أثارت دعوة عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون
المصري والقائم بأعمال وزير الإعلام، إلى مقاطعة
الدراما التركية، ردود أفعال متباينة بمصر، ففي الوقت الذي أعلن فيه ممثلو فضائيات خاصة عزمهم بحث الدعوة خلال أيام، رأى نقاد أنها "غير مثمرة" في ظل الإقبال الملموس من جانب المصريين على متابعة الدراما التركية المدبلجة بالعربية.
وأرسل "الأمير"، قبل بضعة أيام، خطابا، إلى غرفة صناعة الإعلام المصري (تضم 10 فضايات خاصة)، طالب فيها القنوات الفضائية الخاصة بمقاطعة
المسلسلات التركية، احتجاجا على ما اعتبروه "هجوما غير مبرر من جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مصر في أكثر من مناسبة"، وفق الخطاب.
ورد عمرو الكحكي، أمين عام غرفة صناعة الإعلام، على خطاب الأمير قائلا: "سنجتمع عقب انقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك، لنجري تصويتا على الإجراء الذي ستتخذه 10 فضائيات مجتمعة، بشأن مقاطعة الدراما التركية"، مشيرا إلى أن "الاقتراح الذي سيصوت له الأغلبية سيكون ملزما لجميع القنوات".
وأوضح أن "هناك حلا عمليا لتعويض الخسائر المادية التي قد تنتج عن توقف العائد الإعلاني الضخم للدراما التركية، بإنتاج مسلسلات مصرية مشابهة، وتدور في ذات الفلك والخط الدرامي التركي، من حيث تقديمها لقصة رومانسية في حلقات طويلة تصور في مناطق طبيعية خلابة".
وغرفة صناعة الإعلام المصري تشكلت في يناير/ كانون الثاني الماضي، وتضم 10 قنوات فضائية مصرية خاصة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها مثل تلك الدعوات، غير أن أغلب الفضائيات المصرية لا تزال تعرض مسلسلات تركية حتى اليوم لما تحظى به من نسبة مشاهدة عالية، بحسب مراسلة الأناضول.
من جانبه قال مسعد فودة، نقيب المهن السينمائية، "بدأ الحديث عن مقاطعة الدراما التركية منذ 3 يوليو/ تموز 2013، احتجاجا على المواقف التركية تجاه ثورة 30 يونيو/ حزيران".
وأضاف: "نتبنى في النقابة هذه الدعوة منذ أكثر من عام، وخاطبنا كل القنوات الفضائية الخاصة لمقاطعة الإنتاج الدرامي التركي، لكنهم رفضوا الاستجابة بدعوى أنه لا داعي لخلط السياسة بالفن".
وتابع: "مع استمرار الأزمة أعدنا مخاطبتهم مؤخرا ولازلنا في انتظار رد منهم على دعوة المقاطعة".
فيما قال الفنان سامح الصريطي، وكيلة نقابة الممثلين: "تربطنا بالشعب التركي علاقات تاريخية ونكن كل الاحترام والتقدير لفنانيه، حتى وإن اختلفنا مع الموقف السياسي الذي يتبناه النظام التركي، تجاه الأحداث الأخيرة في مصر".
وأضاف: "لا يمكن إلزام الفضائيات الخاصة بهذه المقاطعة، كما لا نستطيع منع أي فنان مصري من المشاركة في عمل درامي تركي إذا ما طرح عليه هذا الأمر وقبله".
فيما ترى الناقدة الفنية ماجدة خير الله أن دعوة مقاطعة الدراما التركية "غير مثمرة".
وتقول: "التليفزيون المصري فقد مصداقيته تماما في الشارع، ولا يشاهده أحد، وأصبح يتذيل قائمة نسب المشاهدة في كل استبيانات الرأي؛ فما الذي ستخسره
تركيا إذا لم يعرض مسلسلاتها؟".
وأضافت: "الفضائيات المصرية الخاصة هي التي تسعى لشراء حق بث الدراما التركية، لما تتمتع به من نسب مشاهدة مرتفعة، ومن ثم حصة إعلانية تضمن دخلا محترما للقناة، وهو الشيء الذى من المستحيل أن يضحي به ملاك هذه القنوات الخاصة".
وأشارت إلى أنه "لا توجد أي سلطة على القنوات الخاصة تلزمهم بتطبيق المقاطعة الثقافية مع تركيا".
واتفق معها في الرأي الناقد طارق الشناوي وقال "زمن المقاطعة الفنية ولّى إلى غير رجعة؛ فإذا امتنعت الفضائيات المصرية عن عرض الدراما التركية، ستعرضها قنوات أخرى على القمر الصناعي (نايل سات)، وستصل أيضا لبيوت كل المصريين".
وتابع الشناوي: "الخلاف السياسي بين مصر وتركيا يجب أن يظل بعيدا عن المساحة الفنية التي تخاطب مشاعر الناس بالمقام الأول".
وأشار الشناوي إلى أن "السبيل الوحيد أمام الفضائيات المصرية للحد من تأثير الدراما التركية في مصر هو إنتاج أعمال على نفس القدر من الجاذبية والإمتاع".
من جانبه قال حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي، إن "الفضائيات المصرية الخاصة تنفق مبالغ طائلة سنويا لشراء حق عرض الأعمال الدرامية التركية".
وأضاف: "تعد مصر نقطة ترويج هامة للثقافة التركية في الشرق الأوسط وإفريقيا وامتناعها عن أداء هذا الدور، حتما سيضر بصناعة الدراما في تركيا إلى حد كبير"، حسب تقديره.
وتشهد العلاقات بين القاهرة وأنقرة توترًا منذ عزل مرسي، بلغ ذروته في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، عندما اتخذت مصر قرارًا باعتبار السفير التركي "شخصًا غير مرغوب فيه"، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، متحدثا عن الأوضاع في مصر، "في الوقت الذي تم فيه الانقلاب على رئيس منتخب من قبل الشعب (محمد مرسي)، وقتل الآلاف ممن خرجو يسألون عن مصير أصواتهم، اكتفت الأمم المتحدة والدول الديمقراطية، بمجرد المشاهدة، وأضفوا شرعية على ذلك الانقلاب".
من جانبها، أعربت الخارجية المصرية، في بيان لها، عن استيائها من كلمة الرئيس التركي، قائلة: "تابعت مصر باستياء واستنكار بالغين كلمة الرئيس التركي في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة".
واعتبرت الوزارة، في بيانها، أن تلك الكلمة "تضمنت أكاذيب وافتراءات، أقل ما توصف بأنها تمثل استخفافاً وانقضاضاً على إرادة الشعب المصري العظيم".
وعلى الرغم من التوترات بين البلدين فإنه ووفقًا لإحصائيات وزارة الثقافة والسياحة التركية، بلغ عدد المصريين الذي زاروا تركيا في الفترة من يناير/كانون الثاني حتي أبريل/نيسان الماضي، نحو 30 ألفًا و125 سائحًا، مقارنة بنحو 37 ألفًا و299 سائحًا عن نفس الفترة من العام الماضي، بنسبة انخفاض نحو 19%.
وفي المقابل زار مصر نحو 10 آلاف و606 سائحين أتراك في الفترة من يناير/كانون الثاني، حتي أبريل/ نيسان الماضي، مقارنة بنحو 25 ألفًا و289 سائحًا في الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة انخفاض 58%، وفقا لإحصاءات وزارة السياحة المصرية.