قضايا وآراء

إسرائيل – حماس، الردع أولاً!

عادل الأسطل
1300x600
1300x600
بجهود ذاتيّة على نحوٍ خاص، هناك استعدادات جادّة تُبذل من كلا الجانبين الإسرائيلي وحركة حماس، والتي تهدف إلى المحافظة على الهدوء، وتقديم ما من شأنه المساعدة في الاستقرار، خلال الفترة المقبلة على الأقل، فإسرائيل غير جاهزة لتجديد حملة عدوانية، وهي لا تزال تعاني تداعيات مؤلمة، كانت اكتسبتها من عدوانها الأخير - الجرف الصامد- بدءأً من يوليو/تموز الماضي، وتريد من ناحيةٍ أخرى، إثبات أن مسألة ردع المقاومة وحماس تحديداً، قد باتت شيئاً محتوماً، علاوة على شعورها بأن الجبهة الشمالية مع حزب الله هي أكثر إثارة للقلق، والأهم، هو أن المعركة الانتخابية التي يخوضها رئيس الحكومة الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو"، تتطلب عدم التفكير بشأن تنفيذ أية عمليات عسكرية أخرى، تحسباً من عدم تمكنه من السيطرة على مجريات الأحداث، وحتى في ضوء استقبال صواريخ متفرّقة آتية من القطاع.

وبالمقابل فيغلب على نظر حماس، بأنها هي الأخرى أكثر حرصاً، باتجاه حفظ الهدوء، وذلك من خلال سعيها بشأن إغلاق المناطق المحاذية لإسرائيل، وتسارع الخطى من أجل ضبط وإحضار كل من يعمل ضد توجهاتها، لمبررات كثيرة، وأهمّها: أن ليس هناك ضرورة لتسخين الأوضاع أكثر مما هي عليه، ولإثبات أنها معنيّة بالحفاظ على تفاهمات التهدئة التي تم التوصل إليها في أواخر أغسطس/ آب الماضي، والتي تمّت برعاية مصرية، من أجل تحقيق أولويات المرحلة، كما ورد عن القيادي لدى الحركة "موسى أبو مرزوق، وهذه الأولوية تشمل ترتيب الأوراق كما تتطلب الأوضاع ككل، وعلى رأسها المساعدة في انسيابية مشاريع الإعمار الخاصة بالقطاع، وأيضاً للمحافظة على انتصار المقاومة من ناحيةٍ أخرى، على حدّ قول نائب المكتب السياسي للحركة "إسماعيل هنيّة"، ولذلك وبسعي منها لوقف التوترات الأخيرة، أبلغت حماس عبر الوسيط المصري، إسرائيل، بأنها غير معنيّة بالتصعيد.

في ضوء المعطيات الحاصلة، فإن التقديرات لا تسير نحو التصعيد وحتى في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على منطقة خانيونس، رداً على إطلاق الصاروخ الأخير باتجاه منطقة إشكول الإسرائيلية. 

وتعزز تلك التقديرات جهات أمنيّة إسرائيليّة، التي اطمأنّت من أن الأوضاع، تتجه إلى التهدئة، فالجانبان يحرصان عليها، ويتمنيان عدم الوقوع في الأخطاء التي تنجم عن التعجّل في الردود بغير حساب، ولذلك فهما يعملان جهدهما بأن تظل سبل الاتصال مفتوحة، والتي من خلالها يمكن تبادل تفسيرات لأيّة أحداث أمنيّة قد تندلع فجأة، سيما وأن ردود فعل أمنيّة صعبة تم تبادلها سابقاً، قد وقعت، بسبب انقطاع سبل الاتصال، والتي على رأسها العدوان الأخير، حيث تسبب انقطاع العلاقة المصرية مع حماس، بشكلٍ رئيسي، في إقدام الإسرائيليين على شن ذلك العدوان ضدها، وبشكلٍ غير محسوب.

وليس معنى الحرص على التهدئة، أن تخلو السياسة المتبادلة من نبرة التصعيد، بسبب أن هناك من الأمور والمستجدات التي تدعو الطرفين إلى التفوّه بها وحتى المداومة عليها، باعتبارها تهدف إلى تحقيق عملية الردع اللازم، نحو عبور مرحلة ما، فجملة التهديدات الإسرائيلية غير المنقطعة، والتي يُبلغ عنها "نتانياهو" بنفسه، من أن إسرائيل لن تخضع لأيّة تهديدات من قِبل حماس، وبأنها لن تسمح لها بإنشاء سلاح أو مواصلة بناء الجيوش، تأتي لأجل تحقيق عملية الردع باتجاهها، وإن في هذه المرحلة، حتى الوصول – كما تنمني- إلى فرصة تمكنها من محوها أو عرقلة نشاطاتها على الأقل.

حماس، أيضاً ترغب في تحقيق قدرة الردع من ناحية، ولا تريدها أيضاً إلى ما لا نهاية من الناحية الأخرى، ويبدو ذلك جليّاً من خلال إعلانها صراحةً، بأن جولة المواجهة مع الإسرائيليين لم تنتهِ بعد، بسبب أنها تبحث عن التحرير وانتزاع الحقوق المغتصبة، وكانت عززت صراحتها هذه، من خلال العرض العسكري الكبير لوحداتها القتالية المختلفة، الذي أقامته داخل القطاع، في ذكرى انطلاقتها 27، وبالتزامن مع نشاطاتها المتسارعة باتجاه إحياء علاقتها مع إيران.

كما يهمّ إسرائيل في هذه الفترة، هو رغبتها، وتبعاً للمختصين الأمنيين بضرورة إظهار سخاءً أعلى في الاستجابة لمتطلبات القطاع، بما يضمن عدم خشيتها من أن تصل مواد الإعمار، إلى أيدي المقاومة، ومن ثمّ تهديد أمنها ومصيرها، فإنه يهمّ حماس في الفترة نفسها أيضاً، هو تنفيذ خطط الإعمار، سيما وأنها أبدت تساهلات معتبرة، أمام الخطط الإسرائيلية والأوروبية، لأجل نشر الخطط على الأرض، خاصةً في ضوء أن وضع القطاع العام، يزداد سوءاً، عما كان قبل العدوان، ولذلك فإنها ستبقى تحرص على أن تظل البيئة أقل سخونة، وإلى الدرجة التي تُمكن من تحقيق الأهداف المتوخّاة، وبالمقابل ستقوم إسرائيل -على الأرجح- بالمساعدة في نفس الاتجاه، ما يعني بأن الخطط المتبادلة بشأن المواجهة القادمة، ستبقى مخبوءة وإلى إشعارٍ آخر.
التعليقات (0)

خبر عاجل