تصاعدت الأزمة بين عدد من أعضاء مجلس
نقابة الصحفيين المصريين والنقيب ضياء رشوان، وأعضاء آخرين معه، على خلفية قرار اتخذه بمنع دخول الناشط السياسي علاء عبدالفتاح إلى النقابة بذريعة توجيهه ألفظا نابية إلى "الحكم الحالي في مصر برئاسة الجنرال عبدالفتاح
السيسي"، في ندوة عقدت قبل أيام بالنقابة.
فقد اعتبر أعضاء المجلس المؤيدين للقرار أن القرار حق أصيل للنقيب منفردا في حين رأى آخرون أن النقيب ليس من حقه اتخاذ هذا القرار إلا بعد الرجوع إلى المجلس، ما أدى إلى اشتعال حرب تصريحات بين الفريقين.
وكانت لجنة الحريات في النقابة برئاسة محمد عبدالقدوس اسضافت الأربعاء الماضي علاء عبدالفتاح وعددا من النشطاء السياسيين في ندوة حول الموقف من قانون التظاهر، والدعوة لإطلاق سرح السجناء خلف القضبان من جميع التيارات، على خلفية تطبيق هذا القانون، لكن الندوة شهدت هتافات الحضور ضد العسكر والداخلية، وتوجيه سباب مباشر من علاء عبدالفتاح بحق الجنرال عبدالفتاح السيسي.
لكن رشوان أصدر قراره بمنع دخول الناشط السياسي إلى مقر النقابة. وقال في بيان أصدره الثلاثاء، إن القرار يأتي تأكيدا لرفض النقابة لسعي البعض للتدني بالحوار والخلاف السياسي الموضوعي والمحترم الذي تعود عليه أعضاؤها إلى هاوية السباب والألفاظ الهابطة البذيئة التي تأباها تقاليد النقابة، وترفضها الأخلاق المصرية، ويعاقب عليها القانون.
وأضاف أن مثل تلك الممارسات غير المسؤولة تهدد جديا وحدة الجمعية العمومية للنقابة، التي يختلف أعضاؤها حول الآراء والمواقف السياسية إلى أقصى مدى، إلا أنهم يتفقون إلى مدى أبعد حول الطريقة المحترمة والموضوعية التي تعودوا عليها في إدارة خلافاتهم.
حجج رافضي القرار
لكن خالد البلشي عضو مجلس النقابة انتقد القرار. وقال في بيان له: "أنا عضو بمجلس نقابة الصحفيين، ولم أعلم بقرار منع
علاء عبد الفتاح من دخول النقابة، ولم أشاور فيه، وفوجئت به منشورا مثل جميع من قرأوا القرار على المواقع الإلكترونية، ولا أعرف: هل هو قرار لنقيب الصحفيين منفردا مستخدما لصلاحياته النقابية، أم تم إقراره بالتمرير، والموافقة التليفونية، وبعد اكتمال النصاب لم يكن هناك حاجة لاستطلاع رأيي، وبعض الأعضاء الآخرين؟".
وأضاف البلشي: "أرفض القرار بشكله ومضمونه، خاصة أن اقتراح المنع تم طرحه من أحد الزملاء خلال جلسة المجلس الأخيرة، التي امتدت حتى الثانية والنصف صباحا بعد شكاوى وصلت للنقابة من عدد كبير من الأعضاء حول محتوى ورد بأحد الفيديوهات التي نقلت ما جرى في الندوة الأخيرة للجنة الحريات، وخلال الجلسة تجاوز مجلس النقابة الاقتراح، ولم يتم التصويت عليه، وكنت من الرافضين للاقتراح من الأساس، وبالفعل تم الاكتفاء بفقرة في بيان النقابة تؤكد أنها ستظل ساحة حرة لكل الأفكار، وأنها ترفض وتتعالى على استخدام ألفاظ بذيئة لأنها تسيء للقضية التي يتم الدفاع عنها".
ومتفقا مع البلشي، قال هشام يونس، عضو مجلس النقابة: "أرفض ما قاله علاء عبدالفتاح في نقابة الصحفيين، لأن السباب ليس رأيا، كما أرفض الطريقة التي اتخذ بها قرار منعه من دخول النقابة، لأن المجلس عقد جلسة استمرت 9 ساعات، ولم يقترح النقيب هذا القرار، خلال المناقشة، ولم يعرضه على المجلس لا تصريحا ولا تلميحا، وكان يمكنه عرضه للتصويت على المجلس، بل إن النقيب استهجن انفعال عضو بالمجلس قال عن علاء عبدالفتاح "نمنعه من الدخول" ما يعني أن النقيب لم يكن هذا توجهه الذي اتخذه في مجلس النقابة خلال المناقشة".
وأضاف: "وظني أنه لم يجد جديد منذ الجلسة، وإن حدث فكان الأولى إخطار أعضاء المجلس لكي يشتركوا مع النقيب في اتخاذ القرار أو رفضه، وبصرف النظر عن تأييد قرار المنع أو رفضه من قبل أي زميل، فإن هذا القرار حتى عرضه على المجلس يظل قرارا فرديا لا يعبر سوى عمن أصدره، لأن مؤسسة النقابة لا ينبغي أن تدار عن طريق بيانات تفاجئنا بها وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلا عن النقيب".
واستنكر محمد عبد القدوس عضو مجلس النقابة القرار، مؤكدا أن فيه تجاوزا وتعسفا.
