رياضة دولية

رحيل "السهم الأشقر" المدريدي الفريدو دي ستيفانو

الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو مهاجم ريال مدريد سابقا - أ ف ب
الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو مهاجم ريال مدريد سابقا - أ ف ب
لم يتمكن الفريدو دي ستيفانو الذي وافته المنية الاثنين عن عمر 88 عاما من الثبات في الدفاع عن ألوان دولة واحدة بعد أن لعب للأرجنتين وإسبانيا على الصعيد الدولي، لكنه كان شديد الوفاء لريال مدريد الإسباني.

فدي ستيفانو المولود في الأرجنتين لعب لوطنه الأم سبع مباريات دولية قبل أن ينتقل إلى كولومبيا ومنها إلى اسبانيا ليسطّر مع ريال مدريد إنجازات تاريخية، خصوصا في كأس أبطال الأندية الأوروبية، حيث قاده إلى الفوز باللقب في السنوات الخمس الأولى.

ويوصف دي ستيفانو بـ"اللاعب الكامل"، ولو قدر له المشاركة في إحدى كؤوس العالم لنافس أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه على لقب أفضل لاعب في العالم دون شك.

ورفضت الأرجنتين المشاركة في كأس العالم عامي 1950 و1954، ولم تتأهل إسبانيا إلى المونديال عام 1958. 

ولما نجحت في ذلك في كأس العالم التالية في تشيلي عام 1962، أصيب دي ستيفانو قبل انطلاق المسابقة بقليل، ولم يخض بالتالي أي مباراة.

ولد دي ستيفانو في 4 تموز/ يوليو عام 1926 في بوينس ايرس ملتقى المهاجرين من القارة الأوروبية. وحط والد دي ستيفانو الإيطالي الأصل والمولود في كابري ويدعى مثله الفريدو الرحال في مرفأ بوينس ايرس، عندما كان يافعا، حيث تعرف على فتاة إيطالية أيضا وتزوجها عام 1920.

ومارس الفريدو الوالد كرة القدم أيضا ولعب في صفوف ريفر بلايت أحد أكبر أربعة أندية في الأرجنتين. 

لكن زوجته لم تكن متحمسة أبدا لهذه اللعبة لذا فإنها حرمت ابنها من ممارسة هوايته كباقي أترابه وطلبت من الزوج أن يحثه على العمل في أحد المزارع التي يملكونها عندما بلغ السادسة عشرة. 

لكن الفريدو الصغير كان يلعب كرة القدم بالخفاء، ونجح في دخول أحد المعسكرات التدريبية في نادي ريفر بلايت بالذات في آذار/ مارس 1944. 

فنجح في حجز مكانه له في الفريق الرابع للنادي.

ولفت دي ستيفانو الأنظار بسرعة، وبعد ستة أشهر خاض أول مباراة له مع الفريق الأول في الثامنة عشرة من عمره ضد سان لورنزو.

ولم تسر الأمور كما يشتهي دي ستيفانو، فأعيد إلى الفريق الرابع، لكنه أعرب مرارا وتكرارا عن انزعاجه من عدم منحه الفرصة الكاملة لإثبات جدارته، وزاد الطين بلة معرفته بأن اللاعبين الآخرين في الفريق يتقاضون أجرا شهريا في حين لم ينل هو أي فلس لأن والده كان ميسورا.

إزاء هذا الوضع اتصل دي ستيفانو بنادي هاريكاين فلم يتردد مسؤولو النادي بضمه حيث خاض موسما كاملا خاض فيه 25 مباراة وسجل 14 هدفا عام 1946.

وأيقن مسؤولو ريفر بلايت خطأهم بالتخلي عنه، وأعادوه إلى صفوف الفريق، وبات أساسيا في خط الهجوم. 

وفي أول موسم معه قاده إلى إحراز بطولة الأرجنتين، وتوج هدافا للدوري قبل أن يتوج بطلا لكأس الأمم الأميركية الجنوبية مع منتخب بلاده.

وتوقف بزوغ نجم دي ستيفانو بسبب إضراب اللاعبين الأرجنتينيين الذي استمر أشهرا من صيف 1948 إلى نيسان/ أبريل 1949. 

وكان اللاعبون يطالبون بقانون يحدد واجباتهم وحقوقهم.

