اعتبر قياديان من قيادات حركة
النهضة التونسية أن الدعوات التي تدعو إلى الحياد في
الانتخابات الرئاسية ما هي إلا انحيازا للخيار الأسوأ في البلاد، في إشارة منهم إلى المرشح الرئاسي الباجى قائد السبسي.
فقد رأى القيادي في حركة النهضة التونسية الحبيب
اللوز أن كل التصريحات الصادرة من رموز الحركة حول الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تدعو إلى الحياد التام السلبي أو إلى عدم الاقتراع أو وضع ورقة بيضاء هي "تصريحات منافية للصواب وغير منضبطة لقرار مجلس الشورى".
وقال القيادي في بيان صدر عنه السبت حول هذا الخصوص إن: "التصريحات التي عنونت موقف الحركة على أنه حياد أو عدم انحياز، لم تكن دقيقة ولا هي منبثقة من قرارات المؤسسات".
وخاطب اللوز رئيس حركة النهضة الشيخ راشد
الغنوشي قائلا: "أهيب برئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي أن يتحمل مسؤوليته كاملة لوقف هذه التجاوزات، والإحاطة الجادة بالموقف عبر الدفع من موقعه إلى الانضباط التام لمؤسسة القرار الأولى، وعبر منع كل أشكال التكريس والتفلت، وذلك من أجل ضمان وحدة الحركة قيادة ومناضلين وأنصار، وبما يضمن استمرار مناخات التوالف والانسجام والحكمة والحلم والرشد".
وأشار إلى أن "قرار مجلس الشورى هو وحده الكفيل بتحديد موقف الحركة وهذا القرار هو المحافظة على الموقف السابق لمجلس الشورى المتمثل في دعوة أبناء الحركة وعموم الناخبين إلى الانخراط في العملية الانتخابية بكثافة من أجل انتخاب من يرونه مناسبا لاستكمال المسار الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة".
وتابع اللوز "إني في هذا السياق ألفت النظر إلى أن الموقف الأصلي الذي انبنى عليه قرار مجلس الشورى الأخير قد تأسس على مقدمات مبدئية منها قطع الطريق على عودة منظومة الفساد والاستبداد ومنع التغول والانفراد وتحقيق التوازن السياسي في البلاد، وهو موقف كان استجابة لرأي عام عبر عنه عموم أبناء الحركة في الداخل والخارج، ودعوا فيه إلى رفض أي تحالف مع حزب نداء تونس، كما دعوا بقوة إلى دعم مرشح بعينه رأوه أكثر قدرة على خدمة أهداف الثورة".
ورأى أن "التصريحات التي عنونت موقف الحركة على أنه حياد أو عدم انحياز لم تكن دقيقة ولا هي منبثقة من قرارات المؤسسات، إذ العنوان الذي أقرته المؤسسات مرارا في مداولاتها وعبر عنه رئيس مجلس الشورى بنفسه هو التفويض لأبناء الحركة وأنصارها وعموم الناخبين في سياق التوجيه الذي عرضه البيان نفسه".
ولفت القيادي في الحركة إلى أن "كل التصريحات التي ظهرت في الأيام الأخيرة زاعمة أنها تعبر عن موقف الحركة التي أعلنت عن مد اليد إلى حزب نداء تونس وعن الاستعداد إلى التحالف أو التشارك معه، هي تصريحات متجاوزة أيا كان المدلي بها باعتبارها لم تلتزم بحدود ما قرره مجلس الشورى الممثل لأعلى سلطة في الحركة بين مؤتمرين".
ونوه إلى أن "إن هذه الدعوات تمثل مسلكا غريبا عن حركتنا وخياراتها الإستراتيجية طيلة تاريخها، إذ ظلت حركتنا باستمرار حركة مشروع حضاري متميز وقيم ونضال سياسي ضد الفساد والاستبداد، لهذا فإني أعتبر أن هذا الدفع المتكرر نحو حزب نداء تونس من طرف البعض يمثل خطرا على مناخات الشورى داخل الحركة، وبالتالي على وحدتها وتماسكها".
وتعليقا على استقالة رئيس الحكومة التونسية الأسبق، الأمين العام السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي، قال الحبيب اللوز: "وإني أحسب أن موقف الأخ حمادي الجبالي الأخير – يقصد الاستقالة من الحركة- كان مترتبا في جزء منه عن تلك التجاوزات والتكريسات غير المبررة".
