مقالات مختارة

اتركوا المسلمين يقتلون بعضهم!

مازن حماد
1300x600
1300x600
كتب مازن حماد: يلاحظ بكل أسف أن الإعلام الغربي فقد في الأسابيع الأخيرة اهتمامه بظاهرة «الدولة الإسلامية»، داعش سابقاً، ليس لأن الأنظار تتركز الآن على حملة إسرائيل العدوانية المجنونة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ولكن لأن عواصم القرار وفي مقدمتها واشنطن، تنتهج كما يبدو، سياسة خبيثة وجبانة عنوانها غض الطرف عن جرائم وطموحات «الدولة الإسلامية»، في إطار استراتيجية طويلة الأمد لصب الزيت على نيران الاقتتال بين المسلمين.

ويخبرنا مسلك الغرب الذي ينفرد بصنع الرأي العام العالمي، أنه قد اتخذ قراراً بالاستقالة من مسؤولياته وترك المسلمين يقتلون بعضهم البعض في سوريا والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها.

ومن الملاحظ أن إدارة باراك أوباما لقضية الصراع مع الحركات الجهادية، تتأسس الآن على عدم المبادرة إلى إطفاء الحرائق الإسلامية، والمساهمة بدلاً من ذلك، في تأجيجها وتوسيع رقعة لهيبها قدر الإمكان. وتؤيد معظم الدول الأوروبية هذا المفهوم الذي يعفيها ويعفي الولايات المتحدة أيضاً، من بذل الجهد والمال، ومن الخسائر البشرية المترتبة على إرسال قوات أميركية أو أوروبية للقتال في الخارج.

ولم تعد المكاسب المتتالية التي تحققها «الدولة الإسلامية» تشكل أي حافز للتصرف، في إشارة أخرى إلى اتباع الغرب موقف النأي بالنفس عن دخول «عش الدبابير» مرة أخرى. أما الدول العربية التي تنتشر ميليشيات داعش أو خلاياه النائمة في أراضيها، فلا نظن أنها قادرة وحدها على صد المخاطر المترتبة على تمدد هذا التنظيم الذي يحمل خلال زحفه، تفسيراً ظلامياً هو الأشد تطرفاً وقسوة، للشريعة الإسلامية.

وفي الآونة الأخيرة نفذ التنظيم العديد من المهمات المرعبة وأهمها إفراغ مدينة الموصل من سكانها المسيحيين بالقوة، وتفجير المساجد والمراقد والرموز النصرانية والشيعية ذات الجذور التاريخية في المدينة، وإعدام آلاف الجنود والأسرى في الشوارع، وإصدار جوازات سفر وصحف باسم «الدولة الإسلامية»، كما تمكن من دحر قوات النظام السوري في الرقة والاستيلاء على قاعدة استراتيجية في المنطقة تحتوي على كمية هائلة من الأسلحة والذخائر.

ورغم ذلك التزم الغرب الصمت المطبق معطياً «دولة الخلافة» الفرصة لمضاعفة المساحات الشاسعة التي تسيطر عليها في سوريا والعراق، ولاجتذاب أعداد كبيرة من مقاتلي المعارضة السورية إلى صفوفه، كما أعلنت الأمم المتحدة نفسها.

مَنْ إذن يوقف تنظيم «الدولة الإسلامية» عند حده، ذلك التنظيم الذي ألحق هزيمة مذلة بالجيش العراقي، وبعده بالجيش السوري؟!

(عن الوطن القطرية)
التعليقات (0)