وبعد التوصل إلى اتفاق قام ريفر بلايت بجولة أوروبية، ولدى العودة إلى الأرجنتين عاد الخلاف بين اللاعبين من جهة ومسؤولي الاتحاد الأرجنتيني وأصحاب الأندية من جهة أخرى الذين رفضوا احترام القانون الجديد. 

وعندما تقدم دي ستيفانو من رئيس النادي ليبرتي ليحصل على حقوقه رد عليه الأخير: "إذا لا يعجبك الأمر في ريفر بلايت أستطيع أن أبيعك إلى تورينو".

ولأن دي ستيفانو يتمتع بكبرياء عال ولا يتحمل الملاحظات، فإنه لم يتردد في ترك الأرجنتين وتوجه إلى كولومبيا في 9 آب/ أغسطس 1949 برفقة زميله الدائم نستور روسي، وانضما إلى نادي ميلوناريوس.

وبعد أن رفع الحظر على الأندية الكولومبية عام 1951، توجه ميلوناريوس إلى إسبانيا ليخوض دورة دولية ينظمها ريال مدريد. 

وقدم دي ستيفانو عروضا رائعة في الدورة، ولفت اأنظار رئيس نادي ريال مدريد سانتياغو برنابيو (يحمل ملعب ريال مدريد اسمه) فبدأ الأخير محاولات لضمه نجحت بعد حوالي سنة تماما، لكن بعد صعوبة بالغة.

فدي ستيفانو كان لا يزال قانونيا ملكا لريفر بلايت، لكنه فعليا يلعب في صفوف ميلوناريوس. 

وما زاد من صعوبة المهمة أن برشلونة منافس ريال مدريد اللدود كان يملك الأفضلية لدى الناديين في حال أراد الاستغناء عن أحد اللاعبين. 

ودخل الناديان الإسبانيان في حرب ضروس لضم اللاعب، ووصل الأمر إلى الاتحاد الإسباني الذي بت بالأمر، بحيث يلعب دي ستيفانو موسما مع ريال مدريد وآخر مع برشلونة.

لكن برنابيو نجح في إقناع رئيس برشلونة مارتي بالتخلي نهائيا عن اللاعب عندما أرسل بعض جواسيسه الذين أقنعوا الأخير بان دي ستيفانو لن يتفاهم بسهولة مع نجم برشلونة المجري لاديسلاو كوبالا.

وهكذا كان فقد انضم دي ستيفانو رسميا إلى ريال مدريد صيف 1953، وخاض أول مباراة رسمية له ضد نانسي الفرنسي في 3 أيلول/ سبتمبر. 

وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته ضرب دي ستيفانو أول ضربة عندما قاد ريال مدريد إلى فوز ساحق على برشلونة 5-صفر، وسجل هدفين ومرر ثلاث كرات جاءت منها الأهداف الثلاثة الأخرى. 

وفي الموسم ذاته، أحرز ريال مدريد بطولة إسبانيا للمرة الأولى منذ 1933.

وبدأت علاقة دي ستيفانو بريال مدريد التي استمرت 11 عاما، وشهدت سيطرة مطلقة للنادي الإسباني العريق محليا وأوروبيا. 

ولعب دي ستيفانو 541 مباراة في صفوف ريال مدريد، وسجل 441 هدفا، وأحرزه معه بطولة إسبانيا 8 مرات، وبطولة أوروبا خمس مرات متتالية خاض فيها الفريق 37 مباراة، فاز في 27 منها، وتعادل في أربع وخسر ستا، وسجل 112 هدفا ودخل مرماه 44. 

كما اختير أفضل لاعب في الدوري خمس مرات.

ولم يكن دي ستيفانو يتمتع بفنيات عالية، بل بلياقة بدنية عالية مكنته من أن يكون شعلة نشاط في الملعب، ونال الكرة الذهبية لأفضل لاعب في أوروبا بحسب مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية المتخصصة في كرة القدم عامي 1957 و1959، كما أنه نال الكرة الذهبية السوبر في الاستفتاء التي أجرته المجلة ذاتها بين جميع حاملي هذه الجائزة/ وبينهم الألماني فرانتس بكنباور والهولندي يوهان كرويف والإنجليزي بوبي تشارلتون وغيرهم.

واعتزل دي ستيفانو في 8 حزيران/ يونيو 1967 في مباراة ضد سلتيك الاسكتلندي، حيث خرج بعد ربع ساعة من بداية المباراة، ولوح له 130 ألف متفرج بمناديلهم البيضاء، وذرفت الملايين الكثير من الدموع.
التعليقات (0)

خبر عاجل