وأضاف عبد القدوس أنه لأول مرة فى تاريخ نقابة الصحفيين أن تقوم بمنع دخول أحد النشطاء السياسيين إليها.
وذكر عبد القدوس، أن لجنة الحريات نظمت ندوة الأربعاء، وشارك فيها علاء، مضيفا أنه لم يهتم بها أحد إلا بعدها بأربعة أيام عقب انتشار كلمة علاء التى يمكن أن يكون تجاوز فيها.
كما وصف جمال عبدالرحيم، وكيل النقابة، قرار رشوان، بأنه "شو إعلامي"، مشيرا إلى أن منع "عبدالفتاح" لا يحتاج إلى قرار من النقيب، خاصة أنه ليس عضو نقابة.
وقال عبدالرحيم، في تصريحات صحفية: "علاء عبدالفتاح ليس عضوا في نقابة الصحفيين مثله مثل أي مواطن يحق لأمن النقابة منعه من الدخول، بدون الحاجة إلى قرار من مجلس النقابة أو النقيب، إذ إن هناك لافتة معلقة على باب النقابة مكتوب عليها ممنوع الدخول لغير الأعضاء".
وأوضح أن مجلس النقابة ناقش مقترح منع عبدالفتاح لكنه تم تجاوز الموضوع، ولم يتم إجراء أي تصويت على ذلك القرار، لذلك لم يكن هناك أي حاجة لقيام نقيب الصحفيين بإصدار مثل ذلك القرار.
وآراء المؤيدين
في المقابل، وقف عدد من أعضاء مجلس النقابة إلى جانب قرار رشوان، وأيدوا موقف النقيب، فقال كارم محمود، سكرتير عام النقابة، إن القرار حق أصيل لنقيب الصحفيين، وقد اتخذ تجاه شخص ليس عضوا بالنقابة، وارتكب واقعة معينة أساءت لها، وأحدثت انقساما داخل الجماعة الصحفية، وتعرضت النقابة لهجوم شديد من عدد كبير من أعضائها على إثرها.
وشدد محمود على أن النقيب هو الممثل القانوني، وهو الذي يُحاسب أمام الجمعية العمومية، وهو الذي يُسأل أمام أي جهة تحقيق في حالة حدوث أي خروج على القانون داخل النقابة، وأن حدوث أي واقعة تسيء إلى النقابة أمام المجتمع أو تسيء إلى الجماعة الصحفية هو من صميم مسؤوليته.
وفي السياق نفسه، شدد علاء ثابت عضو مجلس النقابة، على أنه لابد من أن يكون هناك انضباط للندوات التي ينظمها الزميل محمد عبد القدوس، مضيفا أن الحريات لا تعني إطلاق البذاءات من ضيوفه.
وتابع ثابت -في تصريحات صحفية- بأن نقابة الصحفيين لا تسمح بأى قيود على الحريات، وفي الوقت نفسه نرفض التطاول أو أن تستخدم النقابة كأداة لتعميق الاختلاف في الرأي العام.
وتعليق رشوان
من جهته، عاد رشوان الأربعاء للتعليق على الأمر فقال إن قراره جاء من منطلق اختصاصاته التي يكفلها له قانون النقابة، مشيرا إلى أن مجلس نقابة الصحفيين وأعضاءه غير معنيين بإصدار مثل ذلك القرار، لأنه حق أصيل للنقيب، على حد قوله.
وأضاف: "لم يبلغني أي عضو مجلس باعتراضه على قرار منع علاء عبد الفتاح من دخول مبنى النقابة، وأنا لا اعترف بالتصريحات الصحفية لأعضاء المجلس، ولكنني أنتظر أن يبلغني أحدهم باعتراضه بشكل مباشر، إذ إنني لدى قناعة بأن القرار الذي اتخذته ينبع من صميم اختصاصاتي كنقيب للصحفيين".
علاء يستنكر.. ونشطاء يتضامنون
من ناحيته، استنكر علاء عبد الفتاح قرار منعه من دخول النقابة، مشيرا إلى أنه تم منعه لنشوب مشاجرة بين أعضاء النقابة، والشعارات التي هتفت بها داخل النقابة لسان المواطنين في شوارع مصر، على حد قوله.
وقال عبد الفتاح -عبر حسابه الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك''-: "'موضوع منعي من نقابه الصحفيين دي خناقة تخص أعضاء النقابة، وعلاقتهم بمجلسهم، ماقدرش التدخل أنا فيها، وبرغم إني مش شايف إني عملت حاجة غلط بترديد شعارات معارضة غاضبة هتفنا بيها في الشوارع كثيرا، وفيه مئات المعتقلين على حسها''.
وأضاف: ''أتمنى ألا أسبب أي مشاكل لأستاذنا محمد عبد القدوس وزملائه خصوصا إنهم بيتعرضوا لضغوط رهيبة''.
وقد تضامن عدد من النشطاء الثوريين مع عبدالفتاح. وقالوا إن قرار ضياء جاء نتيجة تعليمات أمنية لفرض حصار إعلامي عليه، وتقييد كلامه كأنه ما زال داخل السجن.
وقال محمد كمال مدير المكتب الإعلامي لحركة شباب 6 إبريل، إن ضياء رشوان معروف بتأييده الكبير للنظام، مؤكدا أن قرار منعه لعلاء من دخول نقابة الصحفيين، جاء بناء على أوامر عليا من النظام.
ورجح كمال أن تتسع دائرة المنع لنشطاء آخرين سواء في نقابة الصحفيين أو خارجها ما داموا ليسوا على هوى النظام، بحسب قوله.