قضت محكمة القضاء الإدراي بمحافظة المنوفية، مساء الخميس، باستبعاد رجل الأعمال أحمد عز من خوض انتخابات مجلس النواب المزمع إجراؤها الشهر المقبل، ورفض الطعن المقدم منه على عدم قبول أوراق ترشحه.
وكان عز قد تقدم بطعن للقضاء الإداري على قرار عدم قبول أوراق ترشحه للانتخابات عن دائرة السادات، وقالت اللجنة العليا للانتخابات وقتها إن هذا القرار جاء بسبب عدم تقديمه إقرار الذمة المالية لزوجته الثانية، وعدم فتح حساب بنكي له خاص بنفقات الدعاية الانتخابية، وهو القرار الذي طعن عليه مؤخراً.
وذكّرت واقعة استبعاد عز من
الانتخابات، كثيراً من
المصريين بما حدث مع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق، الذي تم استبعاده من خوض الانتخابات الرئاسية عام 2012 بحجة عدم اكتمال المستندات اللازمة لترشحه ومن بينها عدد التوكيلات اللازمة لترشحه.
استبعاد على الطريقة المصرية
وأعلنت المحكمة حيثيات قرارها برفض طعن عز، أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، التي جاء فيها أنه عجز عن تقديم ما يثبت رفع قرار التحفظ على أمواله وحساباته البنكية السرية، الذي كان جهاز الكسب غير المشروع قد أصدره في عام 2011 وأيدته محكمة الجنايات، وهو ما يفقده أحد شروط الترشح لمجلس النواب.
وأوضحت المحكمة أن الحساب البنكي الذي قام عز بفتحه تطبيقاً للقانون الملزم للمرشحين بفتح حسابات بنكية للإنفاق على الدعاية الانتخابية، لا يستطيع التعامل عليه بالإيداع أو السحب، بعد قيام البنك المركزى بإغلاقه.
لكن الكثيرين لم يصدقوا أن عز يصعب عليه توفير المستندات المطلوبة للترشح، تماماً كما لم يصدقوا أن رئيس جهاز المخابرات وقع في خطأ ساذج، أدى إلى حرمانه من خوض انتخابات الرئاسة، وراجت وقتئذ تكهنات بأن المجلس العسكري كان وراء استبعاد سليمان من الانتخابات، بعدما مثل ترشح رجل مبارك خطراً على النظام الحاكم.
ويقول مراقبون إن تدخل النظام الحاكم في قرارات قبول واستبعاد المرشحين غير المرغوب فيهم من خوض مختلف أنواع الانتخابات، هو أمر شائع في مصر، حيث تم عبر العقود السابقة استبعاد آلاف المرشحين من خوض الانتخابات، بدءاً من انتخابات اتحادات الطلاب في المدارس والجامعات، ومروراً بالنقابات والمجالس المحلية والنيابية وانتهاء بانتخابات الرئاسة.
وفي كل مرة، لم تعدم اللجان المكلفة بمراجعة أوراق المرشحين من إيجاد ورقة ناقصة هنا، أو سبب إجرائي هناك تتذرع به لاستبعاد من لا يرضى النظام عنهم.
رفع الحرج عن السيسي
وكان إعلان أحمد عز - محتكر صناعة الحديد والصلب في مصر - ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة أمراً مزعجاً للسيسي ونظامه الجديد، حيث يمثل عز أحد أبرز الشخصيات التي ثار عليها الشعب في يناير 2011 بجوار الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، حتى إن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قالت في تقرير لها منذ عدة أيام إن استبعاده من الترشح للبرلمان القادم، أعفى السيسي من الحرج.
وأضافت في تقرير لها إن دخول عز البرلمان مرة أخرى كان سيثير غضب المصريين الذي يرون فيه رمزاً واضحاً لعهد مبارك، وأنه يعد تجسيداً للفساد الذي استشرى في البلاد قبل الثورة.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شن الإعلام المصري حملة شرسة ضد أحمد عز، وهاجمه كثير من الإعلاميين وطالبوه بعدم استفزاز مشاعر المصريين بترشحه للانتخابات بعد أربعة أعوام فقط من الثورة.
ظهور إعلامي مستفز
وتعرض عز لما يشبه الحصار الإعلامي حتى إن "جهات عليا" منعت عرض حلقة تلفزيونية مسجلة على قناة القاهرة والناس مع الإعلامي أسامة كمال قبل ساعات من عرضها، ولكن فجأة وبعد أن رفضت أوراق ترشحه للانتخابات، ظهر عز مع الإعلامي خالد صلاح على قناة النهار في حلقة على الهواء مباشرة يوم الثلاثاء الماضي.
ويرى ملايين المصريين في عز أحد أهم رموز الفساد في مصر وأحد الأصدقاء المقربين من جمال نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأنه مهندس تزوير انتخابات 2010 التي انتهت بخروج المصريين مطالبين بإسقاط النظام.
وخلال حلقة الثلاثاء التي استمرت لأكثر من ساعتين، حصل عز على فرصة كاملة لتوضيح مواقفه والاعتذار عن أخطائه وشرح أسباب رغبته في خوض الانتخابات، مما تسبب في استفزاز غالبية المصريين، بحسب مراقبين.
كما بدا عز هادئاً في أثناء اللقاء، واكتفى بعتاب رقيق للنظام الحاكم على استبعاده من الانتخابات، متسائلاً "لماذ الإقصاء.. لماذا لا نجعلها منافسة سياسية ديمقراطية؟ هل الديمقراطية في مصر الآن هي ديمقراطية المنتصر؟، كذلك لم يفته الإشادة بالقضاء المصري وإعلانه احترام قرارات اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية أقصته من سباق الترشح.