
ويفيد التقرير بأنه بالرغم من هذا كله، فإن بعض الممولين المحليين، بينهم بنك دبي الإسلامي، يقومون بالاتصال وإن بحذر مع زبائنهم السابقين؛ للتحضير من أجل نهاية العقوبات.
ويوضح كير أن الشركات المتعددة في دبي تدفع من أجل الدخول في السوق الإيرانية. فماجد الفطيم، الذي تدير شركته "مول الفطيم" يملك حق توزيع مواد شركة "كارفور" في المنطقة. وفي بداية القرن الحالي أدخلت الشركة عملياتها إلى إيران، وتدير متاجر ناجحة في الجمهورية الإسلامية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن أحد العارفين بنشاطات الشركة يقول إن هناك إمكانيات عالية لبناء متاجر جديدة، ويمكن للشركة بسهولة مضاعفة حجمها على مدى الخمس سنوات القادمة.