اختلفت ردود الفعل في
تونس إثر قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري منح رخص البث القانونية لعدد من المؤسسات الإعلامية دون أخرى، في وقت تستعد فيه السلطات لتنظيم انتخابات تشريعية نهاية أكتوبر القادم، وانتخابات رئاسية قبل موفى العام الجاري.
وكانت هيئة الإعلام، وهي هيئة دستورية تعمل على تعديل المشهد الإعلامي السمعي البصري في تونس، أصدرت بداية الأسبوع قرارا بالموافقة على إسناد رخص البث القانونية لـ4 قنوات تلفزيونية خاصة و3 إذاعات خاصة و8 إذاعات مجتمعية.
ورحب نور الدين العويديدي، مدير قناة المتوسط الخاصة التي حصلت على
الترخيص القانوني، بقرار الهيئة. وقال العويديدي على صفحته على موقع فايسبوك إن قراراتها تميزت بـ"روح المهنية والعدل والمنطق".
وأوضحت عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري رشيدة النيفر في اتصال هاتفي مع "عربي 21" أن "الهيئة اعتمدت في إسنادها هذه الإجازات إلى ثلاثة معايير؛ هي الجانب المالي والتقني والتنوع، وهي معايير سبق تحديدها ونشرها في موقع الهيئة على الانترنت قبل انطلاق دراسة الملفات ضمانا للشفافية".
وأكدت النيفر أن مطالب عديدة للحصول على ترخيص البث لم تستجب لهذه المعايير كما خالفت الشروط الإقصائية التي ينص عليها القانون.
وتمنع كراسات الشروط الخاصة بمنح الترخيص القانوني لبث الإذاعات والتلفزيونات في تونس القياديين بالأحزاب السياسية فرصة امتلاك مؤسسات إعلامية، لكنها تمنع امتلاك أكثر من مؤسسة إعلامية لـ"ضمان منع الاحتكار" على حد قول النيفر.
وتشترط الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري توضيح المؤسسات الإعلامية لمصادر تمويلها، لكن النيفر قالت لـ"عربي 21" إن ملفات عديدة تم رفضها بسبب غياب الشفافية المالية "بينما حرصت الهيئة على التثبت من مصادر التمويل لإيماننا بأن الخلط بين المال والسياسة في هذه الفترة الانتقالية سينعكس بالضرر على المشهد الإعلامي والمسار الانتقالي".
في المقابل أكد عمر حمامة، وهو المدير التقني لإذاعة "حرية أف أم" الخاصة التي لم تتحصل على رخصة البث القانونية من الهيئة، أن "إدارة الراديو التزمت بكل ما طلبته الهيئة ونحن نعمل منذ أكثر من سنة دون ارتكاب أي مخالفات".
وقال حمامة لـ"عربي 21" إن "طاقم الراديو الصحفي والتقني سيواصل اعتصامه أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، في انتظار صدور رد رسمي يفسر سبب عدم منحنا الترخيص القانوني، ويوضح مصير مؤسستنا التي تشغل عشرات الصحافيين الذين باتوا مهددين بالبطالة".
ويخشى صحافيو المؤسسات الإعلامية التي لم تتحصل على ترخيص البث القانوني فقدان مورد رزقهم بسبب غلق مؤسساتهم الإعلامية.
وعلقت النيفر على هذه الخشية بالقول إن "صاحب المشروع الإعلامي يتحمل بدرجة أولى شبح البطالة التي تواجه موظفيه لعدم تقيده بالمعايير المطلوبة".
واتهم مسؤولون بإذاعات وتلفزات لم تتحصل على الترخيص القانوني الهيئة بـ"المحاصصة وعدم الشفافية".
ويحقّ للمؤسسات التي لم تتحصل على الترخيص القانوني الطعن أمام المحكمة الإدارية، وطلب أسباب الرفض من الهيئة، لكن النيفر ترى أن "الأجدى إعادة تقديم طلب للحصول على الترخيص في الدورة القادمة، ومراجعة الإخلالات التي رفض على أساسها الملف".
وليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها قرارات الهيئة العليا المستقلة للإعلام انتقادات من أوساط إعلامية. ففي شهر تموز/ يوليو الماضي جددت نقابة مديري المؤسسات الإعلامية، التي تضم أصحاب إذاعات وتلفزات تحصلت على الترخيص القانوني في عهد نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، رفضها "القاطع" تطبيق كراسات الشروط التي أصدرتها الهيئة لتنظيم القطاع السمعي البصري خلال شهر آذار/ مارس الماضي.