ملفات وتقارير

هل اغتيل المتوكل بسبب علاقته بـ"الحوثي"؟

المتوكل أكاديمي وسياسي مخضرم ومهندس العلاقة بين صالح والحوثي ـ أرشيفية
المتوكل أكاديمي وسياسي مخضرم ومهندس العلاقة بين صالح والحوثي ـ أرشيفية
اغتال مسلحون مجهولون، أمس الأحد، أمين عام حزب اتحاد القوى الشعبية محمد عبدالملك المتوكل، وسط العاصمة صنعاء. ولاقت هذه الحادثة، إدانات واسعة من مختلف القوى السياسية في البلاد.

بدأ المتوكل، مواليد 1942، حياته المهنية بالعمل الصحفي، كمدير عام للصحافة بوزارة الإعلام في العام1968، ليتدرج بعدها في المناصب، حتى عين وزيرا للتموين والتجارة في 1976، ويتفرغ بعد ذلك للعمل الأكاديمي في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء.

في 15 أيار/ مايو 2005، اتهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية الذي تولى المتوكل منصب أمينه العام، بالتخطيط لقيادة انقلاب على النظام الجمهوري على خلفية أزمة "التمرد" التي قادها مؤسس "الحركة الحوثية" بدر الدين الحوثي بمحافظة صعدة شمال اليمن.

وردد صالح حينها، مقولة للراحل تقول: "سوف نستعين بالخارج لإصلاح الداخل"، وكان أمين عام اتحاد القوى الشعبية، قد اعترف في حوار مع صحيفة "الناس" اليمنية، في نفس العام، بلقائه مع مؤسس حركة الحوثي "بدر الدين الحوثي، قبل خروجه من صنعاء باتجاه صعدة شمال البلاد، أعقبها اندلاع حرب صعدة الأولى في حزيران/ يونيو 2004 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.

ويعد المتوكل، وهو أكاديمي وسياسي مخضرم مهندس العلاقة بين صالح والحوثي، لكنه رجل سياسة وليس رجل مليشيات، يقال إنه "يعتبر أحد رموز المعارضة للحوثي من داخل التيار الإمامي، ويريد من زعيم جماعة "أنصارالله" عبدالملك الحوثي، أن يكون قائدا للجناح العسكري، بينما هو -المتوكل- وأصحابه من رجالات السياسة في حزب الحق واتحاد القوى الشعبية يشكلون الواجهة السياسية، وهو ما يرفضه الحوثي الذي يريد تنصيب نفسه إماما عليهم قبل غيرهم.

يتحدث سياسي يمني آخر لـ"عربي21" قائلاً: "ما يقال عن المتوكل يقال عن شريحة كبيرة من هذا التيار الإمامي، منهم حسن زيد أمين عام حزب الحق، ولهذا كتب حسن زيد قبل أيام أنه تبقى من عمره شهران، ليوافق العمر الذي توفي فيه (رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وختمه سائلا الله أن يمنحه الشهادة". في إشارة منه إلى نسبهم المتصل بمحمد رسول الله.

وفي آب/ أغسطس من العام الجاري، طالب المتوكل سلطات الرئيس هادي بسرعة الاستجابة إلى مطالب الشعب، في أعقاب دعوة زعيم جماعة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، أتباعه إلى الاحتشاد ضد السلطات في اليمن، والبدء بإنشاء مخيمات اعتصام مسلحة بمداخل ووسط العاصمة صنعاء، عقب إعلان الرئيس اليمني رفع الدعم عن الوقود.

 تتباين الآراء حول علاقته بجماعة الحوثي، إلا أن البعض يصفه بأنه "قريب من الحوثيين" يستفيدون من توجيهاته وأفكاره السياسية، خصوصا فيما يتعلق بأساليب "تفاوض الحوثيين" مع السلطات اليمنية. فهل عملية اغتياله مرتبطة بعلاقته تلك؟.

يقول الكاتب ياسين رضوان :"الدكتور المتوكل سيساهم كثيراً في تشخيص الأزمة؛ حتى لا تندلق إلى الهاوية بلا معنى، القوة لا تصنع إلا دماراً من دون العقل (المخزون العقلي) -في إشارة للحوثيين- متسائلاً بقوله هل بدأ تقطيع الأوصال؟، هل بدأ التخبط والتهويم؟.. ستكشف لكم الأيام ما أقصده".

ولفت رضوان في منشور له إلى أن "من قاموا باغتيال المتوكل، عرفوا اليد التي ستؤلم الحوثيين، ونقطة ضعفهم في مخزون من قد يحمل دور الموجِّه لهم بالخروج من الأزمات الحالكة مستقبلاً، فـ(الحالة الثورية) وحدها لا تصنع دولة، هنالك من يريد الإفساح له بامتطاء الدولة، هو من يستحقها بظنه، وسيفعل أي شيءٍ للوصول إلى ما يصبو إليه، هو الآن في الطريق إلى مراده"، على حد تعبيره.

توصف شخصية المتوكل بأنها "مناورة سياسيا"، فمرة تجده ينتقد بشدة جماعة "الحوثي" ومرة أخرى يتحول إلى "منظر فكري لأدبياتها سياسيا" في حين يبقى لديه موقف من بعض آرائهم، لاسيما بقاء "الحوثي" حركة مسلحة. غير أن ما يحمله من ضغينة للإصلاح (إخوان اليمن)، والجماعات الدينية السنية، يقول ناشط يمني، "هي القاسم المشترك بينه وبين الحوثي" . 

وتذهب بعض الآراء إلى أن "أطروحات المتوكل الفكرية والسياسية التي قد لا تلتقي بالضرورة مع جماعة "أنصار الله"، لكنه تبنى سلوك المناصرة للجماعة، من حيث حقهم في التعبير عن أنفسهم كجماعة، وإبراز فكرهم، وكذلك كان من المدافعين عن "الحركة الحوثية" إبان حروب صعدة الستة، ولديه قناعة بحقهم في الدفاع عن أنفسهم، فيما يتلاقى الطرفان عند مبدأ "التعصب الأسري" للهاشميين الذين يدعون أنهم أحفاد رسول الله".

وفي خط معاكس تماماً، تقف ابنته رضية، وهي ناشطة حقوقية، مناوئة لتوجهات وسلوكيات لجماعة "الحوثي"، التي شنت عليها هجوما على مواقفها من الجماعة، الذين تتهمهم بالتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان.

ومنذ يومين، قالت رضية المتوكل في حسابها على "فيسبوك": "الحوثيون ليسوا أكثر من بالونة، مثلهم مثل كل القوى التي تتساقط في اليمن تباعاً .. تنتفخ، أي تمتلئ بالهواء، غير أنها في فراغ ممتد يُغريها بالانتفاخ أكثر وأكثر .. ثم تنفجر بعد أن تكون قد شفطت (امتصت) من أوكسجين هذا البلد ومقوماته الكثير".

ياشبيبة (بالونة) الحوثي .. للانتفاخ نهايات موجعة إن كنتم تعلمون!، لتتلقى رضية، الخبر الموجع، وهو اغتيال والدها، الأحد، على يد مجهولين.

وكان المتوكل، قد تعرض في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، لمحاولة اغتيال فاشلة، نقل على إثرها إلى الأردن، لتلقي العلاج، نتيجة إصابته بالحادثة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال المتوكل، أمس الأحد.

رحل المتوكل ويبقى لغز الاغتيالات باليمن عصيّا على الحل.
التعليقات (0)

خبر عاجل