لاحظت رولا خلف في صحيفة "فايننشال تايمز" أن حركة
حماس ومقاومتها للهجمة
الإسرائيلية على غزة لم تعد أولوية في العالم العربي الجديد.
وقالت في تقرير لها على الصحيفة: "صور الأطفال الذين يموتون في غزة تحتل عدسات التلفاز في العالم العربي، وشجب العملية الإسرائيلية يحتل صفحات الجرائد ومواقع الإنترنت ولكن شيئا تغير في الحرب الأخيرة التي يشهدها الشرق الأوسط، والتي قتل فيها على الأقل 683 فلسطينيا و31 إسرائيليا وما يلاحظ هو أن الشجب من الحكومات العربية بدا صامتا فيما تم التعتيم على الغضب الشعبي.
وترى الكاتبة أن هذا لا يعني تراجع القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب، ولكن الاضطرابات التي تنتشر في كل أنحاء المنطقة والتي خففت من حدة الخسائر الفلسطينية، جردت - على حد قول الكاتبة- الجماعات الإسلامية بمن فيها حماس من التعاطف الشعبي. ومن هنا فمن سارع لإنقاذ حماس هم قلة في المنطقة كما تقول.
وقالت إن الصحافة الرسمية في كل من السعودية ومصر لم تلم إسرائيل فقط على الهجوم بل والجماعات الإسلامية أيضا.
ولم يخف التحول في الموقف العربي تجاه فلسطين على إسرائيل التي وسعت من حملتها البرية، فهي وإن كانت في صالح إسرائيل على المدى القصير إلا أنها تعقد جهود الخروج من الأزمة التي تحتاج إليها إسرائيل.
ونقلت عن غسان الخطيب، المسؤول الفلسطيني السابق الذي يدرس الآن بجامعة بيرزيت "الظروف الآن مختلفة، فهناك مشاكل ليست أقل أهمية من غزة سواء كانت في العراق أو سوريا وليبيا". مضيفا "ولكن هناك عنصر يدعو للحزن: فهذه هي المرة الأولى التي تجد غزة نفسها وسط صراعات إقليمية خاصة بين
مصر وقطر، وهذا يضعف العرب.
وأضاف الخطيب: "أصبح قتل المدنيين الآن جزء من الحياة اليومية في المنطقة. في سوريا فقد قتل فيها خلال الثلاث سنوات الماضية أكثر من 150.000 شخص معظمهم من المدنيين. وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا 700 قتيل هذا الإسبوع سقطوا على مدار يومين. وفي العراق قام الجهاديون المعروفون بوحشيتهم بالسيطرة على قلب مناطق السنة مما يشعل فصلا جديدا في الحرب الطائفية الدموية".
وأشارت لما كتبه غسان شربل رئيس تحرير صحيفة "الحياة" السعودية الذي عبر عن حزنه لتراجع القضية الفلسطينية كقضية مركزية.
فقد كتب "الحرب في غزة تدور في منطقة مختلفة اليوم".
وما يهم إسرائيل أكثر ليس الموقف الشعبي المخفف مما يجري في غزة ولكن تحالف دول معروفة بعدائها للإسلاميين معها. ونتيجة لذلك وخلافا للمواجهات السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فلا يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط شديدة لوقف الهجوم.
وتقول خلف: "من أهم أعداء حماس العرب هي مصر التي كانت مركز القوة في المنطقة، ولعبت دورا مؤثرا على كل من حماس وإسرائيل، فمصر تتعامل مع الهجوم الإسرائيلي على غزة من خلال منظور صراعها الداخلي مع الإخوان المسلمين. فلم تعد مصر التي يقودها قائد الجيش السابق قادرة على لعب دور الوسيط النزيه وهو الذي يخوض حملة شرسة ضد الإخوان المسلمين ويريد سحقها".
وقد رفضت حماس المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار مباشرة بسبب رفض مصر الاستجابة لمطالبها التي تدعو لفتح المعابر البحرية والبرية ورفع الحصار عن غزة وإطلاق سراح المعتقلين من حماس. وخلافا لهذا فقد انضمت مصر لإسرائيل من أجل تشديد الحصار على غزة وأغلقت الأنفاق ومعبر رفح.
وتعتبر مصر جزءا من محور إقليمي معاد للإسلاميين ويضم السعودية والإمارات العربية المتحدة وهو التحالف الذي يقود حملة ضد قطر الداعمة للإسلاميين. وكان أمير دولة قطر قد التقى في لقاء نادر مع الملك عبدالله، عاهل السعودية ولكن لا يعرف إن كانت نتيجة هذا اللقاء ستؤدي لجسر الهوة بين الدول العربية والتعاون في غزة.
وتحذر الكاتبة من مخاطر تصعيد النزاع بسبب الانقسام الإقليمي والذي قد يخرج عن يد حماس وإسرائيل.
وفي أي اتفاق وقف إطلاق نار، إسرائيل بحاجة من مصر لإظهار نوع من المرونة تجاه حماس. فإسرائيل ترغب من مصر غير المستعدة لتخفيف الحصار تقديم عرض يمنح سكان غزة فرصة للتنفس. ومن هنا ترى الكاتبة إن الخلافات العربية قد تكون عائقا آخر لإطفاء حريق غزة.