لم يكن القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز وحده الذي أدلى بدلوه في هذا الموضوع، فالقيادي في الحركة ذاتها الصادق شورو ،أصدر هو الآخر بيانا حول الموضوع تحت عنوان "كلمات للتاريخ".
وقال في بيانه موضحا "إن نتيجة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية القادمة سترسم مصير البلاد، ليس لفترة السنوات الخمسة القادمة فحسب، وإنما لعشر سنوات أو أكثر، ولأن هذا المصير سيكون من بين أحد مشروعين كبيرين متناقضين، الأول سمته الكبرى أنه سيقود البلاد، بعد أجل لن يتجاوز السنة، إلى وضع لن يختلف كثيرا عن الوضع الذي عشناه في حقبة ما قبل الثورة، بكل مآسيه وآلامه وأحزانه وفساده وظلمه وظلماته".
وتابع شورو في توضيحه "أم الثاني فهو نقيض المشروع الأول، لأنه يبشر بالمضي قدما في مشروع الحرية والكرامة والعدالة وبالسعي إلى ترسيخ هذا المشروع في الواقع السياسي والاجتماعي، وبالعمل على استكمال استحقاقات الثورة، وأولها التصدي للقوى المضادة للثورة التي جمعت كل وسائلها الخبيثة للإجهاز على كل نفس ثوري في البلاد".
وخاطب قيادة الحركة: "إلى قيادة النهضة، إنها إن لم تعلن انحيازها للمشروع الثاني إعلانا لا لبس فيه في هذا الظرف بالذات فإنها تخطيء خطأين تاريخيين كبيرين، الأول، في حق البلاد، لأنها ستفوت على البلاد المصلحة الكبرى التي ستتحقق إذا كتب لهذا المشروع الفوز في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وستفتح الباب لمفسدة كبرى وكارثة عظمى ستصيب البلاد حتما بفوز المشروع الأول، إن هي تمادت في غموضها أو صدر عنها ما يفهم منه انحيازا للخيار الأسوأ".
وواصل شورو خطابه للحركة قائلا: "الثاني، في حق النهضة، لأن أي قرار تتخذه القيادة يفهم منه مساندة الخيار الأول، ولو بطريقة غير مباشرة، سيحدث في الحركة شرخا كبيرا بدأت تباشيره تظهر للعيان في صورة استقالات وانسحابات فعلية في القيادات المركزية، وقد ينتهي إلى ما لا يحمد عقباه، فضلا عما هو حاصل الآن من تناقض كبير بين موقف القيادة والقواعد من المرشحين للرئاسية، على القيادة أن تتق الله في مصلحة البلاد، وعليها أن تتق الله في وحدة الحركة، ولتستشعر عظم مسؤوليتها في هذا الشأن، ولتحذر محاكمة التاريخ لتبعات أخطائها فان التاريخ لا يرحم".
إزاء هذا الوضع الخطير وفق وجهة نظره، توجه إلى قواعد الحركة قائلا "إلى قواعد الحركة، لا أرى خيارا لكم إلا أن تلتزموا دعم مرشح الخيار الثاني، لأنه دعم لخيار الحق، إنكم مسؤولون عن خياركم ومحاسبون عليه، لا عذر لكم أن انتم وقفتم وقفة المتفرج، ولن يشفع لكم أحد إن أنتم اخترتم اختيار السوء، ولن ينجيكم من سوء العاقبة إلا ان تقفوا مع الحق وتسندوه".
وفي نهاية بيانه خاطب شورو عامة الشعب قائلا: "لا تغتروا بالوعود الكاذبة التي يقدمها لكم من كانوا سببا في مآسيكم وفقركم وبؤسكم والبغي عليكم ومصادرة حقكم في العيش الكريم، إنكم إن اخترتم مرشحهم أو إن انسحبتم من الانتخابات فإنكم ستندمون يوم لا ينفع الندم، لأنكم سترون منهم ما هو أدهى وأمر مما أصابكم منهم في سنوات الذل والمهانة، إنه لن ينجيكم من شرورهم إلا أن تعطوا صوتكم إلى مرشح خيار الحرية والكرامة والعيش الكريم" .